أسئلة ما بعد حلب…؟ حميدي العبدالله
لا شك أنّ أسئلة كثيرة تطرح عن مرحلة ما بعد حلب في سورية. حلب التي انطوت على كلّ رهانات الدول والجهات التي انخرطت في الحرب على سورية من أجل تحقيق أهدافها، سقطت رهاناتها ما بعد تحرير الأحياء الشرقية وتوحيد شطري حلب تحت سيطرة الدولة السورية التي تستعيد المزيد من الأراضي التي كانت قد خسرتها لحساب القوى المنخرطة في الحرب عليها.
الأسئلة المطروحة حول مرحلة ما بعد حلب بعضها أسئلة ذات طابع عسكري، وبعضها أسئلة سياسية.
الأسئلة ذات الطابع العسكري مثل:
ـ أين يتجه الجيش السوري وحلفاؤه بعد حلب؟ هل يتجهون نحو محافظة إدلب بعد التمهيد الروسي قبل أيام، ولا سيما لجهة إصدار الرئيس الروسي أوامره للقيام بعملية عسكرية واسعة في ريف إدلب؟
ـ هل يتجه الجيش السوري نحو الباب لحسم المعركة هناك، وهل ثمة احتمال لنشوب حرب مباشرة بين الجيش السوري وحلفائه والجيش التركي الذي غزا بعض المناطق الواقعة في ريف حلب الشمالي، وهل يجرؤ أردوغان وحكومته على خوض مواجهة مع الجيش السوري وحلفائه، وهو الذي يواجه مقاومة كردية عسكرية واسعة داخل تركيا، ومعارضة سياسية وشعبية ينخرط فيها نصف الأتراك، وتحفظ من حلفاء تركيا الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة من سياسات أردوغان؟
ـ هل تتجه القوة الرئيسية التي ستفرغ من معركة حلب، ولا سيما قوات النخبة باتجاه دير الزور لفكّ الحصار عنها ووضع حدّ للمأساة التي يعيشها سكان هذه المدينة؟
إذا كان واضحاً أنّ الجيش السوري معنيّ الآن باستكمال تحرير ما تبقى من الأحياء الشرقية من حلب، وإبعاد الإرهابيين عن محيطها الغربي الجنوبي على نحو يحول دون تساقط قذائفهم على الأحياء الآمنة، فإنه من الصعب تحديد وجهة الجيش السوري وحلفائه ما بعد حلب، وهل سيفتح معركة واحدة أم عدة معارك في آن.
الأسئلة السياسية تنصبّ في غالبيتها حول ما سيكون عليه الوضع الإقليمي والدولي. وما إذا كانت الدول التي انخرطت في الحرب على سورية، سوف تواصل هذه الحرب، أم أنها ستعيد النظر بسياساتها بعد فشل رهاناتها وتحوّل الحرب إلى حرب استنزاف لها، كما هي حرب استنزاف للدولة السورية وحلفائها.
إذا كان من الصعب الإجابة على الأسئلة المتعلقة بمراجعة الدول المنخرطة في الحرب على سورية سياساتها، ولكن من الواضح أنّ وضعاً دولياً سوف يتشكّل في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة متزامناً مع تحرير حلب يختلف جذرياً عما كان سائداً في السنوات الست الماضية، والمقصود هنا التغيير الذي شهدته الولايات المتحدة مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمال وصول فرنسوا فيون إلى الأليزيه في فرنسا.
(البناء)