بقلم غالب قنديل

مخاض تطبيق الطائف – 2

غالب قنديل

تصلح حادثة انسحاب الرئيس الحريري لتلافي مصافحة السفير السوري في لبنان خلال حفل استقبال الاستقلال في القصر الرئاسي مدخلا مناسبا للنقاش في أحد اهم محاور تطبيق اتفاق الطائف والأمر أيضا يتعلق بثنائي المستقبل والقوات اللبنانية الذي يطبق الاستنساب السياسي في التعامل مع بنود اتفاق الطائف بصورة نافرة لا يسترها الصياح المستمر عن ضرورة تنفيذه الذي يشدد عليه الرئيس ميشال عون.

اولا اعتبر اتفاق الطائف ان العلاقة المميزة مع سورية هي الالتزام الميثاقي المجسد لعروبة لبنان بهويته وانتمائه وتضمن الاتفاق معادلة الالتزام بألا يكون لبنان ممرا أو مقرا للمس بأمن سورية واستقرارها والحقيقة ان تيار المستقبل وحزب القوات يجسدان خرقا جاريا للطائف في هذا المجال فهما يمنعان قيام علاقات تعاون ثنائية مع الدولة السورية التي شاركا بقوة في التآمر عليها وقدما خدمات سياسية ولوجستية وإعلامية لعصابات التكفير التي جندتها دول الحلف الدولي الإقليمي التي تآمرت على سورية وهما جعلا من بعض المناطق اللبنانية ممرا ومقرا للإرهاب الذي ضرب سورية وسهلا قيام غرف عمليات إعلامية وسياسية لتلك الخطة الجهنمية التي ارتدت على لبنان وتصدى لها حزب الله والجيش اللبناني رغم العراقيل القواتية والحريرية.

من اطلق شعار فليحكم الأخوان واجرى اتصالا بقادة الجماعات التكفيرية الإرهابية سواء من زمرة الجيش الحر ام من جبهة النصرة تحت رعاية قطر والسعودية وتركيا ومن وزع وعود جيفري فيلتمان بسقوط سورية ومن لا يزال يعمم ذلك الوهم سياسيا وإعلاميا غير آبه بالمصلحة الوطنية اللبنانية او باعتراف واشنطن بخيبتها ؟

ثانيا يتصرف الرئيس ميشال عون مع هذا البند الميثاقي بكل وضوح وواقعية وكان استقباله للموفد الرئاسي السوري تعبيرا عن رؤيته المتصلة بمصلحة لبنان في التعاون مع الدولة السورية في جميع المجالات وانطلاقا من البعد الدستوري لمسؤوليات الرئاسة اللبنانية في رعاية علاقات الدولة الخارجية وما تطرحه من مصالح والتزامات .

إن القوى السياسية التي تعرقل التنسيق العسكري والأمني اللبناني السوري في مجابهة التهديد الإرهابي المستمر تقدم خدماتها للتكفيريين دون سواهم والقوى التي تكرس جهودها للتحريض ضد حزب الله ودوره في مقاتلة الإرهاب على الأرض السورية تعمل ضد مصلحة لبنان وامنه واستقراره ناهيك عن كونها لم تمارس أي اعتراف واقعي بخطأ ما ذهبت إليه من التورط في العدوان على سورية وما قامت به من تحريض للشعب اللبناني ومن استغلال لمأساة النزوح السوري ومن ضلوع في مخطط تدمير دولة شقيقة لا يمكن للبنان كما بينت التجارب أن يتجاهل حاجته لأفضل العلاقات معها … لتلك القوى تسمية وهوية وهي القوات اللبنانية وتيار المستقبل اللذين سيكون عليهما التكيف مع خيار رئيس الجمهورية المجسد للمصالح اللبنانية العليا.

ثالثا يفرض اتفاق الطائف على المسؤولين اللبنانيين التقيد بالاتفاقات اللبنانية السورية التي عقدت بين الدولتين وإن كانت لدى أي كان اعتراضات على بنودها فطريقه تمر بالمؤسسات الدستورية وبالقنوات الثنائية بين الدولتين وغير ذلك هرطقة وعلى السيد جعجع والرئيس الحريري ابتلاع رهانهما الفاشل على القاعدة وداعش وليس من شان أي جهة لبنانية التدخل في طبيعة الحكم السوري إذا كانوا يواظبون على انتقاد ما يصفونه بالتدخلات السورية التي سخرت فعليا لمصلحة الحريرية طيلة حقبة ما بعد الطائف اما اليوم فثمة دولة وطنية سورية قائمة وصامدة فشلت جميع الرهانات على إسقاطها وهي موجودة وممثلة في الأمم المتحدة وفي معظم عواصم العالم كما في لبنان وعليهما التكيف مع هذه الحقيقة التي لا تغير فيها التصرفات المخالفة للدستور والخارجة عن سلوك رجال الدولة كما حصل يوم امس.

محاصيلنا الزراعية وعلاقاتنا العربية ومصالحنا الأمنية والدفاعية الوجودية في مواجهة الكيان الصهيوني وعصابات التكفير واعباء النزوح على البلد هي بعض عناوين تقتضي من أي جهة مسؤولة التواصل مع الدولة السورية ومؤسساتها لا تخريب ذلك التواصل وفرض القطيعة التي توازي اختناق لبنان وتعريضه للكثير من الأضرار والمخاطر والرئيس ميشال عون مدرك لتلك الحقائق ويتصرف بموجبها وهو صاحب منطق الانفتاح والتعاون داخليا وإقليميا والأدعى بمن يريد ممارسة المسؤولية العامة او المشاركة في حملها ان يتكيف مع نهج رئيس الجمهورية في إدارة ملف العلاقة اللبنانية السورية وسواه عملا باتفاق الطائف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى