بقلم غالب قنديل

ترامب والكيان الصهيوني

غالب قنديل

يمثل مبدأ الانحياز المطلق الى الكيان الصهيوني قاعدة محورية في العقائد الاستراتيجية الاميركية وتوجها ثابتا لدى المؤسسة الحاكمة الاميركية .

لذلك وعلى الدوام التزم رؤساء الولايات المتحدة بدعم الكيان الصهيوني ومده بكل مستويات الدعم العسكري والمالي بوصفه القاعدة العسكرية المتقدمة للهيمنة الاميركية والمخلب الحاضر للعدوان على الحكومات والحركات المتمردة والعاصية في الشرق العربي .

الالتزام بتقوية اسرائيل وتعزيز مكانتها وامكاناتها مثل عنصرا مشتركا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وقد أجمع على تبنيه سائر مرشحي الرئاسة الاميركية وتجربة باراك اوباما في هذا المجال تشير الى خضوع تام لأولوية اعتبار اسرائيل القاعدة المركزية الحامية والضامنة للهيمنة الاميركية وللنفوذ الاميركي في المنطقة باعتبارها الاحتياط الاستراتيجي الذي تستند اليه الولايات المتحدة وتحركه وتدعمه في حروبه ونشاطاته الاحتلالية والعدوانية ضد البلاد العربية وعلى ارض فلسطين المحتلة التي توصف بالبارجة الاميركية الثابتة.

شكل موقف اللوبي الصهيوني ودوره عنصر التاثير الرئيسي في الانتخابات الاميركية وعلى الرغم من مساندة الايباك لمنافس باراك اوباما وماتردد عن خلافاته مع نتنياهو ورغم سعيه المتعثر لتكوين لوبي صهيوني مناهض لليكود تثبت الارقام والوقائع ان ادارة اوباما تخطت جميع سابقاتها بما قدمته للكيان الصهيوني من دعم مالي وعسكري ومساندة سياسية لكنها رفضت التجاوب مع محاولات توريطها بخوض حرب ضد ايران انطلاقا من توازن القوى الذي اختبره جنرالات البنتاغون اكثر من مرة قبل الموافقة على الاتفاق النووي.

وعلى الرغم من دعم اللوبي الصهيوني بقوة لمنافسته هيلاري كلينتون ذهب ترامب الى اقصى مستويات الدعم السياسي لاسرائيل عبر التزامه بتكريس القدس المحتلة عاصمه للكيان الصهيوني مما يجسد حرارة التزامه بمبدأ العلاقة العضوية مع الكيان الصهيوني الذي تلتزم به سائر اطراف النخبة الحاكمة الاميركية وفي هذه الظروف ومع تراجع النفوذ الامبراطوري الاميركي في المنطقة وفي العالم يصبح التمسك بالعلاقة مع اسرائيل وبدعم اسرائيل عنصرا حيويا وحاسما اكثر من اي وقت مضى.

ان ترامب كرئيس للولايات المتحدة التي هي امبراطورية استعمارية مهيمنة في المنطقة سيعمل كل ما لديه لدعم القاعدة الاساسية للهيمنة الاميركية التي هي الكيان الصهيوني.

ان العامل الذي تغير بسبب المأزق الاميركي والعجز عن احتمال المزيد من الحروب ومنذ ولاية اوباما هو ان الولايات المتحدة ورؤساءها لن يكونوا قادرين على مجاراة نزعة القادة الصهاينة لشن الحروب خصوصا وقد برهنت حروب اسرائيل الاخيرة على ان الاعباء الفعلية ستقع على الكاهل الاميركي .

العقيدة المتمثلة باعتبار اسرائيل القوة المركزية والقاعدة الرئيسية في المنطقة التي تضمن هيمنة الولايات المتحدة ومصالحها ومواقع نفوذها هي قاعدة حاكمة لأي ادارة اميركية اما شن الحروب لمصلحة اسرائيل وفي خدمتها فهذا امر تراجع بسبب التوازنات والتحولات التي جعلت الولايات المتحدة في الظروف الحاضرة ولسنوات مقبلة على الاقل عاجزة عن تحمل اكلاف حروب جديدة وهذا أمر ناتج عن صعود القدرة والحضور الروسيين في المنطقة انطلاقا من سورية وعن تعاظم محور المقاومة وقدراته الرادعة وارتفاع تكاليف المغامرات العسكرية الاميركيةالصهيونية وليس لأي سبب اخر.

من هنا فان ترامب الداعم للكيان الصهيوني والمتبني لمبدأ حماية هذا الكيان وتقويته وتعزيز قدراته العدوانية هو نفسه ترامب الرافض لحروب جديدة تماما كسلفه اوباما لاسيما وان الولايات المتحدة ومنذ حرب تموز هي من يتحمل اعباء وتكاليف حروب اسرائيل.

الاوهام الفلسطينية المستمرة والرهان الغبي على دور اميركي يصنع تسوية او يفرض على اسرائيل شيئا ستخيب من جديد فالولايات المتحدة برئاسة ترامب ستكون مصممة على حماية اسرائيل و دعم اسرائيل وتبني منطقها السياسي وفي الحد الاقصى ستدفع القيادات الفلسطينية السائرة في خط اوسلو لانتزاع مزيد من التنازلات لحساب الكيان الصهيوني في قنوات التنسيق الامني وللعمل على ضرب حركات المقاومة ولإخماد الانتفاضة الفلسطينية..

مجددا الطريق الى فلسطين هو طريق المقاومة والانتفاضة وليس من مجال لأوهام الحالمين بدور اميركي مختلف في موضوع الصراع العربي الصهيوني فالولايات المتحدة وايا كان رئيسها هي في منطقتنا اسرائيلية الهوية والانتماء لان هذه القاعدة الاستعمارية انشئت ودعمت وجرت حمايتها لإخضاع شعوب المنطقة للهيمنة الاميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى