ترامب ليس دخيلا على الحالة الامريكية بل هو استمرار لها: اسحق ليئور
كنت سأقدم التقارير حول الانتخابات الامريكية لو كانوا أرسلوني الى الشوارع التي تجولت فيها في شتاء 1973 من نيويورك الى بوسطن، شيكاغو والجنوب، تكساس مغطاة بالثلوج، مجرمون وأشخاص جيدون قاموا بنقلي، وذلك الذي سمع “اسرائيل” رد قائلا “جيد، أنا قتلت اشخاص ايضا في فيتنام”. وقمنا بالتدخين والغناء وتعلمت عن “اليانكيين الذين يبنون محطات الوقود في كل شارع″، وأن الحرب الاهلية لم تنته أبدا.
لقد تدحرجت من توسون حتى بيركلي، تماما بعد أن قامت شاحنات هيرست بتوزيع الغذاء الذي تم ابتزازه من الناشر لصالح أوكلاند، حينها عندما كان من المفروض أن يطلق الخاطفون سراح الرهينة، أعلنت الحفيدة بأنها لا تريد التحرر، وامتلأت بيركلي باللافتات المكتوب عليها “باتي، نحن نحبك”. حرب اهلية متواصلة: الصراع ضد حرب فيتنام ووترغيت.
امريكا التي تخصنا هي أسيرة الكذبة الامريكية، وكأن تقليص الفرص هو أمر ديمقراطي. ولكن كلما ازدادت التناقضات كلما ازدادت قوة سياسة “الهوية” (سواء ديمقراطي أو جمهوري). الهويات – رموز بدل المواضيع – هي نتيجة التكاثر الذي لا يجد لنفسه تمثيل. واحيانا يبدو وكأن اسرائيليين يُشبهون الانتخابات كفرصة للانتصار على بنيامين نتنياهو ويتجاهلون تسريبات “ويكيليكس″ (وثائق بودستا). إلا أنه حسب رأي ضحايا الطريقة، قوتها، علاقاتها متعددة القوميات والمصالح التي تسيطر عليها، حقيقة لا يوجد فرق بين المرشحين. سياسة الهويات “اليسارية” بعد الميراج لبراك اوباما هي استهزاء.
وبالنسبة للضحايا الكثيرين للطائرات بدون طيار في وزيرستان، اللوبيين أو ضحايا الموصل، هناك يدفع الامريكيون الى تحالف يوم الحساب، ومذبحة جماعية، لا يوجد فرق كبير بين المرشحين.
ايضا بالنسبة لملايين الامريكيين لا يوجد فرق. مثلا في بداية الثمانينيات كان عدد السجناء هناك 330 ألف سجين. واليوم يوجد أكثر من 2.3 مليون سجين، وهم ربع سجناء العالم. واحد من كل ثلاثة شباب سود يوجد تحت رقابة معينة للقانون. 8 سنوات لاوباما لم تستطع وقف هذه الماكينة ولم تقلص الفقر المتزايد.
كتب حامي شيلو في “هآرتس″ في 4/11: “الجموع تميل الى تصديق الاكاذيب الكبيرة لأنهم لا يستوعبون حقيقة أن هناك من يشوه الواقع بشكل متعمد”. هذا هو عالم التشبيهات الذي نعيش في ظله جميعا، وهو يبتعد عن الديمقراطية. وهذا هو السم الذي نشرته امريكا على مدى عقود: التشبيهات بدل السياسة.
عندما كتبت الدراما الامريكية لاول مرة تم اختراع شخصية موز، رجل الاطفاء والبطل الشعبي. وهو شاب جيد تحدث ببساطة “الشعب كان مثله”. ولكن السيد بقي جنتلمان، ديمقراطي أو جمهوري، أزرق أو رمادي، وفي النهاية تزوج من العذراء الجميلة.
ان التحول في عالم التشبيهات لم يأت مع دونالد ترامب، بل مع الليبراليين الجدد (بالتوازي مع رونالد ريغان، لزيادة عدد السجناء وتعميق الفقر). الشخصية الحقيرة الاولى التي تعلم الامريكيون حبها كانت “جي.آر” في مسلسل “دالاس″. إنه أبو ترامب، يانكي وسيد.
لماذا إذا من الافضل أن يُهزم؟ إنه المحتوى الجديد للديمقراطية: عودة على الاكاذيب وتحويل مجاري “الشبكات الاجتماعية” الى سياسة الرؤساء، وتأجيج الكراهية والتحريض.
هآرتس