هل يخرج المسلحون من حلب؟ حميدي العبدالله
تعثّرت الخطة الروسية لإخراج المسلحين من حلب، وفشلت مساعي الجيشين السوري والروسي في إقناع المسلحين بالانسحاب من المدينة، والسماح للمدنيين الراغبين بالانتقال إلى مناطق جديدة بالخروج من الأحياء الشرقية.
لو ترك الأمر للمسلحين المسيطرين على الأحياء الشرقية، فالأرجح أنهم يفضلون خيار الانسحاب على غيره من الخيارات، فهذه الأحياء باتت محاصرة بقوة، والرهان على فك الحصار عنها بات أقرب إلى المعجزة، وما لدى المسلحين من عتاد ومواد غذائية تعيلهم وتعيل آلاف المواطنين الذين لا زالوا يقيمون في الأحياء الشرقية لا تؤهّلهم للصمود فترة طويلة فضلاً عن الرهان على كسب المعركة. وعلى الأقلّ مصلحة المسلحين خروج المدنيين كي لا يكونوا عبئاً عليهم، ولكن الحاجة إلى استخدامهم كدروع بشرية، وإثارة ضجة إنسانية تطلبت الإصرار على حجز المدنيين ومنعهم من الانتقال إلى مناطق أخرى أكثر أماناً ريثما يستقرّ وضع أحياء حلب.
ولكن إلى متى يمكن أن يستمرّ هذا الوضع، أيّ إلى متى تستمرّ المكابرة ورفض نداءات الجيش السوري الداعية المسلحين إلى الانسحاب وتسهيل خروج المدنيين إلى مناطق أكثر أمناً؟
الأرجح أنّ هذه اللعبة لن تستمرّ طويلاً، لأنّ الجماعات المسلحة حاولت في تجارب سابقة، سواء في حي الوعر في حمص أو في قدسيا والهامة وداريا في ريف دمشق أن تعطل حلولاً مماثلة للحلول المقترحة لأحياء حلب الشرقية، لكن أمام استحالة كسر الحصار، وأمام تراجع المخزون من المواد الغذائية الذي يكفي لآلاف السكان والمسلحين، وأمام استمرار تضييق الخناق على المسلحين، وقضم المناطق التي يسيطرون عليها، فإنّ الاحتمال المرجح أن يعود هؤلاء المسلحون ومن حرّضهم على عدم الاستجابة للنداءات لتغيير موقفهم، تماماً مثلما غيّر مسلحو الوعر وداريا وقدسيا والهامة مواقفهم التي كانت تعارض بقوة فكرة الانسحاب وترك المناطق التي كانوا يسيطرون عليها.
الآن ليس السؤال عن انسحاب أو عدم انسحاب المسلحين وفكّ أسر آلاف المواطنين القاطنين في الأحياء الشرقية، بل متى يحدث هذا الانسحاب، بعد أيام، بعد أسابيع، أم بعد أشهر. إذا كانت فكرة الانسحاب خلال أيام تبدو فكرة غير واقعية، إلا أنّ احتمال الانسحاب خلال أسابيع قليلة هي احتمال مرجح في ضوء الواقع الميداني القائم الآن داخل مدينة حلب وفي محيطها.
(البناء)