مقالات مختارة

جنود الجيش الاسرائيلي قتلوا في الاسبوع الماضي فتى إبن 15 سنة: جدعون ليفي

 

دم خالد البحر يصرخ. دمه يصرخ تقريبا بشكل ملموس من الارض التي سقط عليها، في ظل اشجار المشمش في المكان الذي بقيت فيه وصمة سوداء لدم متخثر، بعض الحجارة وزجاجات المياه التي وضعت هناك كالجلمود.

         دمه يصرخ من الغرفة رقم 1207 في المدرسة الاعدادية في قرية بيت أمر، بين بيت لحم والخليل، الصف الذي أضرب هذا الاسبوع كحداد وبشكل تلقائي من الطلاب، الذين علقوا الورود البلاستيكية على الجدران من اجل الذكرى، وعلى طاولة الميت وضعوا صورته الاخيرة محاطة بالورود. هذا هو المقعد الذي جلس عليه خالد في يوم الخميس الماضي قبل بضع ساعات من قتله من قبل جندي اسرائيلي.

دم خالد يصرخ من صمت الموت الذي يلف الصف الفارغ والعلم الذي تم انزاله في ساحة المدرسة. دمه يصرخ من الشهادات حول ظروف قتله: فتى إبن 15 سنة، ركض خلفه الجنود بالجيب الخاص بهم بعد الاشتباه بأنه رشق الحجارة على سيارتهم المدرعة الى أن خرج ثلاثة جنود من الجيب، وقام أحدهم باطلاق رصاصة على ظهره من مسافة عشرين متر وقتلوه وهو يحاول الهرب والنجاة.

دمه يصرخ من عدم الاهتمام المطلق في اسرائيل مثل كل قتل ضد الفلسطينيين. دمه يصرخ لأنه يتم تصوير الفتى، الذي شارك في مشروع كرة قدم يهودي – عربي، على أنه مخرب. دمه يصرخ من الرد التلقائي والفظيع لمتحدث الجيش الاسرائيلي حول “رشق الحجارة”، “أخذ الدروس الميدانية”، “تحقيق الشرطة العسكرية”، “النتائج ستنقل الى النيابة العامة”. كل المبررات الكلامية للجيش الاسرائيلي التي لا يوجد فيها كلمة واحدة حقيقية أو انسانية، لا يوجد حديث بالطبع عن الاعتذار أو الأسف، حتى بعد أن قال تحقيق الجيش نفسه إن الجنود لم يكونوا أبدا معرضين لخطر الموت.

دم خالد يصرخ لأن الجنود أخذوا جثته معهم بعد قتله. واسرائيل، بكل وقاحة، تعيق اعادة الجثة منذ اسبوع، أولا بسبب “الاعياد” والآن لاسباب اخرى غير واضحة – فلتنتظر العائلة. من يهمه ذلك.

دم خالد يصرخ لأنه واضح جدا أن أحدا لن يحاكم بسبب قتله الفظيع. دمه يصرخ لأن الجندي الذي قتله لا يعرف من قتل – ومشكوك فيه أن ذلك يهمه أصلا أو يقلقه. مشكوك فيه أنه يعرف ما فعل، وما الامر المرفوض في قتل شاب فلسطيني. ولن يكلف أحد نفسه ليفسر له ذلك.

دم خالد يصرخ. كنت هذا الاسبوع في موقع القتل وفي بيت العزاء في بيت أمر، في بيته وفي مدرسته، وسأنشر غدا التقرير المفصل في “هآرتس″. ولكن منذ أن كنت هناك، يصعب علي الانتظار بسبب عمل حقير وجبان واستفزازي كهذا، وهو اطلاق النار على ظهر فتى اثناء هربه، بدون مسؤولية، بدون متهم وبدون عقاب.

يصعب علي أن لا أنقل رسالة للجنود: استمروا على هذا النحو، كل الاحترام للجيش الاسرائيلي. إن قائد كتيبتكم العقيد اسرائيل شومر فعل بالضبط نفس الامر، ولم يحدث له سوء. وسوف يتم ترفيعه ايضا. من الصعب الالتقاء مع أبناء عائلة الميت، عائلة تريد السلام، والأب يعمل في اسرائيل، وبقيت الآن مع إبن واحد معاق وابنتين بعد أن قتل الولد الاكبر.

من الصعب أن تبقى لامباليا حين ترى كيف يحافظون على تصريح الدخول الوحيد الى اسرائيل الذي حصل عليه خالد في حياته القصيرة – تصريح ليوم واحد فقط من اجل لعبة كرة قدم يهودية – عربية في اطار مشروع سلام في محيط غزة.

دم خالد البحر يصرخ، لكن لا أحد في اسرائيل يلتفت للصراخ، صراخ شاب كان قتله جريمة، وهو ليس الاول ولن يكون الاخير.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى