تململ في صفوف المسلحين التابعين للسعودية لقمان عبدالله
منذ اليوم الأول للحرب، تتعاطى السعودية مع الجانب اليمني الملتحق بها بأسلوب التعالي والاستخدام. حتى حينما يلتحق أحدهم بالإمارات لا يكون ذلك إلا لشدة الإغراء من جهة، أو لانخفاض منسوب الغرور عند الضباط الإماراتيين من جهة أخرى.
ولا يرتبط المسلحون الذين يعملون لحساب تحالف العدوان في اليمن بالتبعية للخليج، سوى للاسترزاق وللتنافس على مواقع السلطة، ولمصلحة السعودية التي لا تزال تشن حربها على اليمن بذريعة دعم شرعية عبد ربه منصور هادي، في حين أن الأخير علم أصلاً بالحرب في محافظة المهرة أثناء هربه من عدن إلى سلطنة عمان، كما صرّح بنفسه لإحدى فضائيات الإمارات العربية.
لا تترك السياسة السعودية مجالاً أو هامشاً قليلاً لإبداء الرأي أو المشورة للجانب اليمني المتعامل معها، كذلك فإن هؤلاء عادة ما يكونون صدى للمطالب السعودية، أو أنها تمرر عبرهم رفضها أو قبولها لأي مقترح في حال شكّل ذلك حرجاً مباشراً لها.
في الأسابيع الأخيرة، ساد الجانب اليمني المتعامل مع السعودية حالة من التململ والضياع، بسبب الإخفاق والفشل على المستوى العسكري، ويسجل في هذا الإطار الآتي:
أولاً: سيطرة الجيش و«اللجان الشعبية» على منطقة كرش التي تتبع إدارياً محافظة لحج في الهجوم المعاكس الذي شنّوه على كرش، بعد محاولات عدة من جيش ما يسمّى الشرعية والفصائل المتعاونة معه، لتشكل تهديداً قريباً على محافظة تعز. الاستيلاء على كرش أجبر القوات المسنودة من الشرعية على التراجع إلى الخطوط الخلفية.
وتمتلك كرش قيمة استراتيجية بسبب الموقع الجغرافي الرابط بين محافظة لحج إلى الحويمي في محافظة تعز الشرقية، كما تربط المثلث الحدودي بين تعز ولحج والضالع. وهي من الناحية العسكرية بوابة العبور إلى قاعدة العند في لحج، وفي حال قررت قوات الجيش و«اللجان الشعبية» تطوير عملياتها في المستقبل، فبمقدورها الفصل بين لحج والضالع، لكن الحسابات المحلية تمنع ذلك في الوقت الحاضر، كذلك فإن السيطرة على كرش تهدد الخطط المعدّة لتقسيم اليمن إلى دولتين.
ثانياً: انحسار المواجهات التي تخوضها قوات الجيش و«اللجان» مع القوات الموالية للرياض وعناصر حزب «الإصلاح»، بعدما استطاع الطرف الأول إحراز تفوق كبير على طريق حسم معركة شرقي صنعاء عبر السيطرة التامة على جبل المنارة، أهم المرتفعات في مديرية نهم.
يذكر أن الدعاية الإعلامية الخليجية روّجت قبل هزائم نهم أن القوات الموالية لهادي صارت على مشارف صنعاء، مع الإشارة إلى أن جبهة نهم كلفت قوات «التحالف» والقوات الملتحقة بها خسائر بشرية باهظة، كذلك بلغ عدد الغارات الجوية المساندة لهم في الشهور الأخيرة قرابة ألف غارة.
ثالثاً: مقتل قائد المنطقة الثالثة في جيش ما يسمى الشرعية، اللواء الركن عبد الرب الشدادي، أثناء قيادته معارك جبهة صرواح غرب مأرب. مقتل الشدادي أحدث صدمة في صفوف القوات الموالية للسعودية، بسبب رتبته العالية من جهة، وشخصيته القوية والمؤثرة من جهة أخرى، وكذلك قدرته على قيادة الجبهات. ومن المعروف أن الشدادي، المقرّب من «الإصلاح»، كان يقود جبهتي نهم وصرواح، وبمقتله فقد «التحالف» أحد أبرز الضباط المميزين.
رابعاً: استمرار الخلافات بين المقاتلين في صفوف القوات الموالية لهادي من جهة، وقيادة هذه القوات و«التحالف» من جهة أخرى، بسبب تخلف السعودية عن دفع رواتب المقاتلين. ووفق تقارير متطابقة، فإن مئات المقاتلين يغادرون الميدان بسبب عدم تقاضي الأموال. ويقرّ الضباط في «جيش الشرعية» بأن حالة من الغضب تلحق بالجنود جراء ذلك، ما يؤثر سلبياً في المعنويات والحافزية القتالية. إضافة إلى ذلك، كُشف خلال الحرب عدد من حالات نهب الرواتب على أيدي الضباط المتنفذين.
خامساً: لم تفلح زيارات كلّ من عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر إلى مأرب في إغراء قبائل طوق صنعاء، ثم جاءت مجزرة الصالة الكبرى لتزيد لحمة هذه القبائل مع الجيش و«اللجان الشعبية».
سادساً: يسود الجانب اليمني المتعاون مع السعودية حالة من التململ بعد تحميلهم مسؤولية مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء، بسبب الادعاء بتزويد التحالف إحداثيات من «هيئة الأركان اليمنية» التابعة لهادي «تبين لاحقاً أنها مغلوطة». وليست هذه المرة الأولى التي تلقي فيها السعودية مسؤولية أخطائها على الجانب اليمني المتعامل معها، عندما تعجز عن التستر عليها، فتلقي باللائمة دائماً عليه وتحمّله التبعات والنتائج.
سابعاً: تحاول قوات «التحالف» خطف الأضواء عن مجزرة صنعاء التي ألقت بثقلها عليهم، بفتح جبهة جديدة في منفذ البقع الحدودي والإيحاء بأن قوات «التحالف» صارت على مشارف معقل «أنصار الله» في صعدة، وذلك في تكرار لمحاولات سابقة بادّعاء قرب السيطرة على جبهتي نهم وصرواح.
الثابت هنا هو الحاجة الملحة لقوى «التحالف» للرد على الانتصارات التي تتحقق على يد الجيش و«اللجان الشعبية» على الحدود وإلحاقهم الهزائم بالجيش السعودي، وذلك بفتح جبهات جديدة وادّعاء الانتصارات المزيفة، وما ذلك إلا من قبيل رفع المعنويات، كذلك فإنها حاجة شعبية على كل حال.
(الاخبار)