مقالات مختارة

داعش.. المعركة ستنتهي في الموصل.. والحرب ستستمر في سورية: اليكس فيشمان

 

قدر الجنرالات الأمريكيون الذين يديرون اليوم القتال ضد داعش في الموصل منذ قبل شهرين بأن إحتلال المدينة نفسها هو الجزء الأقل تعقيدا في الحملة. فالصواريخ الدقيقة لقوان المارينز التي توجد بجوار المدينة، والى جانبها القصف الجوي بالصواريخ الجوالة وغيرها من وسائل المساعدة، ستقوم بالعمل.

ولكن ما يقلق الجنرالات الامريكيين فهو اليوم التالي بالذات. فقد استخلص الجيش الدروس من الاعلان المتسرع للرئيس السابق بوش عن النصر في العراق، والذي جاءت بعده سنوات من الدمار، الحرب الاهلية ونشوء حركات متطرفة جديدة مثل داعش. وعليه، فقد وظف الامريكيون عشية الحملة لاحتلال الموصل جهودا لا بأس بها في إقامة حكم عسكري يمكنه أن يتصدى لعشرات التيارات الدينية، العرقية والفئوية على أصنافها المتواجدة في المدينة والمستعدة لان تذبح بعضها بعضا.

واذا لم يكن هذا بكاف، ففي اوساط القوات التي ستدخل الى الموصل ستكون قوات شيعية وكردية، لها هي ايضا حسابات مع هذه الجماعات أو تلك في المدينة. وكل هذه الخلطة هي وعاء ضغط سبق أن تفجر في الماضي للولايات المتحدة في الوجه. ومن شأن احتلال الموصل، الذي يفترض أن يبشر بتقليص دراماتيكي لنفوذ داعش أن يوقظ عشر دبابير جديد في العراق.

حملة الاحتلال، حسب الاستراتيجية الامريكية، هي ذروة “مرحلة الانهيار” لداعش في العراق. وهي تأتي بعد اشهر طويلة من تآكل داعش من الجو ومن خلال القوات الخاصة. سبقتها “مرحلة التآكل” التي نفذت فيها حملة التصفية بالجملة للزعماء، المقاتلين والبنى التحتية لداعش؛ و “مرحلة الانهيار” التي حررت فيها من أيدي التنظيم مدنا مركزي كالرمادي، تكريت، الفالوجا، حيت ورطبة.

سيطرت قوات عراقية بمساعدة قوات أمريكية، ميليشيات مؤيدة لايران وكردية على بلدات تحيط بالموصل، عاصمة داعش في العراق، وقطعت المحور الى سوريا. وفقد التنظيم 40 في المئة من الارض التي كانت تحت سيطرته في العراق. ويفترض باحتلال الموصل ان يكون الكرزة التي في القشطدة، والذي سيجلب لاوباما – غير المرتاح من سياسته الخارجية – هدية قبيل نهاية ولايته في شكل انجاز سياسي وعسكري في العراق.

ومع ذلك، فليس لتوقيت الهجوم صلة بنهاية ولاية اوباما. فقد خطط للمعركة في الخريف، الموسم الذي لا تكون فيه عواصف رملية. وتمهيدا لها أنهى الامريكيون تدريب “ثلاث فرق الذهب” العراقية: قوات دربها الجيش الامريكي على مكافحة الارهاب. وبالتوازي تم انهاء حشد 4 الاف جندي أمريكي يعملون في الجبهة في مهام مختلفة.

في الاشهر الاخيرة خاض الامريكيون مفاوضات مع دول محاذية للعراق أو تقع على الشاطيء الشرقي من البحر المتوسط من أجل السماح للصواريخ الجوالة والطائرات القتالية الطيران من فوقها. وهم لن يخاطروا بالطيران من فوق سوريا من جهة البحر المتوسط، خشية الصدام مع الروس.

هل سيبشر احتلال الموصل برحيل داعش؟ الجواب سلبي. فقصة داعش في سوريا هي قضية مختلفة تماما، تتأثر بالحرب الاهلية التي تصطدم فيها قوتان عظميان تعطلان الواحدة الاخرى وتسمحان لداعش بالنجاة. وفضلا عن ذلك، فداعش هو تنظيم ارهابي وهو يعيش مثل الأميبا. عندما يضغط عليها، تنتقل الى مكان آخر.

يركز رجال الاستخبارات في دول غرب اوروبا، وعلى أي حال في إسرائيل ايضا كل العيون والآذان على الجهاز الذي داخل داعش ويسمى “ايماني”. هذا هو الجهاز المسؤول عن تلك الذئاب المنفردة، خلايا الارهاب الصغيرة التي زرعت على مدى السنين الاخيرة في الولايات المتحدة، في اوروبا، في السعودية، في الاردن، في الصومال، في تركيا وفي أماكن أخرى. ويهيىء هذا الجهاز الاشخاص، يعد الخطط ويصدر الأوامر. وطالما لم تتضرر شبكة اتصالات داعش، فان هذا الجسم سيواصل تفعيل الارهابيين الذين زراعهم في ارجاء العالم. والآن، مع الهجوم في الموصل، سيفعل هذا بقوة أكبر.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى