مقالات مختارة

العلاقات المصرية السعودية إلى أين؟ حميدي العبدالله

 

شهدت العلاقات المصرية السعودية توتراً لم يكن متوقعاً على خلفية تصويت مصر إلى جانب القرار الروسي. وعلى الرغم من أنّ مصر صوّتت أيضاً لصالح مشروع القرار الفرنسي. فقد وجّه مندوب المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة انتقادات للتصويت المصري إلى جانب المشروع الروسي، وبادرت شركة آرامكو إلى قطع إمداداتها للنفط إلى مصر، ما فسّر على أنه عقوبة موجهة ضدّ الموقف المصري.

السؤال المطروح هل ستشهد العلاقات المصرية ـ السعودية المزيد من التدهور؟

للوهلة الأولى يبدو أنّ هذا ما هو منتظر في الأيام والأسابيع المقبلة في ضوء تصريحات مندوب السعودية في الأمم المتحدة وقرار آرامكو.

لكن الأرجح أنّ التدهور الواسع لن يحدث وسيتمّ تطويق الأزمة الحالية لأسباب ثلاثة: السبب الأول، أنّ الأزمة السورية التي سبّبت الخلاف بين الرياض والقاهرة دخلت منعطفاً جديداً في ضوء الالتزام الروسي القوي إلى جانب الدولة السورية، الأمر الذي يجعل الرهان والطموح السعودي في إسقاط الدولة السورية خارج أيّ حسابات عقلانية حتى لدى الولايات المتحدة المنظم والقائد الفعلي للحرب على سورية. الموقف المصري اليوم أكثر تساوقاً مع ما ستؤول إليه معالجات الوضع في سورية لاحقاً في ضوء التحوّلات الميدانية، وبالتالي لن يستمرّ الخلاف الحادّ بين مصر والسعودية حول هذه المسألة، وإذا لم تحدث تطوّرات جذرية غير محسوبة، وهي احتمالات ضعيفة.

السبب الثاني، أنّ القاهرة لا ترغب في تدهور علاقاتها مع الرياض لأسباب كثيرة ليس أهمّها الدعم الاقتصادي والمالي الذي تحصل عليه مصر من المملكة العربية السعودية، بل وأيضاً لخشية مصر من أن تقف السعودية إلى جانب كلّ من قطر وتركيا في دعمها لجماعة الإخوان المسلمين الإسلامية الأخرى المتشدّدة التي لا تزال قادرة على تهديد الاستقرار السياسي والأمني في مناطق واسعة من مصر وليس في سيناء وحدها.

السبب الثالث أنّ السعودية ليست في وضع يؤهّلها للتصعيد ضدّ مصر، إذ أنّ علاقاتها مع العراق وسورية متدهورة جداً، وتواجه مأزقاً كبيراً في اليمن في ضوء تحوّل الحرب هناك إلى حرب استنزاف مكلفة للغاية، وهي بحاجة لأيّ دعم عربي مهما كان محدوداً، وليس لديها فائض قوة لفتح معركة سياسية مع دول عربية كبرى بحجم مصر، لا سيما أنّ علاقة السعودية مع الولايات المتحدة ليست على ما يرام بعد صدور قرار في الكونغرس يحمّل السعودية مسؤولية عن هجمات 11 أيلول 2001.

هذه الأسباب مجتمعة تدفع كلّ من القاهرة والرياض إلى محاصرة التوتر ومنع توسعه وتصاعده لما يترتب عليه من نتائج سلبية لا يتحمّلها الطرفان.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى