بقلم غالب قنديل

رؤية نصرالله لوضع المنطقة

غالب قنديل

استغرق كتاب الأعمدة اللبنانيون في تناول الفقرة الرئاسية من خطبتي السيد نصرالله في مساء التاسوعاء وصباح العاشوراء من محرم وهي كانت مهمة ودقيقة في بسط ملامح الفرصة اللبنانية المتاحة لكسر الحلقة المفرغة وانتخاب العماد ميشال عون للرئاسة الأولى عبر عقد التفاهمات الوطنية بين القوى المعنية بالاستحقاق ومنها حزب الله بديناميكيته وتأثيره الذي يستحيل ان يختصر خصوصيات الحلفاء او يحتوي مواقف الخصوم ما لم تتوافر إرادة جدية عند الجميع تضع الخيارات الوطنية واولوياتها قبل الارتهانات الخارجية كما كرر السيد باستمرار خلال السنوات الماضية مناشدا اللبنانيين عدم انتظار الخارج وإشاراته ومعادلاته ورهاناته وللأسف فإن معظم التاويلات التي صدرت كانت خارج الموضوع وامتدادا لمناكفات لا تسمن ولاتغني .

في الحقيقة قدم قائد المقاومة رؤية لوضع المنطقة انطلاقا من فلسطين وصولا لمسار الحرب على الإرهاب في سورية والعراق تستحق الاهتمام لقيمتها الاستراتيجية الهامة إضافة إلى مسائل اخرى توقف عندها السيد نصرالله تتصل باليمن والبحرين.

اولا كشف السيد نصرالله عن الخطة الأميركية الموضوعة لتحويل عملية الموصل ضد داعش إلى عملية زحزحة لآلاف محاربي التنظيم الإرهابي نحو منطقتي الرقة ودير الزور في سورية لتنفيذ ما وصفه السيد بتكديس داعش في سورية وهو ما حذر العراقيين من نتائجه الخطيرة حيث سيقود مجددا إلى استهداف المناطق العراقية القريبة بالسيارات المفخخة وعمليات التفجير التي قد تتحول إلى هجمات جديدة وواسعة على غرار ما جرى يوم انفلش مسلحو داعش في الأنبار والموصل وهددوا العاصمة بغداد وهذا ما يستدعي اتخاذ قرار وطني عراقي يعاكس الخطة الأميركية بتنسيق مباشر مع القيادة السورية للتعاون في مطاردة داعش والقضاء عليه في العراق وسورية معا لا سيما و ان نشر داعش في العراق استهدف منذ البداية بتدبير اميركي سعودي تركي منع التواصل السوري العراقي الميداني الذي يمكن ان يغير معادلة القتال ضد الإرهاب .

ثانيا الشواهد التي تؤكد استنتاج نصرالله وتوصيفه للخطة الأميركية هي كثيرة للغاية ومنها اعتراض الولايات المتحدة على مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل والقصف الأميركي للجيش السوري في محيط دير الزور وتدمير ثلاثة جسور مهمة للحسم في دير الزور وهو ما اعتبر في دمشق بحق دعما لوجستيا وناريا لعصابة داعش تماما كما هو الموقف الأميركي شرقي حلب لدعم ومؤازرة إرهابيي جبهة النصرة القاعدية وفقا لتشديد السيد نصرالله وهذه مؤشرات اميركية ليست بعيدة عن مغزى التواجد التركي في سورية والعراق وهو تواجد محظي بتغطية اميركية وله وظيفة مباشرة في خطط تشغيل واستخدام الجماعات الإرهابية ضد سورية والعراق وقد خلص السيد نصرالله للقول إن زمن الاستخدام وإعادة الاستخدام لم ينته بعد وهذا صحيح ودقيق وهو يطرح التحدي على الشعوب والحكومات والجيوش والقوى الحية على امتداد الجبهات القتالية ضد الإرهابيين في سورية والعراق ولبنان وصولا إلى إيران وروسيا والصين.

ثالثا أكد السيد نصرالله فكرة محورية أشار إليها مرارا وهي الغاية الصهيونية المحركة لمخطط استهداف سورية المطلوب تدمير مكانتها ودورها لتهشيم فاعليتها المركزية في محور المقاومة المناهض للهيمنة الاستعمارية الصهيونية وهذه فكرة مهمة جدا لا ينبغي تغييبها عن أي قراءة علمية لما نشهده في الشرق العربي وحيث تعيش الحركة السياسية الفلسطينية حالة من التردي والتفكك والعجز والتيه يتلمس قائد المقاومة بشارة نهوض جديد بغليان جيل الشباب بإرادة المقاومة وبأفكار المقاومة التي تحملها عمليات متلاحقة لفتيان وفتيات العمق الفلسطيني وبالطبع فتأكيد السيد على جاهزية حزب الله وقدراته الرادعة ضد كيان الاحتلال يستكمل مشهد الصراع والاشتباك الذي لا تضعف قوته ومركزيته تحديات المواجهة مع عصابات التكفير التي تكشفت روابطها الوثيقة بالكيان الصهيوني واكتمل افتضاحها على أرض الجولان السوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى