مقالات مختارة

تداعيات حرب 1973 أردنياً وفلسطينياً- معين الطاهر

 

كانت حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 مجيدةً بحق. اندلعت بقرار عربي، وتمكّن فيها المقاتلون العرب من سحق أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر، ومن عبور قناة السويس، وتحطيم خط بارليف على الجبهة المصرية، ومن اجتياز خط آلون في مرتفعات الجولان السورية، واحتلال مرصد جبل الشيخ على يد قوات من جيش التحرير الفلسطيني والقوات الخاصة السورية. 


على أنَّ هذه الحرب تركت تداعيات كبرى على المنطقة العربية، ما زالت آثارها ونتائجها تتفاعل، ففيها استُخدم سلاح النفط للمرة الأولى، وبنتيجتها شُرّعت أبواب المفاوضات مع العدو، وساد وهم إمكانية استعادة الأرض العربية المحتلة، أو أجزاء منها، بالمفاوضات، وتسلّل هذا الوهم إلى صفوف الثورة الفلسطينية، فتغيّرت استراتيجيتها من حربٍ شعبيةٍ طويلة الأمد إلى برنامج النقاط العشرة، وإقامة سلطةٍ وطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وُصفت يومها بأنها ستكون مقاتلة! وقد أدّت هذه السياسات إلى الحلول المنفردة التي بدأت مع زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى الكنيست الصهيوني، لتمتد إلى اتفاقات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، وليتحوّل التضامن العربي الشامل الذي ساد أجواء حرب تشرين إلى نزاعاتٍ عربية بين مصر وباقي العرب، وبين الأردن ومنظمة التحرير وسورية، ولينتقل الصراع مع العدو الصهيوني إلى صراعٍ بين أطراف عربية على الساحة اللبنانية، كلما خفت لهيبه تُشعله من جديد الاعتداءات الصهيونية المتكررة. 

الأردن وحرب تشرين 
من المرجَّح أنَّ الأردن قد فوجئ باندلاع الحرب ظهر السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 1973، ومع أنَّ الملك حسين كان قد زار القاهرة في العاشر من سبتمبر/ أيلول، واجتمع هناك في قمة ثلاثية مع الرئيسين، المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد، إلّا أنَّ أيًّا منهما لم يتحدّث عن اندلاع حربٍ وشيكة، وإن كانا قد لمَّحا إلى إمكانية حدوث اشتباكاتٍ، بهدف كسر الجمود القائم، مستفسرين من الملك حسين عن رأيه في التوقيت المناسب لذلك، وطالبين منه “إيجاد صيغةٍ ترضي المقاومة وتبيّن دورها”، وقد رفض الملك ذلك بحجة أنَّ “عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء”، بحسب ما ورد في اليوميات غير المنشورة لوزير الإعلام الأردني في حينه، عدنان أبو عودة. 
لم يُبلّغ الرئيس السادات أو الرئيس الأسد الملك حسين بموعد الحرب أو بمداها، ولعلّ مفاجأة الكيان الصهيوني بها تُضعف الرواية التي نقلتها مواقع غربية أنَّ الأردن قد أبلغ العدو بموعد الحرب، وإن كانت تلك المعلومة قد نُسبت إلى اختراقٍ أردني في هيئة الأركان السورية، وهي رواية ضعيفه، تُكذّبها المفاجأة الكاملة التي وقع بها العدو. 
ثمّة تضاربٌ واضحٌ في موقف الأطراف المختلفة بشأن حجم المشاركة الأردنية في الحرب بعد نشوبها، وطبيعة الدور المطلوب من الأردن أن يقوم به. يرسل وزير الدفاع السوري الفريق مصطفى طلاس لنظيره الأردني ثاني أيام الحرب أنّ ثمّة متسعًا لفرقةٍ أردنية على الجبهة السورية، في حين يستدعي الرئيس حافظ الأسد في اليوم نفسه القائم بالأعمال الأردني في دمشق، ويسلّمه رسالة للملك حسين، يطلب منه فيها فتح الجيش الأردني جبهة الضفة الغربية وتحريرها! ويهاجم مسؤول منظمة الصاعقة الموالية لسورية، زهير محسن، الموقف الأردني في مؤتمر صحفي، ويصفه بالمتخاذل، ولا تهدّئ من غضب الملك إلّا رسالة من الرئيس السادات يطلب فيها منه عدم فتح جبهة الضفة الغربية، إلّا بعد إنهاك الجيش الصهيوني وانتهاء الجيش السوري من تحرير الجولان، لتنتهي هذه الرسائل المتناقضة بإرسال الأردن فرقةً عسكرية إلى جبهة الجولان، شاركت بفعاليةٍ مشهود لها في القتال المحتدم، وفي صدّ الهجوم الصهيوني المضاد، وقد جرى تعزيزها لاحقًا بقوات أخرى. 
كان الأردن مرتاحًا لموقف السادات، ومنزعجًا من الموقف السوري في أثناء الحرب، وظلّ خائفًا، بعد وقف إطلاق النار، وتعثُّر مفاوضات فصل القوات على الجبهة السورية، من أن تبادر سورية لخرق وقف إطلاق النار مع وجود قوات أردنية في الجبهة السورية، مع ما يحمل ذلك من مخاطر توريط الأردن في معركةٍ لا يعرف مداها، لكنّ هذه المعادلة سرعان ما تغيّرت بعد الحرب، لتشهد تلك المرحلة اللاحقة حذرًا أردنيًا سوريًا مشتركًا من السياسة المصرية الجديدة. 

إخفاق الأردن في تحقيق فصل للقوات 
عند انتهاء الحرب، ونجاح وزير الخارجية الأميركي، هنري كيسنجر، في جولاته المكوكية بتحقيق فصل للقوات على الجبهة المصرية، والتي أسفرت عن انسحاب الجيش الصهيوني إلى منطقة الممرات في وسط سيناء، وتحقيق فصلٍ ثانٍ للقوات على الجبهة السورية، أدّت إلى انسحاب الجيش الصهيوني حتى مدينة القنيطره، ظنّ الأردن أنَّه قادرٌ على تحقيق مثل ذلك الفصل على جبهة الضفة الغربية، حيث يضمن بذلك موطئ قدم في الضفة الغربية المحتلة. بدايةً، لم يعترض كيسنجر على ذلك، وبُحث هذا الموضوع على أعلى المستويات مع الإدارة الأميركية، وشجّع السوريون ذلك أيضًا، حيث كان موقفهم السياسي متقاربًا مع الموقف الأردني بخصوص المفاوضات اللاحقة، وبدرت عدة تعليقات لقياداتٍ سوريةٍ في اجتماعاتٍ رسمية مع الجانب الأردني، تنتقد فهم منظمة التحرير موضوع السلطة الوطنية، كما تنتقد أداءها خلال الحرب، إلّا أنَّ سيل المفاجآت بدأ بالتتابع، وكانت المفاجأة الأولى في الموقف المصري، حيث تفاخر وزير الخارجية المصري، إسماعيل فهمي، بأنَّه منع مرتين تحقيق تقدّم على هذا الصعيد، واعتبر مؤتمر القمة العربي الطارئ في الجزائر في 26-11-1973 الأردن دولةً غير محاربة، وحُرم من المعونات التي خُصّصت لمصر وسورية ومنظمة التحرير، ولم تُفلح رسالة الملك حسين للمؤتمر في ثنيه عن موقفه باعتبار منظمة التحرير ممثلًا شرعيًا للشعب الفلسطيني، على الرغم من اعترافه للشعب الفلسطيني بحقه في تقرير مصيره، وموافقته على إجراء استفتاء، بعد تحرير الأرض المحتلة، بإشرافٍ دوليٍّ محايد، يُقرّر فيه الفلسطينيون “إذا كانوا يريدون البقاء معنا أو الاتحاد وإيانا أو الانفصال عنّا”، مضيفًا أنَّه “ونحن لا ندّعي لأنفسنا التكلّم باسم الفلسطينيين جميعًا، فإنّنا لا نُقرّ لغيرنا بمثل هذا الادّعاء”، وبرّر الرئيس السادات قرارات هذه القمة في لقاء له مع رئيس الوزراء الأردني في حينه، عبد المنعم الرفاعي، بداية ديسمبر/ كانون الأول في القاهرة، برفض الأردن طلبه القيام بعمليات فدائية عبر الحدود الأردنية، من دون إقحام الجيش النظامي بذلك، نتيجة تغيّر موازين المعركة، وأنّه لو قبل الأردن ما طلبه السادات لتمّ اعتباره دولةً محاربة، وهي الحادثة التي يشير إليها السفير والوزير الأردني الأسبق، أكرم زعيتر، في يومياته غير المنشورة بشأن وصول العقيد إبراهيم الدخاخنه من الجيش المصري إلى عمّان، ومعه ثلاثة عشر فردًا في 17-10-1973، وهو يحمل رسالة إلى الملك حسين من الرئيس السادات، وفيها الطلب المذكور، وهي معلومات وصلت إليه في أثناء عمله سفيرًا للأردن في بيروت، عبر برقية سرية من وزارة الخارجية الأردنية، تشرح ما تمّ خلال أيام الحرب. 
غنيٌّ عن القول إنَّ الموقف الرسمي المصري لا يتعلق حتمًا بمثل هذه الحادثة التي لم تكن، على أهميتها، لتُقدّم أو تؤخر في مجريات الحرب، وإنّما برغبة القيادة المصرية في توفير غطاء سياسي لها في تحرّكها السياسي نحو التسوية، وهو غطاءٌ لن تستطيع القيادة الأردنية تأمينه بمطلق الأحوال. ومن هنا، كان لا بد من توفيره مصدراً آخر يمتلك الشرعية الثورية، هو قيادة منظمة التحرير التي سرعان ما ابتلعت الطعم بأنَّ ثمّة انسحاباً إسرائيلياً قادماً ووشيكاً من الأرض الفلسطينية المحتلة، وبذلك حُوّل الصراع إلى من سيستلم هذه الأرض، ويقيم سلطته عليها، قيادة منظمة التحرير أم الملك حسين؟ وفي ظل هذه الظروف، جاءت مقررّات مؤتمر القمّة العربي في الرباط، باعتبار المنظمة ممثّلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، لتترك بصماتها على مجمل السياسات الفلسطينية والأردنية، ولتنهي محاولات الأردن تحقيق فصلٍ للقوات على جبهة الضفة الغربية، حيث اعتبر هنري كيسنجر أن هذه المقرّرات تُفقد الأردن مبرّر المطالبة بالضفة الغربية، معتبرًا هذه الأرض المحتلة أرضًا متنازعاً عليها، فيما انصرفت جهود منظمة التحرير إلى محاولة انتزاع الاعتراف الدولي بصفتها التمثيلية، بعد أن حازت على الاعتراف العربي، ولتفتح بذلك فصلًا جديدًا في الخلاف بين القيادتين الفلسطينية والأردنية. 

انعكاس نتائج الحرب على النظام الأردني 
أدّت حرب أكتوبر/ تشرين الأول، وسابقًا أحداث سبتمبر/ أيلول 1970، إلى بروز عدة اتجاهاتٍ، ضمن النظام السياسي الأردني في التعامل مع معطيات الوضع الجديد، إذ برز اتجاهٌ يريد أن ينأى بنفسه عن الموضوع الفلسطيني، ويسعى باتجاه أردنة الدولة الأردنية ووظائفها، ضمن اتجاهات إقليمية وانفصالية، وإذ تعتقد أطرافٌ منه أنَّ دورها في دعم القضية الفلسطينية لا يتعدّى دور أي دولة عربية أخرى، بعيدة عن ساحة المواجهة، وهو دورٌ لا يتعدّى الدعم السياسي في المحافل الدولية، فهي، ومن هذا المنظور، لا تمانع في الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ضمن منظور الفصل بين الطرفين. وتبالغ بعض هذه الاتجاهات في تفسيرها المتعسّف لمعنى الفصل الإقليمي، وإنكارها حقوق المواطنة السائدة منذ وحدة الضفتين الفلسطينية والأردنية، بعد نكبة 1948. وثمّة اتجاه آخر أضعف يُقرّ بمبدأ الفصل، لكنّه يدعو إلى بناء دولةٍ عصريةٍ ضمن إطار الضفة الشرقية وسكانها من مختلف الأصول، في حين يترقّب اتجاهٌ ثالثٌ فشل منظمة التحرير في المهام الجديدة، ويتوقع مطالبةً عربيةً لاحقة من الأردن للعودة إلى القيام بهذا الدور والتفاوض حول الضفة الغربية. 
حتماً، لم يكن الملك الراحل بعيدًا عن هذه الأجواء، وقد قدّم عدة تنازلاتٍ سابقةٍ من أجل المحافظة على ضفتي مملكته، منها محاولته تحقيق فصلٍ للقوات على الجبهة الأردنية، تتيح له الحصول على موطئ قدم في الضفة الغربية، منها اقتراحه تغيير اسم المملكة إلى المملكة العربية المتحدة، بدلًا من المملكة الأردنية الهاشمية، ومنها تأسيس اتحاد وطني ترأسه على التوالي ثلاث شخصيات من أصول فلسطينية، إلّا أنَّ الملك حسين وعلى إثر قرارات القمّة العربية في الرباط قرّر الانحناء مؤقتًا للعاصفة، فاستجاب لإجراء تغييراتٍ بنيويةٍ في بنية النظام في الأردن، أدّت إلى تقليصٍ كبير في أعداد ذوي الأصول الفلسطينية في أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، وفي نسبة تمثيلهم في الحكومة والمناصب العليا. ومع مرور الأيام، وصلت هذه النسبة في المؤسسات السيادية إلى ما لا يتجاوز الكسور العشرية، إلّا أنّ عينه بقيت مفتوحةً على الضفة الفلسطينية، واستمر الجهد الأردني للمحافظة على ولاء الشخصيات المحسوبة تاريخيًا على النظام، كما بدأ، في مرحلةٍ لاحقةٍ، محاولة التفاهم مع منظمة التحرير، للوصول إلى تشكيل وفد مفاوضات مشترك، والاتفاق على صيغه كونفدرالية، يقترب مفهومها من مفهوم المملكة العربية المتحدة، أو الانقلاب على ذلك، وتشجيع زعاماتٍ محلية في الضفة الفلسطينية وغزة على القيام بمثل هذا الدور تحت المظلة الأردنية. 

تأثير الحرب على منظمة التحرير 
ابتلعت منظمة التحرير الطعم الذي ألقاه لها الرئيس المصري أنور السادات، واقتنع قادتها أنّ ثمّة انسحابًا إسرائيليًا وشيكًا بعد وقف إطلاق النار، سيشمل الضفة الغربية وغزة، وأنّ هناك فراغًا ينبغي ملؤه، فإمّا أن يملأه الملك حسين، أو أن تذهب منظمة التحرير إلى المفاوضات وتنخرط فيها لتقيم السلطة الوطنية الفلسطينية على هذه الأراضي التي سينسحب منها الاحتلال. كان هذا تغييرًا عميقًا مسَّ الاستراتيجية الفلسطينية كلها. لم يعد الهدف تحرير فلسطين التي اغتصبت في 1948، بل أصبح هنالك هدفٌ مرحليٌّ يتعلّق باستعادة أراضٍ احتُلت سنة 1967، وبدلًا من أن يتمّ ذلك، في حينه، عبر تفاهم عربي شامل، فإنّه تحوّل إلى معركةٍ رئيسيةٍ حول التمثيل الفلسطيني بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن. 
أصبح هاجس قيادة المنظمة الحصول على الاعتراف الدولي بشكل عام، والأميركي تحديداً، بتمثيلها الأوحد للفلسطينيين، وكان عليها أن تدفع ثمن تأهيلها دورها الجديد، عبر تقديم التنازل الذي يعقبه تنازل آخر عن الأهداف والحقوق. وفي الوقت نفسه، تخوض معارك ضارية ضد العدو الصهيوني الذي سعى جاهدًا إلى إضعافها وإخراجها من هذه المعادلة الصعبة. كان ضمان مشاركتها في التسوية، واستمرار اعتراف الآخرين بها هو بقاؤها. لذا، تحوّل هاجسها إلى صراع من أجل البقاء، ونجم عن ذلك تغييرٌ كبير في الاستراتيجية، وفي التكتيكات المتبعة، لم يعد لبنان قاعدة ارتكازٍ من أجل التحرير، بقدر ما أصبح ورقة قوةٍ بيد من يمتلكها، تغيّرت حتى الأساليب، والتكتيكات العسكرية والسياسية، والتحالفات والخصوم. 
بعد حرب 1982، تحسّنت علاقة منظمة التحرير بالأردن، وتقدّمت المنظمة بمشروعٍ لاتحاد كونفدرالي لا يختلف كثيرًا عن مشروع المملكة العربية المتحدة الذي كانت قد هاجمته بشدة، وفُتحت مقرّات لها في عمّان، قبل أن يصلا إلى مفترق طرق في سنة 1988، بعد أن فشلا في التوصّل إلى صيغةٍ تضمن الاعتراف الأميركي بمنظمة التحرير. وربما أدرك الملك حسين حينها أنَّ بإمكانه العودة إلى الضفة الغربية، عبر بعض زعاماتها، من دون الحاجة إلى منظمة التحرير، وترسّخت هذه القناعة، بعد لقائه وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه، شمعون بيريز، في لندن، فكان أن انتهى شهر العسل هذا. ولأنَّ منطقتنا حبلى دومًا بالمفاجآت؛ كان طوق النجاة للمنظمة عبر الانتفاضة الأولى، بعد أن أنهكتها المنافي، ليتمّ قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الفلسطينية، وليتمّ لاحقًا الاتفاق على وفدٍ فلسطيني إلى مدريد، تحت مظلة أردنية. وفي الكواليس، كانت تدور مفاوضات أخرى في أوسلو بين العدو الصهيوني وقيادات بارزة في منظمة التحرير، ليعقب اتفاق أوسلو الكارثي اتفاق وادي عربه بين الأردن والعدو الصهيوني. 

خلاصة 
على الرغم من بسالة المقاتل العربي في حرب تشرين، إلّا أنّ العرب فشلوا فشلًا ذريعًا في الاستفادة السياسية من نتائج تلك الحرب، بل فُرّغ سلاح النفط من مضمونه، وتحوّل التضامن العربي إلى صراع، وتحوّلت معركة الفلسطينيين إلى معركةٍ على التمثيل، وعلى من يحتل مقعدًا وهميًا في مفاوضاتٍ مكوكيةٍ لا تنتهي، وغاب الانتباه عن نيات العدو الحقيقية في التمسك بالأراضي المحتلة، وعدم رغبته في الانسحاب. اشترينا الوهم وتقاتلنا عليه، فيما فاز العدو بالأرض، وكسب بالسياسة ما عجز عن أن يكسبه بالحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى