مقالات مختارة

عودة العلاقات الروسية التركية إلى سابق عهدها حميدي العبدالله

 

على هامش قمة الطاقة الدولية التي عقدت في تركيا جرى إعادة بعث عدد من اتفاقات التعاون في مجال الطاقة، وفي المجالين العسكري والأمني بين روسيا وتركيا كانت قد جمّدت على إثر قيام تركيا بإسقاط إحدى الطائرات الروسية في مطلع عام 2016.

لا شك أنّ ثمة أسئلة حول الدوافع التي قادت روسيا إلى إعادة تطبيع العلاقات مع تركيا في هذا التوقيت بالذات على الرغم من عدم إقدام تركيا على أيّ خطوات تفضي إلى تغيير سياساتها في سورية، حيث لا تزال المواقف العدائية قولاً وفعلاً على ما كانت عليه قبل تطبيع العلاقات التركية الروسية.

روسيا دولة عظمى تطمح إلى إرساء نموذج في العلاقات الدولية يختلف عن الأنموذج الذي تعتمده الولايات المتحدة، والقائم على نظرية من لا يكون معي بالمطلق فهو عدو لي. روسيا تؤمن بوجود مصالح مشتركة بين الدول، وفي الوقت ذاته وجود خلافات في قضايا أخرى حيث لا تكون لا المصالح ولا الرؤية متطابقة، وموسكو على قناعة بأن ليس من المستحيل إقامة علاقات تعاون في القضايا التي تعكس مصالح مشتركة، وإدارة الخلاف والقضايا الأخرى من دون أن تفرض أيّ دولة رؤيتها الخاصة على الدولة الأخرى.

هذه مبادئ تؤمن بها روسيا وتوجه سياستها الخارجية مع الولايات المتحدة ومع الدول الغربية الأخرى، ولكن ليست هذه المبادئ وحدها التي تفسّر توقيع الاتفاقات الجديدة أثناء وجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تركيا، بل إنّ ثمة عوامل إضافية لها تأثير في تفسير هذه الاندفاعة والتجاوز السريع للخلافات بشأن سورية أو الخلافات التي نجمت عن إسقاط الطائرة الروسية.

ثلاثة عوامل إضافية تفسّر توقيت تطبيع العلاقات بين البلدين. العامل الأول حاجة روسيا الاقتصادية إلى تعزيز علاقاتها مع دول عديدة في مواجهة الضغوط والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية. العامل الثاني، رغبة روسيا في خلق بديل جيو سياسي واقتصادي أمام تركيا عن علاقاتها مع الغرب، الأمر الذي قد يساعد على إضعاف تبعية تركيا للغرب، لا سيما في ضوء التوتر الحالي بين أنقرة وواشنطن والعواصم الغربية الأخرى. العامل الثالث، قناعة موسكو بأنّ إقامة علاقات اقتصادية ونشوء مصالح مشتركة تركية روسية من شأنه أن يترك أثراً إيجابياً لجهة إقامة حوار بنّاء حول القضايا الإقليمية ومن بين هذه القضايا القضية السورية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى