” جاستا للأميركان : والعرب أين حقوقهم ؟! ” ناصيف ياسين
حينما أقرّ مجلس الشيوخ ، والكونغرس ، الأميركيّين ، قانون ” جاستا ” الذي يتضمّن ” إحقاق العدالة ضدّ رُعاةِ الإرهاب ” ويُجيزُ لأهالي ضحايا تدمير ” مركزي التجارة ” العالميّين في11أيلول 2001 ، ألمطالبة بالتعويضات من مسبّبي التفجيرَيْن ، وأغلبهم سعوديون ، عادت بنا الذاكرةُ إلى حادثة الطائرة الأمريكية في أجواء ” لوكربي” – البلدة الأسكتلندية في بريطانيا – في 21 كانون الأول عام 1988، التي ذهب ضحيّتها 270 شخصًا ، نتيجة انفجارِ قنبلةٍ داخلها ، اتُّهِمَ بها الليبيّ عبد الباسط المقرحيّ – تخمينًا ودون قرائن – فحُكٍمَ عليه بالسجن المؤبّد ، وجُرّم النظامُ الليبيّ – قبل أن يستسلم القذّافي ويُفشي أسرار حركات التّحرّر العالمية التي بحوزته ، و بدور العالِم الباكستانيّ عبد القدير خان : أبو القنبلة النووية الباكستانية في مساعدة تلك الحركات – جُرّمَ بدفع “10” ملايين دولار لأهل كل ضحيّة ،يعني ما مجموعُهُ : ملياران وسبعمئة مليون دولار ، من قوت الشعب الليبيّ ، طبعًا …
وإذا عدنا إلى القانون الأميركيّ ” جاستا ” تتسارع إلى أذهاننا أفكارٌ متناسلةٌ متراكبةٌ ، بصرف النظر عن دوافع إقراره الآن ، في حومة الإنتخابات الرئاسية الأميركية ، وارتدادات ما يدور على ساحات الشرق الأوسط ، والعربية منها على وجه الخصوص ، وفق التدرّج التالي :
– كان عددُ ضحايا البرجين : 2996 ضحية ، والجرحى حوالي ستة آلاف جريح . وبمنطق حسابات ” لوكربي” للقتلى فقط ، على آل سعود أن يدفعوا من أموال الشعب : تسعةً وعشرين مليارًا و تسعمئةٍ وستين مليون دولار ( 29,960) مليار . هذا إذا حُكِمَ على السعودية بالتعويضات الفردية ، للموتى ، عدا الجرحى …
عِلمًا ، بأنّ التعويضَ بالمال ، هو تحصيل حاصلٍ بِيَد أميركا ، مسبقًا ، عبر المليارات ، من الدولارات المودَعَة ، والعقارات السعودية المملوكة في الولايات المتحدة … وكلّ ” الجعجعات ” الناعقة لآل سعود حول سحب أموالهم ، لن تُقنِعَ نصفَ مغفّل ، فكيف بعاقلٍ – بعدما خَبٍرَهُم الشعب العربي – في كل أقطاره ؟
عِلمًا بأنّ القرار يتعدّى المال ، إلى السياسة الإبتزازية ، كعملٍ ارتداديٍّ للمأزق السعودي – الأميركي ، برُمّته ، نتيجة العدوان على اليمن والعراق وسوريا وليبيا ، والاساس : فلسطين . هذا من جهة :
– ومن جهةٍ أخرى ، دفعت الشعوب في أفغانستان ، والبلاد العربية المشتعلة فيها الحروب الآن ، ثمنًا افترائيًّا عدوانيًّا – لذنْبٍ لم تقترفه – منذ ” حادثة البرجين ” ، وباسمها ، مئات الآلاف من الشهداء ، وملايين المهجّرين ، والآلاف المؤلّفة من المفقودين والجرحى والمعذّبين والمشرّدين في أصقاع الأرض، على أيدي الحلف الصهيو / أمريكي ومن يتبعه … فاذا أضفنا كل ذلك ، إلى مأساة العرب الرئيسية في فلسطين المحتلة ، بكل مضاعفاتها ، و حيث لن يكون من أواخرها اعتقال السفينة” زيتونة ” التي قدِمَت لإعلان التضامن مع قطاع غزة المُحاصَر منذ عشر سنوات ، يصبح من الواجب البحث في بديهيّتين :
– الأولى : أنّ – الغرب – بلسان حلف شمال الأطلسي ودُوَلِهِ التسعَ عشرة – أعلن تضامنه المطلق مع أمريكا ، يوم تفجير ” البرجَيْن ” في 11أيلول 2001 ، مؤكِّدًا أنّ أيَّ عدوانٍ على دولةٍ منه ، هو عدوانٌ عليهم جميعًا … فعلى طلائع الشعب العربيّ ، ومثقّفيه الثوريّين ، ومناضليه ومجاهديه : أفرادٍ وجماعات ، ومن كل الحركات والمنظّمات والأحزاب ، السّعْي لتأليف ” محكمة شعبية ” في كل قطر عربيّ ، توصُّلًا إلى ” محكمةٍ شعبيةٍ عُليا ” في دنيا العرب ، تكون بديلًا عن ” جامعة الدول العربية – العِبريّة ” – لمحاكمة كلّ مجرمي الحرب بحقّ شعوبنا : في الداخل والخارج ، اليومَ … وغدًا … وبعد غد ، لتبقى محكمةً دائمةً مسلّطةً على رقاب المعتدين على شعوبنا : بدءًا من الحلف الصهيو / أمريكيّ / الرجعيّ – الإرهابيّ، وكلّ من يُثبت تواطؤه علينا : قولًا وتخطيطًا وفعلًا …؟!
– الثانية : من الخزْيٍ والعار ، أن تبقى ” إسرائيل ” التي ما زالت تبتزّ – افتراءً – الشعب الألمانيّ بجريرة الحزب النازيّ الذي حوكِمَ في محكمة ” نورمبرغ ” و حُمّل تبعات ما يسمى ” محرقة أوشفيتز ” المُفتَرَضةُ والمُضَخّمةُ ، أصلًا ، وهي تواصل افتعال الجرائم بحقّ الشعب العربي : داخل فلسطين وخارجها ، منذ ” إعلان دولتها العدوانية ” وحتى الآن ، ولم يلاحقها العرب بما يُلزمها بتنفيذ القرارات الدولية التي لم تنفّذ منها إلّا ما أجبرتها المقاومة الإسلامية عليه ، في لبنان … إضافةً للعمل على إزالتها من الوجود … فهي متفلّتةٌ من كل أنواع الضوابط : قانونية وغير قانونية …؟!
ومن المفيد أن نذكّر بشهامة وكرامة الشعب الأرمني الذي ما زال يلاحق تركيا لينتزعَ حقّه منها نتيجة المجازر التي افتعلتها بأهله عام 1915 ، ويفضحها في كل المحافل الدولية ، بينما ، نحن – العرب ، نسينا ما فعلته بنا على امتداد أربعة قرون ، كان اخرها مجازرها بطلائع شعبنا ومثقّفيه على أعواد المشانق في ساحتي الشهداء ، والمرجة : في بيروت ودمشق ، وهي اليوم ، تعيد الكرّة : وتجتاح شمال سوريا والعراق ؟؟!
إلى كم ” نورمبرغ ” و ” لاهاي ” و” جنيف ” و” فيينّا ” نحتاج لنقتصَّ من جلّادينا ؟؟!!