هل التلويح الأميركي بتكرار سيناريو أفغانستان يدفع روسيا للإذعان؟ حميدي العبدالله
سرّبت الإدارة الأميركية معلومات عن عزم حلفائها تزويد المعارضة السورية بوسائل دفاع جوي لإسقاط الطائرات الروسية والسورية، صواريخ محمولة على الكتف على غرار الصواريخ التي زوّدت بها الولايات المتحدة حلفاءها «الجهاديين» في أفغانستان ضدّ الجيش السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي. وواضح أنّ هذه هي الخطة ب التي تحدثت عنها الإدارة الأميركية وهدّدت موسكو بها أكثر من مرة في محاولة منها لدفع روسيا إلى قبول الشروط الأميركية في أيّ تسوية للصراع الدائر في سورية.
اليوم بعد انهيار «اتفاق العيد» الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة، جرى إعادة إحياء التلويح بالسيناريو الأفغاني لدفع روسيا إلى التراجع وقبول الإملاءات الأميركية، فهل تتراجع موسكو وتذعن للشروط والإملاءات الأميركية تجنّباً لتكرار السيناريو الأفغاني؟ جزئياً الجواب على هذا السؤال ورد على لسان المسؤول الأميركي الذي نسبت إليه «رويترز» التهديد بتكرار السيناريو الأفغاني، عندما قال لقد أبلغ المسؤولين في المملكة العربية السعودية إنّ «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يختلف عن القيادة السوفياتية. في الثمانينات، وأنّ خطوة تشبه ما حدث في أفغانستان قد تقود بوتين إلى سلوك مغاير والتشدّد أكثر»، وهذا الاستنتاج الذي توصّل إليه المسؤولون الأميركيون صحيح وواقعي، تذكر بسلوك القيادة الروسية في مسائل كثيرة أبرزها ما حصل في جورجيا عام 2008، وما حصل في القرم وأوكرانيا.
الرهان على تراجع روسي لمجرد التذكير بالتجربة الأفغانية لا يعني إطلاقاً أنّ روسيا سوف تذعن فوراً. صحيح أنّ موسكو لا تستعجل خيار المواجهة العسكرية الشاملة مع الغرب ولا تزال حريصة على استمرار المشاركة والحوار مع القيادة الأميركية ومع القيادات الغربية، ولكن الصحيح أيضاً أنّ لروسيا مصالح عليا وحيوية مثل الولايات المتحدة لا يمكنها التخلي عنها ومستعدة لتقديم الثمن إذا اقتضت الضرورة.
جلّ ما يمكن توقعه من القيادة الروسية هو الالتزام بالتفاهمات والتوافقات التي تمّ التوصل إليها في الحوار مع الولايات المتحدة، سواء التفاهمات السياسية ممثلة بتفاهمات فيينا، التي تمّ تضمينها لقرار مجلس الأمن 2254، أو التفاهمات والتوافقات على التهدئة التي تمّ التوصل إليها في شهر شباط الماضي وفي شهر أيلول مع حلول عطلة عيد الأضحى المبارك.
أما إذا أصرّت الولايات المتحدة وحلفاؤها على غير ذلك، واختارت سلوك المواجهة والتصعيد بما في ذلك تزويد الجماعات المسلحة بأسلحة مضادة للطائرات، فإنّ النتيجة المنطقية المترتبة على ذلك ستكون عبر مزيد من التشدّد الروسي، ليس في سورية، وإنما في قضايا إقليمية ودولية أخرى لروسيا دور وتأثير في هذه القضايا كونها تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن.
(البناء)