لو كان نتنياهو يريد السلام حقا لكان وافق على المبادرة العربية: تسفي برئيل
“أنا اؤمن أن هذه الشراكة مع الدول العربية يمكنها تحقيق السلام مع الفلسطينيين. الكثيرون توقعوا أن السلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيساعد على انهاء الصراع بين اسرائيل والدول العربية. والآن يمكن فعل العكس. لذلك لا يجب البحث عن الحل في القدس ورام الله، بل في القاهرة وعمان والرياض”. يا لهذا الهدف، يا لخطة العمل هذه، الفك ينزل وينقطع النفس. هذا بالضبط هدف العظام الجافة لنتنياهو، مثلما بشر بذلك من فوق منصة الامم المتحدة – ليس في المرة الاخيرة، بل قبل سنتين. ألا تذكرون؟ لا بأس، هذا الاستعراض سيُعرض من جديد في الاجتماع القادم للجمعية العمومية للامم المتحدة (أو في المرة التي تليها). غلاف ورق السلوفان الفارغ الذي له فعل التنويم المغناطيسي حتى على خصومه السياسيين، لا يذهب الى أي مكان.
إن الانفعال الذي يسيطر على “الشعب” في كل مرة يلتقي فيها مسؤول اسرائيلي مع مسؤول عربي “من دولة ليس لها علاقات مع اسرائيل”، غير مفهوم. هناك الكثير من العرب الذين يمكن الالتقاء معهم، في اسرائيل وفلسطين، في مصر والاردن، عرب مستعدون للحديث عن السلام وعن ادارة المفاوضات والوساطة واقتراح الحلول. ولكن مثل الجبن المستورد، العرب “من خارج البلاد” يثيرون المشاعر أكثر. فلديهم حس آخر – ملفت و”معتدل”. ما لم نكن لنفعله لو كان الملك السعودي فقط هو المستعد لزيارة “يد واسم”، أو على الاقل في مصنع لرشاشات الري، على الفور كان سيُصنع السلام، كان نتنياهو سيقوم بارسال الجرافات الى عمونة ويقوم بتقسيم القدس ويرفع الحصار عن غزة. يجب علينا الايمان فقط، وكل شيء سيحدث.
نتنياهو محق. فقد تغير شيء ما في الشرق الاوسط، وهذه المرة لم يكن هو أول من عرف ذلك. ولكن كأنه لاغضاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عبد الله ملك الاردن وسلمان ملك السعودية، يصممون على القول إن الطريق الى السلام تمر في المسار الملغوم بين القدس ورام الله. التعاون العسكري بين اسرائيل والاردن ومصر لا يعبر عن استعداد هاتين الدولتين للتنازل عن حل المشكلة الفلسطينية. ولسبب ما فان الاصوات التي تسمع من السعودية أو الامارات لا تشجع اسرائيل على الاستمرار في البناء في المستوطنات واطلاق النار على الفلسطينيين أو هدم المنازل والقرى. ولم يتم تعبيد أي طريق التفافي بين القدس والرياض أو عمان لتجاوز السلطة الفلسطينية.
لقد مرت سنتان على الخطاب الفارغ في الجمعية العمومية للامم المتحدة ولم يُبد أي واحد من هؤلاء الزعماء أي اهتمام بزيارة القدس، أو القاء خطاب في الكنيست أو ارسال دعوة لنتنياهو لزيارة قصره. وقد كانت العلاقة بين اريئيل شارون وحسني مبارك أفضل من العلاقة بين نتنياهو والسيسي. فقد كان مبارك أول من لاحظ أنه “بعد شارون سيكون من الصعب التوصل الى السلام بين اسرائيل والفلسطينيين”. والسيسي ايضا يعرف جيدا سياسة اسرائيل وقد امتنع الى الآن عن التهليل لرئيس حكومة اسرائيل.
إن الكذب الفظ لا يقتصر فقط على القول بأن هناك دول عربية على استعداد لاقامة علاقات مع اسرائيل بدون حل المشكلة الفلسطينية، بل ايضا تسويق القناعة بأن اسرائيل ستكون على استعداد للانسحاب من المناطق مقابل سلام كهذا. هل هناك أحد (باستثناء المعسكر الصهيوني) يؤمن بأن حكومة نتنياهو ستوافق على رسم الحدود الجديدة للدولة مقابل السلام مع تونس؟ أو الكويت؟ أو حتى السعودية؟.
لنفرض أن معجزة ستحدث ويعلن زعماء تلك الدول أنهم على استعداد لصنع السلام الأبدي. فما هي فرص اكتفاء نتنياهو باعترافهم بدولة اسرائيل، ولا يسارع الى المطالبة بالاعتراف بـ “الدولة اليهودية”. اذا كان نتنياهو جديا فليخرج المبادرة العربية من سلة القمامة التي ألقاها فيها، وليعيد النظر فيها. فهي تشمل ما يريده بالضبط. وهي حولت المستحيل الى ممكن، لكنها تطلب انسحابا اسرائيليا. هل هناك أحد سيوقع؟ نتنياهو؟ بينيت؟ ليبرمان؟ أي أحد؟.
هآرتس