في المواجهة الأولى أبدت هيلاري كلينتون الهجومية والاستخفاف وترامب عبر عن الحذر: البروفيسور ابراهام بن تسفي
الاستنتاج الاول الذي يمكن التوصل اليه من مشاهدة المواجهة أول أمس بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب هو أنه لم تكن مواجهة فاصلة لأي منهما أو أنه كانت مواجهة بلا رجعة. خلافا للرئيس جيرالد فورد في العام 1976، وكذلك المرشح الديمقراطي حاكم ولاية ماساتشوسيتس مايكل دوكاكيس في العام 1988، حيث أن مصيرهما السياسي تقرر خلال مواجهة بائسة واحدة، ما حدث على منصة جامعة هوبسترا في ولاية نيويورك كان حدثا يمكنه أن يمنح كلينتون دفعة على المدى القصير، لكن لا يمكن اعتباره مثابة نقطة اللاعودة في كل المعركة.
بعد اسابيع من الهبوط والتدهور في استطلاعات الرأي، عادت كلينتون من الكافور وأثبتت أن الشائعات حول موتها السياسي القريب كانت متسرعة. بعد بداية مترددة وجامدة دخلت المرشحة الديمقراطية الى المسار، وبشكل سريع اضطرت المرشح من نيويورك الى الدفاع عن نفسه في جميع مراحل المواجهة، التي كانت مشتعلة في معظمها. وقد استطاعت أن تُظهر الثقة بالنفس والديناميكية والمواظبة، الامور التي هي حيوية مثل الهواء للتنفس في اعقاب مرضها وقلة ظهورها العلني في الآونة الاخيرة. في المقابل، ظهر خصمها الجمهوري عصبي وغاضب أمام الهجوم الذي تعرض له. الحس الغريزي الذي يسمح له برؤية نقاط الضعف من اجل التركيز عليها بلا رحمة، والذي ساعده كثيرا اثناء الانتخابات التمهيدية، كان غائبا هذه المرة بشكل جزئي على الأقل.
وعلى الرغم من أن ترامب حصل على عدة فرص من اجل ابعاد الاضواء عنه والتركيز على نقطة الضعف المركزية لدى كلينتون، وهي استقامتها، وبالتالي احراجها بالانتقادات الشديدة بلا رحمة حول قضية وزيرة البريد الالكتروني الخاص بها (القضية التي عبرت عن عدم استقامة اساسية والسعي الى الخداع)، اكتفى ترامب بالتطرق الهامشي فقط لهذا الموضوع. وهكذا تمكنت خصمته من أخذ المبادرة والضغط عليه مرة تلو الاخرى في امور لم تكن مريحة له مثل رفضه نشر العائدات الضريبية ومحاولته في السابق التشكيك بمكان ولادة براك اوباما. بكلمات اخرى، سيطرت كلينتون في هذه المواجهة على “رمز التشغيل” لخصمها الجمهوري ووضعته في الزاوية رغم أن المعركة لم تُحسم.
إن حقيقة أن ترامب منح وقتا طويلا لتوضيح عدة مواقف خاصة به واثبات ذلك (مثلا موضوع الحرب في العراق وجذورها) لم تمنح افضلية في المعركة، بل على العكس، عبر ذلك عن تصدق زائد، حيث أنه لم يكن أبدا شريكا في تشكيل السياسة التي تحدث عنها. اضافة الى ذلك، التصريحات الاكثر دراماتيكية التي أسمعها في بداية المواجهة والتي تحدثت عن دمار الصناعة الامريكية وتحويل مدن كاملة الى مدن أشباح، هذه الاقوال تم توجيهها الى طبقة الياقات الزرقاء التي توجد في جيبه أصلا. وفي المقابل، الرسائل التي كانت تهدف الى توسيع تأثيره في اوساط الجمهور الذين لم يتخذوا أي موقف بعد، وخصوصا طبقة الياقات البيضاء، لم تكن مشددة بما يكفي.
مع ذلك، رغم تفوق كلينتون بالنقاط، لا زال المرشح الجمهوري يقف على قدميه في ساحة الملاكمة بعد انتهاء المعركة. ورغم أن ردوده كانت انفعالية وفظة ورغم أنه هاجم اقوال خصمته، إلا أنه لم تكن هناك زلة لسان محرجة أو هجوم على مجموعات عرقية أو دينية. وفي المقابل، خصمته الديمقراطية استخفت به بشكل متعمد، لا سيما عندما شددت على مخاطبته باسمه الاول.
في نهاية المطاف، ترامب يحتاج الى عدة تحسينات، التي من المؤكد أنه سيبذل قصارى جهده من اجلها، وخصوصا بتكتيك ادارة المواجهة. ولكن المعركة على احتلال البيت الابيض ما زالت بعيدة عن الحسم. وبعد أن يتلاشى غبار المواجهة الاولى سينتقل الاهتمام الجماهيري الى الجامعة الامريكية في سانت لويس في ولاية لازوري، حيث ستتم المواجهة الثانية في التاسع من تشرين الاول.
اسرائيل اليوم