حقائق كشفتها روسيا
غالب قنديل
يمكن لمن يتابع التصريحات والتقارير الروسية الصادرة حول الوضع السوري مؤخرا ان يكون ملفا شاملا بكمية من الحقائق المهمة والنوعية حول الحرب العدوانية التي تقودها الولايات المتحدة بواسطة جماعات الإرهاب القاعدية والأخوانية ويبدو بكل وضوح ان موسكو رسمت إطار التفاهم الممكن مع واشنطن بمضمون الاتفاق الموقع الذي تنصلت منه الولايات المتحدة وخرقته بصورة فاضحة وسعت إلى تعديله بشروط جديدة تنتقص السيادة السورية بينما تعتبره روسيا والدولة الوطنية السورية وحلفاؤها إطارا مناسبا لتسوية تفتح ابواب العملية السياسية السورية وتضع حدا لعصابات الإرهاب والتوحش في الميدان السوري وبالتالي تمنع انتقال خطرها نحو المنطقة والعالم .
في هذا المناخ باتت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الحكومات الإقليمية المتورطة في العدوان امام بيت الطاعة الروسي الذي يمكنها ان تختار بين دخوله وقبول شروطه وبين ان تستمر تصفية مرتزقتها وعملائها على الأرض السورية بتقدم الحسم العسكري لاسيما في حلب التي تحتل مكانة محورية يعرف اطراف حلف العدوان ما يعنيه انتصار الجيش العربي السوري فيها وما تمثله في التوازنات عملية تحريرها وعودتها إلى حضن الدولة الوطنية السورية.
تكفلت روسيا بكشف كمية من الحقائق والوقائع المهمة في سياق الأسبوعين الأخيرين :
1- استهداف غرفة عمليات دارة عزة بصواريخ كاليبر والتي كانت تقود العصابات في حلب وتضم ثلاثين ضابطا من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية وتركيا وقطر وإسرائيل وفقا لتقرير نشرته وكالة سبوتنيك الروسية القريبة من الكرملين نقلا عن مصدر عسكري روسي ولم تتجرأ أي من الدول التي ورد ذكرها على نفي التقرير وهو ما يعني بكل وضوح ان هذا الحلف يدير المرتزقة والعملاء والإرهابيين على الأرض بواسطة اجهزة استخباراته مباشرة مما ينزع ويسقط كل المزاعم الأميركية والغربية عن محاربة الإرهاب ويسقط بضربة واحدة جديدة كذبة الحرب الأهلية .
2- فضح غارة دير الزور الاميركية على الجيش العربي السوري بوصفها عملا ميدانيا مباشرا تم بالتناغم مع داعش لتسهيل انتشارها وتقدمها ولمنع الجيش العربي السوري من استثمار نتائج الاتفاق لو جرى التقيد باحكام الهدنة لتجميع قوات كافية تتيح الحسم في دير الزور والتقدم نحو الرقة لتحريرها وثمة من يفترض ان ضربة دير الزور كانت ردا على تدمير غرفة عمليات دارة عزة والحاصل واحد هو ان روسيا وحليفها السوري كشفا الأرتباط القائم والمستمر بين واشنطن وعصابات الإرهاب وكذب الإدعاءات الأميركية عن محاربة الإرهاب.
3- إدارة آلية وقف العمليات الذي تم الاتفاق عليه بصورة كشفت التزام الجيش العربي السوري بصورة احادية بالتنفيذ طيلة الأسبوع المقرر كمدة اختبارية وتأسيسية للاتفاق الروسي الأميركي وفضح قيام عصابات الإرهاب التي تسميها واشنطن بالمسلحين المعتدلين بثلاثمئة خرق للاتفاق وتقديم تقارير موثقة بهذه الخروقات المنظمة لدى مركز إدارة وقف العمليات القتالية أي تحديد المسؤولية الأميركية عن خرق الاتفاق .
4- تمكنت روسيا من ملاحقة الكذاب الأميركي إلى باب داره حول ما يسمى بالمسلحين المعتدلين وفي ذروة العجز تحت وطأة الملاحقة السورية الروسية جاء الاعتراف الأميركي في مجلس الأمن بتعذر الفك بين جبهة النصرة والفصائل العميلة الأخرى التي صنفتها واشنطن في لوائح الاعتدال المزعوم وبالتالي ثمة اعتراف اميركي باحتضان عصابات الإرهاب وبخدعة الاعتدال التي اخترعتها واشنطن لتغطية عدوانها وحربها ضد دولة مستقلة تريد إخضاعها.
5- فضحت روسيا وسورية معا اكاذيب التباكي على المعاناة الإنسانية من خلال السير في ترتيبات ممر الكاستيلو من اللحظة الأولى لوقف العمليات القتالية عندما كشفت عن محاولة عصابات الإرهاب اقتناص لحظة انكفاء الجيش العربي السوري لتنتشر مجددا وهو ما كان التحوط الروسي السوري له بتضمين الاتفاق تولي المراقبين الروس للممر مما اتاح للجيش العربي السوري العودة إلى مواقعه السابقة بعد فضح اللعبة الأميركية المدبرة على غرار ما جرى في هدنة شباط السابقة وكان من اهم فصول هذه العملية النقاش في مجلس الأمن الدولي حول ما تعرضت له قافلة المساعدات .
6- كشفت روسيا بكل وضوح حقيقة دور الموفد الدولي ستيفان ديميستورا الذي يعمل باوامر اميركية وقالت إنه يتحرك مع هيئة التفاوض السعودية ومنحاز بمواقفه وهو يعطل أي حوار سوري سوري يضم جميع الأطياف المؤهلة للمشاركة بعملية سياسية سورية بدون تدخلات وقد خرق جميع الأسس والمباديء الناظمة لمهمته .
روسيا والدولة الوطنية السورية ومحور المقاومة يخوضون متلاحمين معارك فاصلة ضد عصابات الإرهاب وحشود العملاء والمرتزقة لتحالف دولي إقليمي بقيادة اميركية ويضعون النقاط على الحروف بتسعيرة واضحة وعلى واشنطن إما أن ترضخ فتعود لبيت الطاعة وهو مغزى ترك الباب مفتوحا لتطبيق الاتفاق أو أن تكون في موقع المعتدي المدان والمكشوف خلف فلول الإرهاب والتكفير.