بقلم غالب قنديل

شهيد المقاومة وسورية

غالب قنديل

الجوهري في جريمة الاغتيال التي استهدفت الكاتب العربي ناهض حتر في عمان انها وقعت على خط التماس العريض الذي يشعل المنطقة العربية وبلدان المشرق العربي بصورة خاصة وهي ترتبط بدوره التنويري الريادي في مقاومة التكفير والتوحش وفي انحيازه الصريح والمعلن بكل شجاعة إلى معسكر المقاومة والتحرر والاستقلال منذ اللحظة الأولى وفي احلك الظروف.

أدرك حتر بكل قوة حقيقة التناقض الرئيسي المحرك للحروب والأزمات في المنطقة وفهم بعمق حقيقة الغزوة الاستعمارية التي تقودها الولايات المتحدة ضد بلادنا وهو فهم أيضا مضمون خرافة الربيع المولد لعصابات التكفير والإرهاب في حضن جماعة الأخوان وكيف نظم كل شيء منذ البداية لحماية الكيان الصهيوني ولضرب محور المقاومة فلم تنطل على المناضل الذي ذاق طعم القمع والاعتقال والمطاردة ومحاولات القتل جميع صرخات الحرية الخادعة التي نظمتها برامج التواصل الأميركي في الساحات العربية وعلى منابر الإعلام التي تملكها أشد الأنظمة العميلة تخلفا واستبدادا لخدمة الغاية المرسومة وهي حماية منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية .

لم يتردد هذا المناضل في الانحياز إلى المقاومة ضد الكيان الصهيوني في لبنان وفلسطين ومبكرا فكتب أروع الكلمات في التعبير عن حرارة اعتناقه لفكرة المقاومة والتحامه بها وهو لم يكن يومها يعطي بالا للإيديولوجيا في موقفه وما كتبه عن حزب الله وعن المقاومة الإسلامية هو الشاهد حول الموقف العلمي الذي يفترض ان يتخذه علماني مؤمن بقضية التحرر والاستقلال وبخيار مقاومة الاستعمار والصهيونية والحكومات الرجعية التابعة.

كان ناهض حتر متحررا من قيد الإيديولوجيا وموروثات التناحر العقائدي عندما اتخذ موقفه المنحاز للمقاومة الإسلامية لأنه عاين جوهر الصراع وادرك الحلقة المركزية في مسار الحروب والتناقضات التي تعصف بالشرق العربي وهو لذلك انحاز منذ اليوم الأول إلى الدولة الوطنية العلمانية في سورية وإلى الرئيس بشار الأسد الذي يقود مواجهة ضارية لأعتى عدوان استعماري صهيوني رجعي على الشرق وقد انطلق في موقفه من فهم قومي شامل لحركة الصراع بين قوى الاستقلال والمقاومة وبين قوى الهيمنة الاستعمارية ومن هنا كانت حماسة حتر لإيران الإسلامية الحرة المستقلة الشريكة في محور المقاومة مع سورية وحزب الله والقوى الوطنية الفلسطينية المقاتلة بإسلامييها وعلمانييها .

نظر حتر بأمل كبير لنهوض القوة الروسية وهو قرأ خصوصية في ذلك تتناغم مع حاجة الشرق العربي لتثبيت دور مسيحيي المشرق في مقاومة التوحش والتكفير وسائر أدوات العدوان الاستعماري وكانت حماسة حتر للحركة الروسية الصاعدة مدفوعة بشعور تشاركه مع جميع احرار الشرق وهو ان الدور الروسي المرتكز لصمود سورية ولثبات حزب الله وإيران يفسح في المجال لارتقاب تبدلات كبرى في التوازن العالمي تضع حدا للهيمنة الأميركية او ترسم حدودا لها على الأقل في المنطقة والعالم.

تصدى الشهيد ناهض حتر للتكفيريين ولدعايتهم الكاذبة المضللة وفضح ادوارهم في خدمة الغرب الاستعماري والحكومات العميلة التابعة ولم يخض معركته الفكرية والثقافية ضد التكفيريين بدعاية إلحادية وفقا لاتهام جماعات التوحش التي كفرته أصلا بسبب موقعه السياسي وخياره المقاوم والتحرري كما كفرت وهددت بالقتل كل من ناصر سورية وحزب الله وما جرى بعد مشاركته على مواقع التواصل برسم كاريكاتوري اعتذر عنه لاحقا وكتب التوضيحات بشأنه لم يكن سوى اصطياد التكفيريين للحظة مواتية نفذوا فيها ضربة قرروها قبل ذلك بزمن غير قصير فهي جريمة دبرها الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي الذي نذر ناهض حتر نفسه وحياته لمقاتلته بكل الوسائل الممكنة واختار ذلك الحلف المنفذ من بين عملائه وأدواته وحضر له الظروف المناسبة للقتل.

بكل شجاعة تصدر ناهض حتر التصدي لعصابات الإرهاب بوصفها اداة للعدوان الاستعماري الصهيوني وقضى شهيدا في سبيل شرق عربي يليق بأحلام الشهداء في فلسطين ولبنان وسورية والعراق وإن شئنا وصفا لهذه الشهادة فناهض حتر هو شهيد سورية والمقاومة … شهيد الشرق العربي الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى