تأهب في اسرائيل مع موجة ارهاب جديدة: عاموس هرئيل
المعطيات أصبحت واضحة: اسرائيل والفلسطينيون يوجدون في ذروة موجة جديدة للعنف – رغم أن ذلك يأتي بعد فترة هدوء نسبية استمرت ثلاثة اشهر، إلا أن مميزاتها تشبه فترة العمليات السابقة. منذ صباح يوم الجمعة حدثت ثماني عمليات – عمليتي طعن في شرقي القدس، طعن في غوش عصيون، اربع عمليات طعن ومحاولة دهس في الخليل. ايضا عدد العمليات مرتفع: خمسة من قوات الامن أصيبوا، وفي الجانب الفلسطيني هناك ستة قتلى وثلاثة أصيبوا باصابات بالغة، جميعهم المنفذون للعمليات.
التصعيد جاء مفاجئا: كان تقدير الاجهزة الامنية أن موجة العمليات قد تأتي بين عيد الفطر وبداية فترة الأعياد الاسرائيلية. ومن الآن فصاعدا، كما كان قبل سنة، فان التقليد هو الذي سيميز الأمر. في أعقاب حامل سكين يقوم باصابة اسرائيلي فتطلق النار عليه ويُقتل، يأتي الآخرون – ونظرا لأن مصدر الالهام الفوري هو عائلي ويرتبط بالحي، فان اغلبية الاحداث تتم في نفس المناطق.
في الوقت الحالي حجم موجة العمليات لا يسمح بكبحها بواسطة الاجراءات التي ساهمت في التهدئة قبل بضعة اشهر: التنسيق الامني مع الاجهزة الامنية الفلسطينية وتحسين متابعة الشبكات الاجتماعية. ومع ذلك، الجيش والشرطة يسارعان في هذه المرة الى الرد على الأحداث من خلال تعزيز قوات الامن، وايضا الرد التنفيذي الفوري قد تغير الى الافضل، كما تشير الاحداث الاخيرة.
يبدو واضحا حتى الآن أن جنود الجيش الاسرائيلي ورجال الشرطة يردون بشكل سريع على أي هجوم ويقومون بالسيطرة على الاحداث بسرعة. وهذا الامر يتعلق بتحسين التدريب في المنطقة الوسطى وفي اوساط الشرطة كجزء من مئات الاحداث في السنة الماضية، والاعمال التي ركزت على البنى التحتية، من مكعبات الاسمنت في مواقف الحافلات في الضفة الغربية وحتى الكاميرات في كل زاوية. المواطنون الاسرائيليون أصبحوا أكثر حماية وتحسنت قدرة الكشف عن تفاصيل العمليات التي تحدث. ولكن كل ذلك لا يكفي لوقف موجة ارهاب الافراد، كما يتبين الآن من الميدان، لكن على الاقل يمكن من خلالها تقليص عدد المصابين الاسرائيليين.
إن من يصمم على صب الزيت على النار المتجددة هم نشطاء واعضاء كنيست من اليمين. فقد أجرى العشرات من نشطاء حركة “كهانا” أمس مظاهرة استفزازية أمام منزل المخرب نشأت ملحم في وادي عارة. وقام اعضاء لوبي “ارض اسرائيل الكاملة” في الكنيست، من اجل الفائدة سياسيا واعلاميا، بزيارة القرية الفلسطينية سوسيا في جنوب جبل الخليل.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يدرك الاخطار الكامنة في اعادة الصراع حول الحرم. وحسب توجيهاته فان القيود على صعود السياسيين الى الحرم، ستستمر. وقبل بضع سنوات قام مسيحيون أفنغلستيين في البرازيل بافتتاح نموذج للهيكل هناك. وبالنسبة لرئيس الحكومة، اذا كان من يجلسون في المقاعد الخلفية لاحزاب الائتلاف يصممون على زيارة الحرم، فمن الافضل أن يذهبوا الى البرازيل.
جنرالات من اجل أزاريا
بشكل لا يثير السعادة الزائدة في الجيش، فان التصعيد في الميدان جاء على خلفية الذروة في قضية الدفاع في محاكمة الجندي مطلق النار من الخليل، اليئور أزاريا. أمس قدم شاهدين روايتهما، وهما الجنرال احتياط عوزي ديان وداني بيتون. ديان قال في المحكمة “إن مصير المخربين هو الموت”. وزعم أن الشرطة العسكرية لا توجد لديها الأدوات المناسبة من اجل التحقيق في الاحداث. وقال بيتون إن قرار أزاريا اطلاق النار على المخرب كان منطقيا في ظل الظروف السائدة، واعتبر أن اجراء المحاكمة هو أمر خاطيء من البداية لأنه من ناحية التقديرات الشخصية للجندي اثناء العملية فان التحقيق أركاني فقط (نسبة لهيئة الاركان).
لقد مر ديان في السنوات الاخيرة بتحول فكري، من الاعتدال السياسي الواضح الى التيار الصقري في الليكود. وبشكل غريب فان التحول الايديولوجي مقرون لديه بالحاق الضرر بالذاكرة، كما ذكّره المدعي العام في المحكمة، الجنرال نداف فايتسمان، حيث احتاج ديان الى ساعة وعشر دقائق عندما كان قائد المنطقة الوسطى في العام 1998 من اجل اصدار قرار بفتح تحقيق في الشرطة العسكرية في قضية قتل جنود من المظليين بالخطأ ثلاثة عمال فلسطينيين كانوا في سيارة قرب حاجز ترقوميا. وحينما احتج قائد فرقة المظليين ايتي بيروف على القرار، غضب منه ديان وقال لنا، نحن الصحفيون، باستفاضة، لماذا التحقيق يعتبر حيويا.
بيتون هاجم المدعي العام قائلا: “أنت تقوم باخصاء الجيش”. في هذه الحادثة وهذه المحاكمة ليس هناك أحد لا يكذب وهذا أمر مؤسف. ايضا قائد بنيامين السابق، العقيد اسرائيل شومر، قال إنه قتل شابا فلسطينيا قام برشق حجر كبير على سيارة الجيب التي كان فيها كـ “انتقام”. ويجدر القول إن اقواله كانت أكثر ترتيبا وأكثر دقة من الهجمات الليلية ضد هيئة الاركان والنيابة العسكرية في الفيس بوك.
إن ضباط الاحتياط الذين يتابعون محاكمة أزاريا تذكروا في هذا الاسبوع قضية د.، وهو قائد دبابة في سلاح المدرعات، حيث تورط د. قبل 13 سنة عندما أطلق طاقمه نار تحذيرية اثناء عملية في شمال القطاع، الامر الذي تسبب بقتل شاب فلسطيني. وقد حوكم قائد الدبابة وأُدين بالتسبب بالموت بالاهمال، وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ. الحادثة وقعت في ظروف عملياتية واضحة: الذهاب في الليل بعد ملاحظة الرقابة وجود مشبوهين يقتربون من الموقع.
لكن هذه الحادثة لم توثق والمحاكمة لم تحظ باهتمام الجمهور. وعندما حاول ضباط الاحتياط اطلاع قائدهم في سلاح المدرعات، وكان من ضمنهم كما يبدو بيتون، بأن يهتم بالمحاكمة، لم يحصلوا على جواب. عائلة د. بقيت وحدها في مواجهة الجهاز العسكري، لكن في هذه المرة، امام الكاميرات، هناك عدد من الضباط المتطوعين من اجل الدفاع عن أزاريا.
تحلق فوق محاكمة أزاريا شخصية واحدة هي وزير الدفاع افيغدور ليبرمان. في نيسان الماضي عندما كان في المعارضة جاء الى المحكمة للتضامن مع الجندي مطلق النار من الخليل، وهاجم النيابة العسكرية. وفي الاسبوع الماضي، اثناء حديث غريب في جامعة اريئيل، قال ليبرمان “نحن سندعم الجندي حتى لو اخطأ”. وهذا موقف يختلف تماما عن الدعم والعقاب، كما يفهمون الامر في الجهاز العسكري برئاسة رئيس الاركان غادي آيزنكوت.
يصعب معرفة ما يوجد في كوابيس آيزنكوت – الى جانب عملية مفاجئة لحزب الله في لبنان، أو عملية اختطاف لحماس في نفق في غزة – هو يفكر ايضا بالسيناريو التالي: حادثة موثقة، ينجح فيها مخرب باصابة جندي من الجيش الاسرائيلي في الوقت الذي يتردد فيه المقاتل وزملاءه في اطلاق النار.
إن ذلك لم يحدث حتى الآن. واثناء الحادثة التي وثقت في الخليل في يوم السبت صباحا، ظهر الرد السريع والناجع لجنود الجيش الاسرائيلي على عملية الطعن الفلسطينية. ولكن حادثة كهذه اذا وجدت فهي ستدمج بشكل نهائي بين محاكمة أزاريا وبين الاحداث الميدانية، وتعيد اشعال الجدل حول أوامر فتح النار في المناطق. القيادة الحالية في الجيش الاسرائيلي، خلافا لليبرمان وديان، تطرح موقف أكثر تعقيدا من “مصير المخرب هو الموت”. فهذه القيادة تتحدث عن تحمل بعض المخاطر والتقديرات والامتناع عن الحاق الضرر بالمواطنين غير المشاركين – لكن هذا الموقف يصعب تفسيره والاقناع به خصوصا مع عودة ارهاب السكاكين.
هآرتس