من هاجم قافلة المساعدات قرب حلب؟: علاء حلبي
بعد ساعات من تعرّض قافلة مساعدات إنسانية لهجمات عنيفة تسببت بتدميرها ومقتل أكثر من 20 من عمال الإغاثة، عدّلت الأمم المتحدة من وصف الحادثة من «غارات» إلى «هجمات»، وذلك بعدما نفت كل من دمشق وموسكو أن تكون قد قامت طائراتها بالتعرض للقافلة ، وقدمت روسيا تسجيلات مصورة تؤكد وصول القافلة إلى مستودعات الأمم المتحدة في بلدة أورم الكبرى قرب حلب بسلام.
الوثائق والتسجيلات المصورة التي قدمتها روسيا كانت كافية ليخرج المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ينس لايركه ويقدم «اعتذاراً» بشكل غير مباشر، بعد بيان سابق ذكر فيه أن الاعتداء جرى بواسطة «ضربات جوية»، مؤكداً أن «قافلة المساعدات الإنسانية في سوريا تعرّضت لهجمات وليس لضربات جوية مثلما أعلنت من قبل»، معيداً سبب البيان السابق بأنه «خطأ في الصياغة على ما يبدو».
ويأتي تعديل الأمم المتحدة لبيانها في وقت تتابع فيه قوى المعارضة السورية استثمارها السياسي للحادثة متهمة دمشق وموسكو بالوقوف وراء الاستهداف. كما تأتي الحادثة بعد ثلاثة أيام من اندلاع مواجهات بين الفصائل المسلحة وعلى رأسها «حركة نور الدين الزنكي» و «جبهة النصرة» إثر خلاف على مصير المساعدات و «الأحقية في تسلّمها». وكانت نقلت «السفير» في عددها الصادر يوم السبت الماضي عن مصدر معارض أن «مضمون الخلاف يتمحور حول اقتسام المساعدات ونِسَبها، حيث تُصرّ جماعة نور الدين الزنكي على أحقيتها بنسبة كبيرة، وإلا فإنها ستقوم بمصادرة المساعدات كلها. كذلك تُصرّ جبهة النصرة على أنها غير معنية بتأمين طريق المساعدات، متوعدةً بمصادرتها فور دخولها إلى ريف حلب في حال لم يتم تسليمها كاملةً لمسلحيها في أحياء حلب الشرقية التي اوكلت اليها مهمة توزيعها»، علما أن بلدة أورم الكبرى التي شهدت الهجوم على القافلة تخضع لسيطرة «حركة نور الدين الزنكي»، وهي منطقة مرور إجباري للمساعدات الآتية من تركيا عبر ريف إدلب الخاضع لسيطرة «جبهة النصرة» للوصول إلى أحياء حلب الشرقية، التي تعتبر «جبهة النصرة» من أكثر الفصائل نفوذا فيها.
انقلاب موقف الأمم المتحدة وتعديل بيانها يأتي أيضا بعد نشر وزارة الدفاع الروسية لثبوتيات تؤكد أن القافلة لم تتعرض الى غارة جوية. المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف أكد في بيان أن «أي من سلاحي الجو الروسي والسوري لم ينفذ أي غارة على القافلة الانسانية التابعة للأمم المتحدة في ضواحي جنوب غرب حلب»، مضيفاً «درسنا مشاهد التسجيلات المصورة من الموقع التي التقطها من يسمون أنفسهم نشطاء بالتفصيل، ولم نجد دليلا على أن القافلة تعرضت للقصف بذخيرة».
وتابع «لا توجد حفر (في المكان)، وهياكل السيارات لا تحمل آثار الضرر المتناسب مع الانفجارات التي تتسبب بها قنابل تسقط من الجو»، مشيراً إلى أن الضرر البادي في المشاهد المصورة للقافلة هو نتيجة مباشرة لحريق شب في حمولتها، معتبراً انه «وقع بشكل يدعو للاستغراب» تزامنا مع هجوم كبير لمسلحي «جبهة النصرة» في حلب، واستخدمت فيه نيران «المدفعية والدبابات، وقاذفات صواريخ متعددة من نماذج مختلفة».
وبرغم تعديل الأمم المتحدة بيانها، إلا أن ينس لايركه رفض الرواية الروسية حول «إمكانية اندلاع حريق»، قائلاً «خلصنا إلى أنه ليس حريقا»، وتابع «طلبنا تحقيقا في هذا وذلك يشمل كيفية وصف الهجوم».
كذلك، كشف التسجيل المصور الذي وزعته وزارة الدفاع الروسية تحرك سيارة دفع رباعي تحمل مدفع هاون ثقيلاً مع القافلة. وقال كوناشينكوف: «دراسة التسجيل المصور، من على متن طائرات من دون طيار، لتحرك قافلة المساعدات الإنسانية عبر المناطق التابعة لسيطرة المسلحين أظهر تفاصيل جديدة.. التسجيل يظهر قيام الإرهابيين بنقل سيارة دفع رباعي تحمل مدفع هاون ثقيلاً مع قافلة المساعدات الإنسانية».
وتابع كوناشينكوف «فقط ممثلو منظمة (الخوذ البيضاء) المقربون من جبهة النصرة الذين يجدون أنفسهم دائما في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح وبالصدفة مع كاميرات الفيديو الخاصة بهم، يمكنهم أن يجيبوا عمن فعل هذا ولماذا».
المستجدات الأخيرة لم تقنع واشنطن، إذ قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية جون توماس إن الهجوم على القافلة نفّذ في ما يبدو بواسطة ضربة جوية لم تشنها مقاتلات «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة. وأضاف «قطعاً ليس التحالف الذي ضرب من الجو.. إنه يبدو ضربة جوية، الكيانات الأخرى الوحيدة التي تحلق في سوريا هي روسيا وسوريا».
(السفير)