مقالات مختارة

ماذا بعد عدم التجديد للهدنة؟: حميدي العبدالله

أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة وقف العمل باتفاق الهدنة، بعد مرور أسبوع على بدء العمل به، في ضوء عدم التزام الجماعات المسلحة بالاتفاق، وقد أيدت الأركان الروسية موقف الجيش السوري بعدم تجديد العمل بالهدنة.

السؤال الملحّ الآن هل طويت نهائياً صفحات التهدئة التي رافقت الحرب على سورية منذ بدايتها، أم أنّ العودة إلى الاتفاق لا تزال قائمة وممكنة؟

في صراع مثل الصراع الدائر على الأرض السورية تتداخل فيه مصالح دولية عديدة في الإقليم وعلى مستوى العالم، لا يمكن الاستنتاج بأنّ صفحة التهدئة قد طويت بشكل نهائي. فالولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي والإقليمي الذي خاض ويخوض الحرب على سورية، كانت هي المبادرة دائماً لطلب التهدئة في كلّ مرة أظهرت تطورات الميدان ميلاً في غير مصلحة التشكيلات المسلحة المرتبطة بها والمعادية للدولة السورية. ولكن الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده هي طرف واحد من أطراف الصراع، هناك طرف آخر تمثله الدولة السورية وحلفاؤها يملكون قدرات تؤهّلهم لأن يكون لهم الكلمة الفصل في مسار الهدن والتهدئة، فلو كانت تطورات الميدان تسير فقط في مصلحة الولايات المتحدة وشركائها لما كانت قد طلبت الهدنة، أو قرّرت الموافقة عليها. لكن الولايات المتحدة لا تستطيع أن توجه الأحداث الميدانية في سورية بما يخدم مصالحها وحدها، وتجاهل سورية وحلفائها، وهما الطرف الأقوى والأكثر تأثيراً في المعادلة الميدانية. لذلك فإنّ السعي لإبرام هدن جديدة سوف يستمرّ من قبل الولايات المتحدة حتى بعد فشل هدنة العيد، ولكن لا يمكن فرض هدن تعمل دائماً في مصلحة الولايات المتحدة على حساب سورية وحلفائها، لا سيما عندما يكونون في وضع قوي ميدانياً. فأيّ هدنة في المستقبل يجب أن تأخذ بعين الاعتبار، أولاً، دروس وعبر الهدن السابقة، وثانياً، توصل الولايات المتحدة إلى قناعة بأنها لا تستطيع أن تجعل سلاح الهدن أكثر فعالية في تحقيق أهدافها وتطلعاتها في سورية من سلاح القوى العسكرية على الأرض. وبهذا المعنى لم يعد ممكناً عقد هدن جديدة إذا كان الحافز إليها فقط وقف عملية تقدّم الجيش السوري وحلفائه وتحقيق عبر الهدن ما عجز التحالف الأميركي عن تحقيقه في المواجهة الميدانية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى