مقالات مختارة

النظام الأمريكي بدون أخلاق: أحمد مصطفى

توجد صراحة العديد من القضايا، والكتابات والأعمال التى تثبت أن الولايات المتحدة هي حاليا في حالة من الفوضى القصوى ، بل وتتعامل بطريقة تتناقض بشكل كبير مع العديد من المسائل التي تقوض مصداقيتها في العديد من القضايا الهامة والاستراتيجية في منطقتنا، زاعمة أنها سوف تحقق بعض الأهداف لإدراة أوباما والحزب الديمقراطي قبل تركه الرئاسة، تلك الأفعال التى تظهر العورات القبيحة للولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية في العالم، على النحو التالي:-

فقد عقدت العديد من الاجتماعات التي ما بين الرئيس الروسي بوتين ووزير الخارجية الروسى لافروف ونظرائهما من الولايات المتحدة الأمريكية أوباما وكيري ومنذ فصل الشتاء لتسوية القضية السورية، ولكن لاحقا ينتهك الأمريكان المحادثات شاقة والاتفاقات مع الجانب الروسي، وآخر قضية هي الاتفاق الذي تقدم به الجانبان والذى يوجد به مادة ملزمة على الولايات المتحدة الأمريكية لكى تقوم بالتفريق بين المعارضة المعتدلة كما زعموا من المعارضة المسلحة ممثلة في داعش وأحرار الشام (النصرة سابقا)، لكن الولايات المتحدة تصر على أفعالها الملتفة والتأخير، وليس هذا فقط إلا أنهم يؤيدون ويدعمون المعارضة المسلحة بما في ذلك الجماعات الإرهابية، الأمر الذي القوات الجوية الروسية تتأخر في مهاجمة الإرهابيين، وأيضا على الرغم من وقف إطلاق النار المتفق عليه في حلب وكل المناطق الأخرى في سوريا خلال عيد الأضحى، إلا أن الجماعات الإرهابية لم توقف إطلاق النار بعد، وذلك وفقا لتقارير مركز حميميم للمصالحة في سوريا.

وعليه فقد حذر الروس الإدارة الأمريكية إلى الكشف عن محتويات الاتفاق الأخير بين الطرفين في، حالة إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على عدم الجدية فى التعاون المشترك مع روسيا لمكافحة الإرهاب في سورية، وذلك كما وافقت أمريكا مؤخرا في بداية هذا الشهر في فندق بريزدنت في جنيف، سويسرا.

في حين أن هجمات مينيسوتا كانت مجرد هجمات وهمية وكاذبة جدا لتغطية الخطأ الأمريكى الفادح والاستراتيجي في سوريا مؤخرا، كما أنها مشابهة جدا لمشهد ماراثون بوستن في عام 2013 أيضا، وذلك لتغطية أخطائها السابقة في سوريا بشأن توريدها الأسلحة الكيميائية لـ داعش لنشرها داخل سوريا عبر تركيا، ومن ثم تزعم أن النظام السوري يستخدمها ضد الأبرياء، لتبرير الهجمات المتوقعة ضد سوريا بحلول صيف عام 2013 تلك الهجمات التى قوضت من قبل الروس قبل حدوثها.

وعندما أسقط الجيش العربي السوري إثنين من الطائرات الحربية الإسرائيلية التى انتهكت المجال الجوي السوري الأسبوع الماضي بطريقة تخالف القانون الدولي، لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية بلوم إسرائيل، بالإضافة إلى أنها قدمت أكبر صفقة تسلح لها على مدى التاريخ من خلال منحهم منظومات صواريخ حديثة ومنظومات دفاع جوي بمبلغ قدر بـ (38 مليار دولار) الأمر الذي يؤكد تفوق إسرائيل في المنطقة، وكذلك يجعل هناك خلل فى التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وخاصة مع مصر ولبنان وسوريا والأردن والعراق، وفي حين أن مصر وإسرائيل أطراف متساوية في كامب ديفيد، فلماذا لم تحصل مصر على تسليح من الولايات المتحدة الأمريكية وبنفس الكم والكفاءة؟ !!

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الإرهاب، الذى أنشأته في العالم منذ عقود بداية من حرب أفغانستان في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، ولأنها قامت بغارات جوية أمس على مواقع للجيش العربي السوري في دير الزور، ووفقا لذلك، فقد دعا المندوب الروسي في الأمم المتحدة لعقد اجتماع عاجل صباح أمس لمجلس الأمن لإلقاء اللوم على الإدارة الأمريكية، وأيضا للاستماع إلى مبررات منطقية لهذا العمل الأحمق داخل حدود سوريا، بدلا من التنسيق مع روسيا لمكافحة الإرهاب مع الجيش السوري، فى حين علقت المتحدثة عن البيت الأبيض، وأنا لا أعرف كيف يمكن لها أن تدعى ذلك، حيث ذكرت أن الضربات كانت خطأ غير متعمداً من جانب القوات الجوية الأمريكية، ولكن السؤال هو، كيف يمكن للقوات الامريكية فعل ذلك ضد الجيش السوري من دون الحصول على تعليمات صريحة من وزارة الدفاع؟ على خلاف ذلك، فإن القرار في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا عشوائي بشكل كبير وبعيدا عن الإجماع.

وحتى مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من موافقة أمريكا الضمنية على ضربات القوات السعودية في اليمن وبيع الأسلحة التى يقتلون بها الأبرياء وليس القوات المقاتلة من الحوثي، كما تزعم الإدارة السعودية، وكذلك بعض الغارات التي تقوم بها القوات الامريكية في اليمن بدلا من القوات السعودية، لكون الأخيرة حديثة العهد بهذا المجال وليس لديهم خبرة فى الحرب.

ومع ذلك، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية معاقبة الإدارة السعودية عن طريق إصدار وتمرير قانون 11/9، والذى سيلزم الإدارة السعودية تعويض أسر الـ3000 ضحية الأمريكية الذين قضوا في تلك الحادث لتورط مواطنين سعوديين في هذا الحادث الإرهابي في مركز التجارة العالمي عام 2001، على الرغم من كل التعاون الاستراتيجي بين البلدين، ثم ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جدة مؤخرا في شهر أغسطس عام 2016، منتهى التناقض في تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية!!!

أما في ليبيا، وبعد الهجمات المدمرة لحلف شمال الأطلسي على أساس معلومات خاطئة الأمر المفضوح كما جاء على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني الأسبوع الماضي السيد/ بلانت، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول أكثر من مرة التأخير لأطول فترة ممكنة وعدم تزويد الجيش الليبي بالأسلحة اللازمة، ونحن لا نعرف (لماذا)، لمحاربة الجماعات المتطرفة هناك، في حين أن ليبيا هي النقطة الإرهابية الأكثر خطورة في شمال أفريقيا، حيث يمكن للإرهاب أن يصل إلى مصر وأفريقيا وأوروبا بكل سهولة، ومن ناحية أخرى تدعم الولايات المتحدة الأمريكية الجماعات المتطرفة وحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس ضد الحكومة طبرق، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا تريد أي استقرار في الساحة الليبية، فقط للحفاظ على دورها الهجومي هناك، على الرغم من العرض المسرحى الإعلامى عبر الأمم المتحدة، وكذلك مارتن كوبلر بشأن المحاولات الهشة للاستقرار وتسوية النزاع هناك.

في النهاية، يجب أن أختتم كلامى، حيث أن كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واللوبيات يخافون من دور القوى الجديدة فى العالم (روسيا والصين وإيران) لأنه إذا ما نجحوا في الحالة السورية، ستصبح سوريا أقوى من ذي قبل، ويمكن أن تشكل تهديدا ضد كل من إسرائيل والمملكة العربية السعودية الحلفاء التنفيذيين للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وأيضا ستتدخل روسيا لتسوية الوضع المتأجج في كل من اليمن وليبيا، حيث أنها يمكنها أن تفعل ذلك بشكل ممتاز، وفقا لذلك لن يتم بيع أي أسلحة أخرى في المنطقة، وسيكون هناك تراجع للولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا في منطقتنا، حيث ستبقي حالة واحدة فقط “فلسطين”، وهذا هو بالضبط الخوف الرئيسي من كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وبالتالي فإنهما تحاولان دهورة الوضع كلما استطاعوا، وهذا ما يبرر لماذا يهاجمون جيشنا العربي السوري، حتى لا تتضاءل مصالحهم، وسيصبح العالم أكثر توازنا دون قوة وحيدة، وسوف يحل نظام متعدد القطبية، وعليه سيذدهر الوضع الاقتصادي في منطقتنا، فى حال ما وصلنا لحالة الإستقرار المرجوة.

الكاتب باحث اقتصاد سياسى مصري عضو كودسريا، ومجموعة رؤية استراتيجية روسيا والعالم الإسلامى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى