قرار الولايات المتحدة عدم صرف اسرائيل لاموال المساعدة: رفيف دروكر
في تشرين الثاني 1979 أجرى رئيس الحكومة مناحيم بيغن مقابلة مع التلفزيون الامريكي قال فيها: اسرائيل ستعيد “حتى الشبر الاخير” الثلاثة مليارات دولار التي ستحصل عليها من الولايات المتحدة بسبب الانسحاب من سيناء. كان هناك كثير من الاحترام القومي في هذا القول والقليل من المعرفة (لم يعرف بيغن أن قسما من هذه الاموال تم اعتبارها هبة).
في العام 1996، في الزيارة الاولى لرئيس الحكومة الجديد، بنيامين نتنياهو، للولايات المتحدة، فاجأ الكونغرس عندما أعلن أن اسرائيل ستتنازل عن المساعدات الاقتصادية من الولايات المتحدة، كمسألة استقامة واحترام.
كان لاسرائيل في العام 1979 مكان لطلب المساعدة من الأخت الثرية. واستطاعت اسرائيل في العام 1996 التنازل عن 1.2 مليار دولار كمساعدة اقتصادية (خلال عشر سنوات). ولكن كيف يتجرأون اليوم بالمطالبة بمساعدة سنوية تبلغ 3.8 مليار دولار؟ اسرائيل تتفاخر بـ 40 ألف دولار للشخص الواحد، أي أنها تسبق اسبانيا وايطاليا واقتصادها في مكانة مرموقة في اوروبا وفي مكانة ممتازة في العالم. الى متى ستمد يدك؟ ويمكن طرح السؤال بشكل مختلف: لماذا التوقف؟ لقد أثبت نتنياهو أن المليارات لا تخلق أي تبعية. يمكن السعي من اجل الحصول على منحة وبعدها على الفور البصق في وجه الادارة. وماذا عن الاحترام القومي؟ هذه مسألة مضحكة.
العنزة الوحيدة التي تجرأ الامريكيون على ادخالها في الاتفاق هي الحاق الضرر بالصناعات العسكرية الاسرائيلية. في نهاية العام السادس على الاتفاق لن يكون باستطاعة اسرائيل انفاق ربع المساعدة (800 مليون دولار) على شراء الصناعات العسكرية في اسرائيل. هذا هو الجزء المفرح الوحيد في الاتفاق. وللأسف أنه لن يحدث منذ اليوم الاول.
في نيسان 2012 نشر مراقب الدولة التقرير الاكثر زعزعة والذي لم يكن لها صدى كبير. وقد كشف التقرير عن أن خمس صفقات على الأقل من التصدير الامني تمت دون حصولها على موافقة وزارة الخارجية. هل يبدو ذلك مملا؟ لقد اهتم أحد ما بأن يبدو الأمر مملا. اللوبي القوي للصناعات الامنية (هل هناك جنرال في الجيش الاسرائيلي لا يخطر بباله الذهاب الى هناك والاندماج في يوم ما؟) سعى الى أن يبقى التقرير في اغلبه سريا. الامر ليس صعبا. يتم التوجه الى اللجنة الثانوية في لجنة رقابة الدولة. فالنقاش هناك سريا ويتم ترتيب استشارة بأن ذلك سيضر بالعلاقات الخارجية، أي أن ذلك سيحرج رؤساء الصناعات الامنية – ويتم اتخاذ قرار بأن تفاصيل التقرير لن تُعرف أبدا.
المراقب حينها يمكنه أن يكتب ما يريد. وقد كتب وكتب بأن مدير عام وزارة الدفاع، أودي شني، اتخذ قرارات بخصوص تصدير السلاح بشكل غير قانوني، الامر الذي يتطلب التشاور مع وزارة الخارجية. وقد فعل ذلك بوعي وبشكل علني، لكن لا داعي للقلق لأنه لن يحدث له شيء. من سمع أصلا عن هذا التقرير؟ الوزير الذي كان في تلك الفترة، اهود باراك، قال لمساعدي المراقب إنه لا يعرف أي شيء. فهو مجرد وزير. الوزير الذي أعقبه، موشيه يعلون، لم يسمع عن ذلك أيضا. من يهتم لمن بعنا ومن يستخدم سلاحنا؟ التقرير الذي يتم نشره بدون ذكر إسم الدول وأساس الصفقات وتفاصيل السلاح الذي تم بيعه – تقرير كهذا لا يهم أحد بالفعل.
يوجد لاسرائيل ماض نازف في كل ما يتعلق ببيع السلاح. الانظمة الاكثر فظاعة في العالم حصلت على السلاح من اسرائيل في الفترة الاكثر ظلامية في تاريخها. والحاضر كما يبدو ليس أفضل كثيرا. تقريبا ليس هناك صراع في العالم لم تنجح الصناعات الاسرائيلية في بيع شيء ما فيه. وهذا من المفروض أن يكبح، حسب القانون، وزارة الخارجية، لكن تم بذل الجهود من اجل تقزيم تأثيرها.
إن مدخولات الصناعات الامنية الاسرائيلية لها بنية خاصة، وخلافا للوضع في دول اخرى، فان نحو 70 في المئة من الدخل يأتي من التصدير، وهذا يرتبط بزيادة الحروب. في هذه الاثناء يقولون هناك إنهم سيمكنهم التعايش مع القرار الامريكي الجديد وأن ينشئوا المصانع في الولايات المتحدة، وهذا أمر مؤسف.
هآرتس