بقلم غالب قنديل

قرار الردع السوري

 

غالب قنديل

شكل التصدي السوري للطيران الصهيوني في منطقة الجولان حدثا محوريا استقطب الاهتمام فوقعت القيادة الصهيونية في حال من الارتباك بعدما أقرت بأن إطلاق صاروخين على إحدى الطائرات التي كانت تغير على مواقع للجيش العربي السوري يمثل رسالة ردع وجاهزية للاشتباك في وجه الخطة الصهيونية المستمرة لدعم الجماعات الإرهابية .

واعتبر بعض المحللين الصهاينة المبادرة الدفاعية السورية حصيلة للتحولات الجارية بعدما ظهر سياسيا التسليم الأميركي بسقوط الرهان على النيل من الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية التي كرسها الاتفاق الأميركي الروسي شريكا رئيسيا في الحرب على الإرهاب ومن المفيد التذكير بما سبق ان اوردته المخابرات الصهيونية في تقويمها الشامل للوضع في سورية قبل أشهر وخلصت فيه إلى ان الخطر الداهم بالنسبة لإسرائيل هو تآكل قوة الجماعات الإرهابية ورجحان كفة الرئيس الأسد.

أولا أعربت تل أبيب عن انزعاجها الصريح من اتفاق جنيف ونتائجه المتوقعة التي تصب في مصلحة الجيش العربي السوري وذهب بعض الخبراء الصهاينة إلى الاستنتاج ان إسرائيل هي الخاسر الرئيسي من الاتفاق وقد ظهرت البلبلة في صفوف الجماعات المسلحة التي تربطها بالكيان الصهيوني علاقات معلنة يعبر عنها الدعم الاستخباراتي واللوجستي لجبهة النصرة وسواها من التشكيلات الإرهابية في جبهة الجنوب السوري وهي جماعات تم تدريبها وتسليحها بتعاون سعودي قطري أردني صهيوني تحت الرعاية الأميركية طوال السنوات الماضية وتم نقلها إلى الداخل السوري خلال سنوات الحرب تحت العناية الصهيونية من الحدود الأردنية عبر ممر المنطقة العازلة التي اخلتها قوات الأندوف.

ثانيا منذ انطلاق العدوان على سورية يتواصل السعي الصهيوني لإقامة شريط حدودي تتكفل فيه الجماعات الإرهابية العميلة بضمان أمن الاحتلال الصهيوني وبالعمل لتحقيق الغاية المتمثلة بمنع قيام مقاومة شعبية سورية في الجولان ومؤخرا أفادت بعض المعلومات بطرح الصهاينة لشرط حمله الأميركيون في قاعات التفاوض الطويل حول الاتفاق مع روسيا يتعلق برفض تواجد حزب الله على مقربة من جبهة الجولان وتم رفض مبدأ النقاش في الموضوع باعتباره شأنا سياديا سوريا تقرره الدولة السورية التي تحتفظ بجميع حقوقها بالتعاون مع حلفائها في مقاتلة الإرهاب وفي التصدي للاعتداءات الصهيونية وكذلك بتحرير أرضها المحتلة واستعادتها عملا بالقرارات الدولية التي تمنع إسرائيل تطبيقها منذ عقود بينما تمضي في خططها لضم هضبة الجولان وتهويدها عبر خطط بناء المستعمرات وهو ما لن تقبل به سورية او تصمت عنه رغم انشغالها بالتصدي للإرهاب على مساحة الجغرافية السورية.

ثالثا التصعيد الذي قامت به إسرائيل والجماعات الإرهابية التي تدعمها في منطقة الجولان هو ترجمة ميدانية لتهديد آشتون كارتر وزير الحرب الأميركي بإشعال جبهة الجنوب والغارات الصهيونية والقصف المدفعي ضد مواقع الجيش العربي السوري يأتيان في سياق الغطاء الناري الصهيوني لمحاولات التقدم اليائسة التي تقوم بها الجماعات الإرهابية بعدما تلقت ضربات موجعة من الجيش العربي السوري والقوى الشعبية المقاتلة إلى جانبه وبعدما صمدت مواقع الجيش المستهدفة في تلك الجبهة وصدت الهجمات المتلاحقة في الأسابيع الأخيرة والدليل هو تصاعد عدد الجرحى الإرهابيين الذين نقلهم جيش العدو إلى مستشفياته العسكرية داخل فلسطين المحتلة خلال الأيام القليلة الماضية.

رابعا القرارالسوري بردع العربدة الصهيونية وبمباشرة مرحلة جديدة من العمل لمنع قيام شريط صهيوني جاء محملا بالمعاني والأبعاد الاستراتيجية وبالأهداف العسكرية والمعنوية وقد قرأ الصهاينة جيدا رسالة دمشق عندما استنتجوا ان إثبات الإرادة والقدرة وخوض معركة الوعي كانت وراء الأمر بإطلاق الصاروخين السوريين .

أظهر الجيش العربي السوري في هذه المواجهة حقيقة الحرب على سورية بوجهها الصهيوني وكونها حربا عالمية باهداف إسرائيلية كما برهن على وظيفة العصابات التي تقاتل ضده في جميع المناطق بوصفها ادوات لخطط صهيونية تستهدف سورية كما أثبت الجيش سقوط الرهانات على إضعافه وثنيه عن ردع العدو الذي هو محور عقيدته القتالية كما برهن مجددا على امتلاكه الخبرة التقنية والسلاح المناسب في ردع العدوان ولا شك ان الحسابات التي شكلت خلفية القرار اخذت بالاعتبار جميع الاحتمالات بما فيها تطور الاشتباك إلى مواجهة عسكرية اوسع وهو بالتأكيد امر جرى التنسيق بشأنه مع شريكي محور المقاومة إيران وحزب الله كما وضع الحليف الروسي في اجوائه وفقا لما أفادت به مصادر موثوقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى