مقالات مختارة

التسويات تتحرك في المعضمية والوعر – زياد حيدر

 

يغادر خلال الساعات المقبلة من بقي من المسلحين في مدينة المعضمية نحو مدينة إدلب، لتنضم المدينة الى منطقة سيطرة الدولة الكاملة مدنيا وعسكريا، وذلك بعد أربعة شهور من التفاوض التي جرت بضمانة روسية، ولكن بجهود الوجهاء المحليين للمدينة وقادة في الجيش السوري، وبغياب تام لموظفي الامم المتحدة.

وانتهت المهلة التي حددها الجيش في لقائه التفاوضي الاخير منذ اسبوع مع وجهاء البلدة، ولا سيما القسم الذي يخضع لسيطرة جزئية للمسلحين. ومع نهاية المهلة، بدأت فصائل المعارضة الموجودة في المعضمية، إعداد قوائم لعناصرها الرافضين للمصالحة بهدف تهيئتهم للسفر خارجها.

وكما جرت الأمور سابقاً مع مقاتلي داريا ومناطق أخرى، سيتوجه حوالي اربعين مقاتلا مع عائلاتهم الى محافظة ادلب التي تخضع بكاملها لسيطرة تحالف ما يعرف بـ «جيش الفتح»، والمؤلف من فصائل إسلامية متشددة.

ووفقاً لما قاله عضو فريق المصالحة الوطنية احمد منير لـ «السفير»، فإن «الامم المتحدة يمكن ان تتولى عملية التجهيز اللوجستي لنقل هؤلاء» كما جرى سابقاً في داريا، وذلك خلال «ايام معدودة» على الارجح.

وسيقتصر دور الفريق الدولي على هذه المهمة، إضافة لتقديم المساعدة في مراكز الإيواء، فيما تبقى عملية التفاوض محصورة بالمعنيين مباشرة، وبوجود ضامن روسي.

ورغم أن عملية التفاوض بين الجيش والوجهاء بدأت ملامحها الاولى منذ اربعة أشهر تقريباً بناءً على طلب أهالي المدينة، إلا أن عقدة مدينة داريا الملاصقة أعاقتها، حتى حصل الاختراق بفتح قناة حوار بين الطرفين بدأت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصولاً إلى المفاوضات المباشرة بين عسكريين من الجهتين.

ولاحقاً واجهت المحادثات في المعضمية تعقيدات أخرى تتعلق بمن بقي من مقاتلي داريا في المدينة، والتي كان شملها اتفاق التسوية قبل عشرة ايام من الآن، وهؤلاء «جرى ترحيلهم في وقت سابق»، وفقاً لما قاله منير، وبعضهم التجأ الى مركز الايواء في الحرجلة قرب دمشق، فيما البعض الآخر فضّل تسوية وضعه والبقاء في المعضمية التي ستصبح تحت سلطة الدولة الكاملة خلال وقت قصير.

وقال منير إن «السلاح الوحيد الذي سيسمح به هو سلاح الدولة، كما جرى في كل مناطق التسويات».

ووفقاً لما ذكرته مصادر المعارضة، سيتاح لمن بقي ولا سيما من شارك في تطبيق الهدنة القائمة منذ ثلاث سنوات في المدينة تسوية أوضاعهم، ونقل سلاحهم الى الكتف الآخر الموالي للدولة، في إطار كتائب شعبية مهمتها حماية حدود المدينة.

وينصّ الاتفاق وفقاً للمصادر السابقة على «البدء بتسجيل أسماء الراغبين بمغادرة المعضمية إلى الشمال من أجل تجهيز حافلات لنقلهم وتجميد التسوية اعتباراً من الثلاثاء لحين الانتهاء وخروج آخر شاب مسلح وفتح مكتب لشعبة التجنيد لمتابعة أمور المطلوبين لخدمة العلم، وتسليم السلاح بالكامل بعد خروج الشبان المسلحين وضمان أن تكون خدمة العلم لأبناء المدينة في محيطها، وتسوية أوضاع المتخلفين وعودة الطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم، وتسريح ذوي الإعاقة الجسدية».

وستتم بالطبع إزالة الحواجز التي كانت تقسم المدينة لقسمين يخضعان لنفوذين متعارضين، كما سيسمح بحرّية حركة الاهالي ودخول البضائع بعدما كان الامر مقتصرا على الموظفين والطلاب فقط في السابق.

وسيتم بعد الانتهاء من ملف المعضمية الالتفات لمنطقة الغوطة الشرقية، والتي قال منير إن فيها «أولويات» لم يحددها، وإن أشار إلى أن «هذه العملية تخضع لتراكم النجاحات، وأن كل تسوية تجرّ وراءها تسوية أخرى».

من جهة أخرى، تقدمت التسوية في حي الوعر بعد تعثرها في الاسبوعين الماضيين. وقال محافظ حمص طلال البرازي لـ «السفير» إن المرحلة الثالثة بدأ تنفيذها، وسمحت السلطات الحكومية أمس الاول بمرور المدنيين من حي الوعر وإليه، فيما دخلت ثلاث سيارات محملة بالخضار والخبز.

وقال البرازي إن المرحلة الثالثة التي تعرقلت سابقاً «تم الاتفاق على استئنافها»، مشيراً إلى أن السلطات تنتظر قوائم بأسماء المسلحين الذي سيغادرون الحي، باتجاه شمال المدينة ومدينة ادلب.

ولا تعرف السلطات الرقم الدقيق لأعداد المسلحين إلا أن تقديراتها أن عددهم لا يتجاوز الألفي مقاتل، يمكن لبعضهم «الاستفادة من العفو الرئاسي وتسوية وضعه القانوني» وفقاً للبرازي.

وبحسب محافظ حمص، أبدت السلطات «مرونة مؤخراً» في تسهيل دخول البضائع وحركة المواطنين من الحي واليه، وذلك بانتظار قوائم المسلحين والتي يفترض أن تكتمل خلال عشرة أيام، بحيث يتم العمل على ترحيلهم أو تسوية أوضاعهم.

وأقرّ البرازي من ناحية أخرى بأن لجنة المفقودين والمعتقلين المعنية بأحداث حمص، لا تحقق التقدم ذاته، وذلك لغياب المعلومات حول الكثير من أسماء المخطوفين أو المفقودين، من جهة، ولغياب مصير الكثير من الأسماء التي قدمتها المعارضة كمعتقلين، والسلطات «تقول إنها لا تعرف عنهم شيئاً».

الأسد إلى بكين.. وحضور صيني في طرطوس

الرحلة الرئاسية السورية الى موسكو، ليست الوحيدة المقررة، لكنها تعدّ محطة للعودة السورية الى العواصم الدولية وبقوة. الرئيس بشار الأسد وافق على تلبية دعوة لزيارة بكين خلال الأسابيع المقبلة. الصين التي طلبت من سوريا تخصيص قاعدة بحرية في طرطوس على الساحل السوري، لذلك أوفدت، للتمهيد لتلك الزيارة الرئاسية السورية في السادس عشر من آب، الأميرال غوان يوفي، مدير قسم التعاون الدولي في اللجنة العسكرية الصينية. الصينيون الذين تحفّظوا طيلة الأعوام الثلاثة الاولى من الحرب السورية، وامتنعوا طويلاً عن تنفيذ صفقات أسلحة موقعة مع دمشق، بدأوا بالعودة تدريجياً الى دعم حقيقي لسوريا، وتنفيذ ما تبقى من تلك الصفقات تدريجياً، منذ عام ونصف. الأميرال غوان يوفي، وعد بأن تقوم الصين بتدريب وحدات من الجيش السوري، والمساعدة على إعادة تسليحه. المياه السورية الدافئة، تتسع لأكثر من القطع البحرية الروسية، وطرطوس تصلح للمساهمة في استراتيجية الصين كسر الطوق الأميركي حولها.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى