اوروبا: ميركل الانتخابات والاسلام: زلمان شوفال
هزيمة الحزب الديمقراطي المسيحي برئاسة المستشارة انغيلا ميركل في الانتخابات المحلية، وأمس في مدينة مكلينبورغ في المانيا، هي اشارة تحذير للحزب الحاكم في المانيا. لأنها تثبت أنه ليس فقط في الولايات المتحدة قد تحدث في الاشهر القريبة دراما سياسية. إن احتمالية التغيير السياسي قائمة، لا سيما في المانيا وفرنسا، لكن بريطانيا سبقتهما في موضوع الانفصال عن اوروبا. توجد اسباب محددة لكل عاصفة من العواصف السياسية القائمة والمتوقعة. ولكن من خلفها جميعا يقف بهذا الشكل أو ذاك، الخوف من الأسلمة وتأثيرها، سواء في مجال الارهاب أو في مجال تحطيم النسيج الاجتماعي والتوازن الديمغرافي.
في الصحيفة السويسرية الهامة “نويا سيريخر تشيتونغ” نشر مقال مفصل حول استراتيجية المراحل لدى “الاخوان المسلمين” والحركات السلفية في السيطرة على العالم. تنازل صغير هنا وتنازل صغير هناك، تراجع غير مهم في امور مثل اللباس والتعليم، سن قوانين “الشريعة” وغيرها، كل ذلك تحت مظلة المساواة وحقوق الانسان، الى أن تهتز جدران المجتمع الغربي الديمقراطي كليا تحت ضربات الهجمة الساحقة. كاتب المقال ليس شخصية مثل المؤلف الفرنسي ميشيل فولاك، الذي يصف انتصار الاسلام في فرنسا كحقيقة مفروغ منها، بل هو بروفيسور له مكانته في العلوم السياسية وتاريخ الشرق الاوسط في جامعة سيريخ.
في الوقت الذي يرفع فيه دونالد ترامب في الولايات المتحدة تهديد الاسلام، فان المانيا ميركل تتحدث عن واقع قائم. الدولة التي استوعبت حوالي مليون مهاجر، اغلبيتهم من المسلمين، والتي ستستوعب حتى نهاية السنة حوالي 300 ألف آخرين، اضافة الى حوالي 3 ملايين تركي يعيشون فيها، فان موضوع الاسلام تحول الى قنبلة موقوتة من الناحية السياسية والانتخابية. في مركز الحريق تقف المستشارة ميركل، حيث أن معارضيها وبعض مؤيديها يلقون عليها المسؤولية، مثلما قال أحد نوابها الائتلافيين ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، سغمار غبرئيل، أنها لم تقدم بالشكل الصحيح التحديات لسياستها الليبرالية في موضوع الهجرة. ويطالب غبرئيل بتقييد الهجرة الى المانيا. والسيدة ميركل التي تعارض ذلك طلبت مؤخرا من سكان المانيا المسلمين اظهار ولاء أكبر للقيم الاجتماعية والديمقراطية في الدولة.
نتيجة لهذا الوضع، الى جانب زيادة قوة اليمين المتطرف في المانيا والذي يحمل جزء منه ملامح فاشية كما حدث في ماكلينبورغ، حيث وصل حزب كهذا الى المكان الثاني، تُسمع ايضا اصوات لاستبدال المرشحة لرئاسة الحكومة في الانتخابات القادمة. وكما يبدو هذا لن يحدث، لكن الاستقرار السياسي في المانيا تصدع بصورة كبيرة.
في فرنسا ايضا، لكن بشكل أكثر مما هو في المانيا، فان العامل الاسلامي سيلعب دورا مركزيا في الانتخابات الرئاسية القريبة. وفي الانتخابات التمهيدية للمرشحين في قطب الوسط – يمين يحدث صراع عنيف وغير محدود بين الرئيس السابق نيكولاي ساركوزي وخصمه رئيس بلدية بوردو، آلن جوبيه. في الانتخابات السابقة فاز رجل اليسار أولاند بالانتصار على ساركوزي بفضل اصوات المسلمين في فرنسا، وقرر جوبيه في المنافسة الحالية السير في أعقابه وأعلن أنه خلافا لخصمه ساركوزي الذي يضع على سلم حملته مكافحة الارهاب، فانه يطلب من فرنسا “عناق المسلمين فيها”.
بالنسبة لاسرائيل لا يوجد فرق كبير بخصوص من سيدخل الى الأليزيه. جميع المرشحين يعلنون أن اسرائيل هي صديقة مهمة لفرنسا (والفلسطينيون ايضا)، لكن ما يحدد بالفعل هو الخط المحافظ لوزارة الخارجية الفرنسية منذ “اعلان فنيسيا” في 1980 الذي نص على اشراك م.ت.ف في أي مفاوضات حول القضية الفلسطينية. ووقوفها في 1967 الى جانب العرب وروسيا حول قرار مجلس الامن 242 التابع للامم المتحدة.
صحيح أن فرنسا ليست اليوم لاعب رئيسي في الساحة الشرق اوسطية، رغم جهودها لتكون كذلك. ولكن ما يحدث فيها قد يحدد طابعها وصورتها أكثر من هذه الخطوة الفاشلة أو تلك في السياسة الخارجية. في جميع الحالات، التطورات فيها وفي المانيا واماكن اخرى، تشير الى أن الاسلام سيلعب دورا مركزيا في سياسة العالم الحر.
اسرائيل اليوم