مليون شيكل: اليكس فيشمان
وزارة الدفاع، وللدقة الحكومة، ستدفن في الارض 600 مليون شيكل هي تهدئ الضمير، وتسد لسكان غلاف غزة الفم وتسكت النقد على قصورات معالجة الانفاق .
قبل بضعة أشهر كشف زميلي ناحوم برنياع النقاب عن قرار الحكومة اقامة عائق جديد حول قطاع غزة: بضع عشرات الامتار في عمق الارض، اسمنت، جساسات وما شابه ـ والنهاية لعصر الانفاق. لقد جرى الحديث عن استثمار هائل بمبلغ 2.7 مليار شيكل، بهدف استكمال المنظومات التكنولوجية لاكتشاف الانفاق التي ستصل ذات يوم إلى النضج العملياتي والتغطية عليها في حالة الفشل.
لقد توجهت وزارتا الدفاع والمالية للمهمة وكل واحدة منهما ساهمت بـ 300 مليون شيكل لبدء الأشغال في مقطع صغير نسبيا. المقطع الاول هو تجريبي ايضا، وعليه فهو اغلى بضعة أضعاف من مقاطع العائق التي ستأتي بعده. حتى هنا إدارة منطقية. ولكن من هنا عادت وزارة الدفاع إلى طريقة «توكل» التقليدية: سيكون على ما يرام. نبدأ، وهذا يتدبر من تلقاء نفسه. ولكن لا شيء يتدبر، لانه لا يأتي من أي مكان ـ لا في كتاب الميزانية للسنتين القريبتين، ولا في ميزانية وزارة الدفاع ولا في مخططات المالية ـ أي مخصص مالي لمواصلة الاشغال.
عندما تنتهي الاشغال على المقطع الاول بنجاح، ستصدر عطاءات لثلاث شركات بناء كبرى لاستكمال عائق بطول 60 كيلو متر حول قطاع غزة. وسيتعين على الشركات التي تفوز أن تشتري معدات خاصة من الخارج، وكلها تعتقد بانه ما أن تصدر الاشارة حتى يبدأون بالحفر. خطأ. فجأة سيتبين بانه لا يوجد مال، وانه خلف الحماسة الاولية، لا يتطوع احد في وزارة الدفاع أو المالية لتمويل استمرار الاشغال. الناطق بلسان وزير الدفاع مقتنع ـ ردا على سؤالنا ـ بان الجواب المالي سيصدر في وقت ما، باتفاق بين مكتب رئيس الوزراء ومكتب وزير المالية. وعلى حد قوله، فان وزير الدفاع يعمل على اقرار الميزانية. هراء.
مشكوك أن يكون أحد ما في مكتب وزير الدفاع، بما في ذلك الوزير، يعرف كم من المال استثمر حتى اليوم في جدار الفصل في الضفة. إذن لعلمكم: حتى اليوم استثمر في نحو 500 كيلو متر من الجدار نحو 13 مليار شيكل، فيما انه من أجل صيانة الجدار يستثمر كل سنة بضع مئات ملايين اخرى. ولكن الجدار لا يبرر الاستثمار لانه لم يستكمل على طول 280كيلو متر في جنوب جبل الخليل، في منطقة غوش عصيون، بحيث أن التسلل إلى إسرائيل يتواصل بلا معيق.
تذكير: على اقامة الجدار في الضفة قرر اسحق رابين في 1995، وبدأوا يبنونه في 2002 في اعقاب كارثة العمليات الانتحارية. بناؤه، كما أسلفنا، لم ينتهِ ـ وذا بالضبط ما سيحصل في غزة. سنبقى عالقين مع عائق على طول بضعة كيلو مترات والجدال سيستمر: هل البناء سيمول من ميزانية الدفاع، إذ أن هذه حرب ضد الإرهاب، أم من ميزانية الدولة، إذ أن الحديث يدور بزعم وزارة الامن عن مشروع وطني.
وبالمناسبة، يلوح رئيس الوزراء بخيار بمشروع الجدار على الحدود المصرية. يجدر بالذكر أن المشروع نفذ بعد عشر سنوات من توصية الجيش به لأسباب امنية. ولم يصدر الامر إلا عندما نشأت المشكلة السياسية للمتسللين.
بعد أن دفعت الضريبة اللفظية باهظة الثمن عن الجدار في القطاع، يبدو أن رئيس الوزراء ووزير الدفاع يصليان لان تتوقف حماس عن الحفر بطريق المعجزة، أو تتبخر الانفاق. متى سيجدان المال؟ عندما تقع، لا سمح الله، مصيبة، وبالأساس إذا كانت لها آثار سياسية داخلية. في هذه الأثناء يدفنون مئات الملايين في الارض، وحماس تواصل الحفر في نقاط اخرى على طول الحدود.
يديعوت