القصة ليست قصة سبت بل قصة صراع داخلي في الليكود مع الوزير كاتس: ناحوم برنياع
ثلاثة أسابيع في السنة يحتفل الاصوليون- الحريدون. هذا الاحتفال، الذي بدأ غداة التاسع من آب وانتهى امس، يسمى “بين الأزمنة”. مبهج أن تراهم يخرجون، بنسائهم واطفالهم، الى الحدائق والى شواطيء البحر. حقيقة أن النساء يتشمسن الى جانبهم بالبكيني لم يزعجه؛ لم تزعجهم الازواج الذين تبادلوا القبل بشغب الى جانبهم. امرأة ورجال، امرأة وامرأة، رجل ورجل، كل واحد كان سعيد بنصيبه من استجمامه الصغير: المجتمع غير الاصولي ابتهج، وهم ابتهجوا له.
هذا هو احد اسباب للاحساس بان الازمة السياسية الحالية زائدة: فهي نتاج ضعف شخصية، إغراض وربما غباء ايضا – وليس نتاج مشكلة حقيقية. هذه ليست عملية مضادة؛ هذه ليست كارثة طبيعية؛ هذا ليس صراع أخلاقي ولا ضرر ايديولوجي. ولهذا فان الجمهور غاضب من العقاب الذي أوقعته به الحكومة مثلما لم يغضب منذ زمن بعيد. لا مفر من تسمية الولد باسمه: عيب.
ضعف الشخصية هي للسياسيين الاصوليين، الذين ينجرون وراء معقب متحمس من جمهورهم. احد ما في وسائل الاعلام الاصولية سمع انهم سيعملون في السبت في محطة القطار في عزرئيلي وجعل من هذه قصة. لم يعرف، او لم يرغب في أن يعرف، بان ليس في ذلك أي جديد. في اسرائيل يعملون في السبت لانه في دولة دينامية، متطورة، ما لا يعالج في السبت يصعب عمله في يوم الاحد. ولا غرو أن آريه درعي فر للنجاة بروحه من وزارة الاقتصاد. كان يعرف انه كان ملزما بان يقر الاف تراخيص العمل في السبت وخاف من رد فعل الحاخامين ورد فعل الشارع الاصولي.
لو أن ليتسمن وجفني وزملاءهما كانوا يتميزون ببعض الشجاعة، لتوجهوا الى جمهورهم وقالوا له: “نحن يمكننا أن نستغل القوة التي اعطيتمونا اياها كي نحقق امتيازات كبرى لوسطنا؛ يمكننا ان نستغل القوة كي نفرض الاجراءات المتشددة على الجمهور العلماني. ولكن لا يمكننا أن نفعل الامرين معا. اذا طلبنا اكثر مما ينبغي فسنخسر كل الصندوق، مثلما حصل في قانون المخصصات، مثلما حصل ايضا في الحكومة السابقة.
ولكن السياسيين الاصوليين ليسوا هم القصة. فلو كان نتنياهو ضرب لهم على الطاولة لكانوا تراجعوا، وصلوا صلاة النجاة. خير لهم ولوسطهم في هذه الحكومة – في واقع الامر، لم يكن لهم الواقع افضل في أي حكومة اخرى – وهم يريدون ان يبقوا فيها. الاشغال على القطار تعنيهم مثلما يعنيهم ثلج السنة الماضية.
القصة الحقيقية تجري داخل الليكود. بدايتها في مناورة داخلية: اسرائيل كاتس حاول ان يقزم سيطرة نتنياهو على جهاز حزبه. وحسب رواية نتنياهو كانت هذه محاولة انقلاب بلاط، انقلاب مضاد؛ اما حسب رواية كاتس فهي خطوة ترمي الى منع نتنياهو من تعيين رجاله بطرق كانت ستورط الجميع، بمن فيهم كاتس، في اعمال جنائية.
أوقع نتنياهو هزيمة نكراء بكاتس. كاتس لم ينسَ ولم يغفر. وعندها جاء القطار.
لا يوجد أي سبب يدعو ألا تجري الاشغال التي ملزم القطار بتنفيذها على خطوطه في السبت. واذا كانت للكتل الاصولية ملاحظات على ذلك، فيمكنها أن تبحث فيها بهدوء مع وزير المواصلات ومع مكتب رئيس الوزراء. من أجل هذا يوجد ائتلاف؛ من اجل هذا توجد حكومة. ولكن وزير المواصلات لم يسارع الى اخراج الكستناء من النار من أجل رئيس وزراء يهينه، وفي مكتب رئيس الوزراء لا يوجد شخص مجرب، ذكي، يعرف كيف ينهي القضية.
وهكذا علق نتنياهو في مواجهة في جبهتين غير بسيطتين. جبهة واحدة هي الجنود: في اسرائيل يمكن الخضوع للاصوليين على حساب كل قطاع، فقط ليس على حساب الجنود وأهاليهم. جبهة ثانية هي كاتس. بخلاف جدعون ساعر وبوغي يعلون، فان كاتس لا يسهل على نتنياهو ويستقيل وهو يحارب في سبيل مكانته. هو غير قادر على تغيير نتنياهو، ولكنه قادر على توريطه حتى الرقبة. الرجل الذي يعرض نفسه كأحد كبار الزعماء الذين شهدهم العالم يتبين بالاجمال كسياسي مصاب بجنون الاضطهاد، يحسد ويناكف زملائه ويفشل في مواجهة مشكلة لا يؤبه لها.كاتس هو المرآة التي يريد نتنياهو ان يحطمها.
يديعوت