لم يعد صراع المستوطنين من اجل التأثير في السياسيين بل أصبح صراعا من اجل السيطرة على الجيش: تسفي برئيل
لقب ضابط أمن الحاضرة اليهودية في الخليل، الذي يحمله الياهو ليبمان مضلل. ليبمان الذي تم استدعاءه لتقديم الشهادة من قبل محامي الدفاع في صالح الجندي اليئور أزاريا في المحكمة التي تحولت الى رمز الصراع بين اليمين واليسار، بين الجيش والمستوطنين، بين رئيس الاركان ووزير الدفاع الذي أقيل من منصبه وبين رئيس الحكومة وبعض وزرائه، هذا الصراع يمثل أمة المستوطنين التي وضعت نفسها كجدار منيع أمام مجموعة من القيم التي يدعي الجيش أنه يمثلها.
ليبمان هو جزء من سلالة يعتبرها الكثيرون ممثلة للحركة الاستيطانية. والده الحاخام مناحيم ليبمان كان من مؤسسي كريات اربع ويعتبر من جماعة الحاخام لفنغر. وقد طالبوا الجنود برفض “الأوامر غير القانونية” حول اخلاء المستوطنين من الخليل ومن كنيس أبانا ابراهيم. شقيقه يهودا، من مؤسسي مستوطنة يتسهار، وشقيق آخر يدعى دافيد يعيش في تفوح ينتمي الى “الخلايا السرية الجديدة” التي عملت في سنة 2003 وتُشتبه بمسؤوليتها عن قتل تسعة فلسطينيين. ليبمان الذي انتقد بشدة وزير الدفاع والمدعي العام العسكري، يحمل وسام التقدير من رئيس هيئة الاركان بسبب مبادرته ونشاطه اثناء العملية على “خط المصلين” في الخليل في سنة 2002، حيث قتل خلالها 12 اسرائيليا منهم العقيد درور فينبرغ.
عائلة ليبمان تمثل العلاقة التدميرية بين الجيش وبين المستوطنين، الامر الذي دفع الجيش الى الخضوع امام زعماء المستوطنين، وهذا حدث قبل ظهور “شبيبة التلال” بكثير. كانت تلك “العائلات النبيلة” في المستوطنات مثل عائلة تور، لفنغر، ليبمان، ليكس، لفني، كتسوفر وغيرها، التي وضعت أسس الصراع السياسي ضد الجيش الاسرائيلي. هذه هي النخبة التي تعتبر أوامر الجيش كقشرة الثوم. وقد نجحت في خلق ثقافة عدم الخضوع، وليس هاما اذا كانت اقوال ليبمان ستفيد أو تضر أزاريا، الذي ما هو إلا قربان يمكن التضحية به. والأهم من ذلك هو أساس الشهادة: “هناك من يعتقدون أنه اذا تم اطلاق النار على مخرب وسقط على الارض، فهو محيد، ويمكن التحييد بطريقتين، إما اطلاق النار على الجزء السفلي من جسده وبعد ذلك اطلاق رصاصة على الرأس من اجل التحييد، وإما في حالة قام خبير المتفجرات بفحص المخرب وتم الاعلان أنه ليس على جسمه عبوات وهو مقيد اليدين والقدمين”.
أوضح ليبمان أنه لا يوافق على أوامر قائد الكتيبة التي تقول إنه يجب تقديم العلاج الطبي للمخرب بعد اصابته (والاعلان أنه لا يشكل أي خطر) وذلك دون انتظار خبير المتفجرات. ولكنه لا يجري هنا نقاشا تكتيكيا مع قائد الكتيبة أو مع الجيش، بل هو يتحدث باسم سياسة، استراتيجية وارث أمة المستوطنين. الجيش الاسرائيلي وأوامره ليسا مهمين.
وفي مقابل هذا الارث لا يستطيع الجيش الاسرائيلي فعل أي شيء. الصراع في قمة الجبل الذي يديره رئيس الاركان غادي آيزنكوت ضد الحاخامات والحاخامية، في صالح التعليم وضد التحريض الديني، هو هامشي مقارنة مع الصراع ضد ثقافة المستوطنين التي تهدد قدرة الجيش للسيطرة على جنوده. هذه ثقافة عدم الخضوع وعدم تقبل السلطة التي تضر بقدرة الحكومة على الاعتماد على الجيش.
إن شهادة ليبمان لا تختص بتقنية تحييد المخربين، بل بأسس اخضاع الجيش الذي ما زال مصمما على استقلاليته. واذا كان والد ليبمان وجماعته قد قاموا بلي ذراع الجيش من خلال المستوى السياسي فان جيل ليبمان وأولاده لم يعودوا بحاجة الى المستوى السياسي الذي يديرون له الظهر. لدى هذا الجيل جنود وقادة في داخل الجيش. وصراعهم ليس من اجل القيم أو ضد التناقض بين ما زال يسمى “قيم الجيش الاسرائيلي” وبين قيم أمة المستوطنين، بل صراع من اجل السيطرة على الجسم العنيف المشروع للدولة.
هآرتس