إيران في مجابهة العربدة الأميركية
غالب قنديل
تلاحقت الرسائل الإيرانية القاسية الموجهة إلى الإدارة الأميركية سياسيا وميدانيا خلال الأسابيع القليلة الماضية ما ينبيء بمناخ مواجهة وتوتر خلافا لكل ما أشيع من توقعات ومصادر التوتر الفعلية تعود إلى تطبيق واشنطن لقواعد عدوانية في التعامل مع المرحلة الجديدة من العلاقات مع إيران.
تكشف التصرفات الأميركية ان إدارة اوباما وضعت خططا سياسية واقتصادية واستخباراتية للنيل من إيران ومن قدراتها بأكثر من وسيلة بينما هي ترعى توثيق العلاقات السعودية والخليجية مع إسرائيل تحت شعار تطويق النفوذ الإيراني في المنطقة ومحاصرته وهو ذات العنوان الذي تسوق به دوائر الخارجية والبنتاغون التدخلات الأميركية المستمرة في سورية واليمن والعراق.
منذ توقيع الاتفاق النووي شاعت اوهام كثيرة حول مستقبل العلاقات الأميركية الإيرانية في المنطقة والعالم حيث أبدى البعض ميلا لتصديق احتمال الانتقال إلى عهد جديد من الصداقة والانفتاح والندية واحترام الاستقلال الإيراني والمصالح الإيرانية إقليميا ودوليا ولكن سرعان ما برهنت الوقائع تلاشي الكلمات المعسولة في خطب باراك أوباما وتصريحاته وفي مجاملات جون كيري للوزير جواد ظريف في القاعات المغلقة .
أثبتت الأحداث صواب تحذيرات السيد الخامنئي منذ البداية ودعوته لأقصى درجات الانتباه والحذر من استهداف إيران بخطط القوة الناعمة في إطار ما يسميه بعض الدبلوماسيين بالعناق الأميركي القاتل من خلال استثمار علاقات وشراكات ما بعد الاتفاق النووي لمحاولة اختراق المجتمع والبنيان السياسي الاستقلالي الذي سمح لإيران بتحويل التهديد إلى فرصة تاريخية خلال أربعين عاما من الحصار والضغوط القاسية.
ما بعد الاتفاق النووي كان خلافا للرغبات الأميركية تطور المساهمة الإيرانية في دعم جهود سورية والعراق لمكافحة الإرهاب مما يعكس تصميما على إلحاق الهزيمة بالأدوات التي انتجتها الإمبراطورية الأميركية بالشراكة مع الحكومات الإقليمية التابعة لشن حروب بالوكالة غايتها فرض الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على المنطقة وهكذا كان التطوير التصاعدي لحجم الشراكة الإيرانية مع روسيا والصين وسائر الدول المناهضة للهيمنة الأميركية الأحادية على العالم .
تحذيرات السيد الخامنئي تسندها وقائع نافرة وبعضها ظهر كنبوءات سابقة للتصرفات الأميركية مما يؤكد دقة الرؤية المنهجية التي ارتكز إليها العقل الاستراتيجي الموجه للسياسة الإيرانية في التقاط مؤشرات المخطط الأميركي المعادي :
اولا التباطؤ المتعمد في تنفيذ ملحقات الاتفاق النووي وما يتعلق منها بالإفراج عن الأموال المجمدة والمحجوزة وبالذات تفكيك منظومة الحظر المفروض على التعاملات المصرفية والتجارية الإيرانية مع العالم مما يعتبر ابتزازا وتقييدا لقدرة إيران الاقتصادية على جني ثمار ونتائج إزالة العقوبات التي ما تزال سارية في الدول الغربية رغم إغراء الصفقات التجارية الإيرانية التي يسعى اللوبي الصهيوني الأميركي لعرقلتها كما هي حال ملف طائرات البويينغ والإيرباص .
ثانيا الحملة الأميركية الصهيونية السعودية على صناعة الصواريخ الإيرانية الباليستية بصورة خاصة ومحاولة قيادة تحرك دولي لتقييدها بعقوبات جديدة رغم الالتزام الإيراني الصريح ببنود الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني السلمي باعتراف وكالة الطاقة النووية الدولية .
ثالثا التحريض ضد اتفاقات التسلح الدفاعي الإيراني وغير ها من مجالات التعاون بين إيران وكل من الصين وروسيا بما في ذلك ضمن إطار الحرب على الإرهاب التي تزعم الولايات المتحدة انها محور عقيدة سياستها الخارجية وهي المسؤولة الأولى في العالم عن منظومة بناء جيوش الإرهاب كقوة غزو بالواسطة لتهديد الدول المستقلة كما فعلت في سورية.
رابعا مباشرة تحضير منصات الحرب بالوكالة ضد إيران من خلال تحريك جماعات إرهابية من الجوار والسعي لتنفيذ اعتداءات داخل إيران وهو ما تعمل عليه الولايات المتحدة بالشراكة مع الكيان الصهيوني والمملكة السعودية وقد برزت مظاهره انطلاقا من تجمع باريس الذي رعاه تركي الفيصل وصولا إلى مؤشرات التشغيل المباشر لمنفذي هجمات عبر الحدود وتحركات عديدة داخل إيران وما كشفته اجهزة الأمن الإيرانية مؤخرا.
خامسا ما حملته تصريحات هيلاري كلينتون مرشحة اوباما الرئاسية من تهديدات بضرب إيران وباسترجاع السلوك الحربي ضدها وهو ما استدعى جاهزية إيرانية دفاعية متزايدة تضمنت رسائل رادعة لأساطيل الولايات المتحدة .