مقالات مختارة

الحريري يلجأ الى «الباب العالي»: الصورة لصيانة الزعامة! ميسم رزق

 

في «الوقت الضائع» السعودي، يحاول سعد الحريري صيانة دوره وزعامته عبر «الباب العالي». التقاط الصور مع زعماء العالم قد يعوّض بعضاً من الثقة الشعبية التي تتسرّب من بين يديه، في انتظار أن تحزم الرياض أمرها، وتيسّر له أموره

في ايار الماضي، كان الرئيس سعد الحريري واحداً من الشهود على قران إبنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب آخرين من الدائرة الضيقة اللصيقة بـ «السلطان» التركي. العلاقة المتينة بين الرجلين تشبه إلى حد كبير تلك التي جمعت الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بالرئيس الراحل رفيق الحريري.

وإذا كان مبالغاً فيه القول إن أردوغان مستعد لأن يبذل في سبيل هذه العلاقة ما كان يبذله شيراك للحريري الأب، إلا أن المؤكد أن وراءها مصلحة للطرفين: لرئيس تيار المستقبل الذي يعاني «نقمة» سعودية عليه في ظلّ تخبطّ الرياض في وحول المنطقة، وللنظام التركي الذي يبحث عن امتلاك مزيد من الأوراق قبل دخول أي تسوية محتملة.

قبل أسبوع، زار الحريري تركيا، بعد أيام على زيارة الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري لدعوة حزب «العدالة والتنمية» الى المؤتمر العام المقرر للمستقبل في تشرين الأول المقبل. ومع أن الزيارة لم تأخذ حيزاً واسعاً في التحليلات السياسية باعتبارها واحدة من الزيارات الكثيرة التي يقوم بها الحريري، إلا أن التدقيق في توقيتها يظهر دلالات لا يُمكن القفز فوقها. صحيح أن مفاتيح حل أزمة الحريري المالية ليست لدى «الباب العالي»، إلا أن الزيارة، في «الوقت الضائع» السعودي، تساعده على «شدّ عصبه» أمام من يعتبرهم ندّه الأساسي في لبنان. والمعنيّ هنا ليس فقط حزب الله، وإنما ايضا الطامحون على الساحة السنّية، أمثال الوزير أشرف ريفي. ففي الشكل، أعطى الحريري إنطباعاً، بأنه «الشخصية السنية الوحيدة على الساحة اللبنانية القادرة على نسج علاقات مع دول كبيرة في المنطقة، وعلى مستوى عال»، في ظل معلومات مستقبلية أكّدت أن «الوزير أشرف ريفي حاول فتح خطوط اتصال مع تركيا، إلا أن الأخيرة لم تتلقف مبادراته».

كلام الصالونات السياسية في تيار المستقبل بات واضحاً بأن الحريري يريد «استعادة دوره وهيبته وشعبيته المفقودة». وهو حتى الآن «استطاع انتزاع ما لم يستطع ريفي انتزاعه»: صورة رمزية مع رؤساء الدول تعطيه شرعية زعامتية في لبنان. صحيح أن ريفي سحب من الحريري الثقة الشعبية، ولو إلى حين، لكنه حتى الآن فشل في سحب الثقة الإقليمية والدولية منه. في رأي المستقبليين، يمثّل هذا الفشل رأس خيط رفيعا يمكن الإنطلاق منه، لتعويض الخسائر المتتالية التي مني بها رئيس تيار المستقبل في الفترة الماضية.

هل يُمكن أن تمثّل هذه الزيارة استفزازاً للنظام السعودي؟ برأي المستقبليين «لا تحتمل الزيارة كل هذه التساؤلات»، لكن الوقوف عندها يقود إلى نتائج متعدّدة:

أولاً: اذا قررت المملكة العربية السعودية شراء شركة «سعودي أوجيه»، المموّل الأول لكل مشاريع الحريري، فهذا يعني أن العلاقة الإقتصادية بين الحريري والمملكة قد انتهت. وبالتالي فهو بات مجبراً على البحث عن سوق عمل لاستثماراته، وربما تكون تركيا وجهته.

ثانياً: تبقى العلاقة مع تركيا أكثر استقراراً، في ظل التخبط الذي تعيشه المملكة العربية السعودية في المنطقة. وبالتالي يُمكن الحريري أن يرى في الأتراك حاضنة بديلة عن النظام السعودي. بما معناه، أن ينقل الحريري جزءاً من أوراقه السياسية إلى الساحة التركية، بحثاً عن مكتسبات لم تعد المملكة قادرة على توفيرها.

ثالثاً: بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة ضد نظام أردوغان، وإلى جانب الدور السياسي والعسكري الذي تؤديه في سوريا، تعتقد تركيا أنها باتت في حاجة إلى موطئ قدم في عدد من الدول ومنها لبنان. وهي اليوم على قناعة بأن الطريق الى لبنان سالكة أمامها، وفي ظل محاولة مصر الدخول على خط الأزمة السياسية في لبنان، من دون أن يكتب لمبادرتها النجاح.

(الاخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى