مقالات مختارة

رغم أن اسرائيل تستفيد من المنظمات الانسانية الدولية التي تعمل في غزة إلا أنها تسعى للتشهير والايقاع بها للحد من قيامها بدورها: عميره هاس

 

هناك عدة مفترقات تلتقي فيها مصالح حكومة اسرائيل وحماس. الكراهية والاشتباه تجاه منظمات المساعدة الدولية والجمعيات غير الحكومية الفلسطينية هي أحد تلك المفترقات. وفي نفس الوقت فان العدوين، اسرائيل وحماس، يحتاجان الى تلك المنظمات وهما يستفيدان من وجودها وعملها. أخوة المتلونين.

في حركة حماس يشتبهون بالمنظمات الدولية والجمعيات الفلسطينية التي لم يقيمونها، لأنها تقترح طريقة تفكير وسلوك مختلف وتقلل من عدد العائلات المرتبطة بالحركة. وايضا لأن الكثيرين منها يحاولون التقليل من العلاقة معها (بأمر الرباعية). وحماس ايضا تسعى الى وجود عداء فلسطيني عام تجاه تلك المنظمات وتتحدث عن الأجر المرتفع جدا للاجانب، والفرق في الأجور بين المدراء والموظفين داخل الجمعيات المحلية. وأنها بمثابة مسار للتوجهات الاجتماعية والتميز الذي تحصل عليه قلة قليلة فقط.

حماس تسيطر على قطاع غزة وهي على قناعة أن من حقها فرض قوانين جديدة على المنظمات الدولية ايضا. تجبي حماس ضرائب اخرى من سكان غزة وتجارها. وبالتالي فمن الواضح أنها ستحاول الاستفادة من المنظمات المختلفة، وايضا بعض موظفيها. وعندما لا تنجح فهي تغضب وتوجه اللوم. ولكن هل كان باستطاعة حماس ادارة القطاع خلال وبعد الهجوم العسكري الاسرائيلي بدون المساعدة الانسانية الكبيرة لتلك المنظمات؟ الجواب هو لا.

هذه بالضبط المساعدة الانسانية والاعمار الذي تريده اسرائيل، من اجل عدم خروج الوضع عن السيطرة. ولكن مع ذلك فان الفرق كبير: اسرائيل هي المسؤولة عن تحويل المناطق الفلسطينية المحتلة الى ساحة مليئة بمنظمات التطوير الدولية المعقدة ومصدر جذب للمساعدات والصدقات وتوزيع الهبات. لو كانت اسرائيل تسمح للفلسطينيين بادارة حياتهم بدون منع الحركة والتصدير والتسويق الذي تفرضه عليهم، ولولا أنها تسرق مصادرهم (الارض والمياه والحجر والمواقع السياحية) – لما كانت حاجة الى منظمات الصدقات.

منظمات المساعدة والتبرعات هي شبكة أمان قدمها المجتمع الدولي قبل “اوسلو”، وهي توجد الآن تحت اقدام اسرائيل. كمحتل مباشر أو غير مباشر، فان لاسرائيل مسؤولية عن السكان تحت الاحتلال، وهي تتنصل من ذلك باستمرار – قبل 1994 والآن بشكل أكبر. ولكن اسرائيل محصنة أمام اوروبا والولايات المتحدة – فمن الناحية السياسية من الاسهل عليهما تبذير الاموال لدافعي الضرائب على الطرود الغذائية والمجاري والكرفانات ومواقع تحلية المياه، بدلا من الزام اسرائيل بالايفاء بالتزاماتها وازالة القيود التي تكبل بها الاقتصاد الفلسطيني.

مع التبرعات يأتي من الخارج المدراء وموظفو المنظمات الدولية. لا يأتون جميعهم وهم يتبنون موقفا سلبيا عن اسرائيل، وخلال العمل يكتشفون أن اسرائيل تفعل كل شيء من اجل تخليد الوضع.

زعزعتهم، اصواتهم وتقاريرهم تنضم الى المواقف الانتقادية للآخرين في المجتمع الدولي. هذا ثمن لا تحب اسرائيل دفعه من اجل شبكة الأمان. الآن لوائح اتهام ضد اثنين من موظفي المنظمات الدولية والتي اصبحت ادانات في وسائل الاعلام الاسرائيلية، إنها فرصة بالنسبة لها للتحريض عليهم والقول إنهم سقطوا فريسة في أيدي حماس. اسرائيل لا توقف عملهم بالطبع. ولكن هذه طريقة اخرى لاسكات الانتقادات السياسية تجاهها من قبلهم.

هآرتس

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى