الجيش السوري يعزز إغلاق «ثغرة الراموسة» دمشق – علاء حلبي
عزز الجيش السوري امس الإغلاق الناري الذي فرضه على «الثغرة» الصغيرة التي فتحها المسلحون السبت الماضي، وظلت غير آمنة للعبور والاستخدام، قاطعاً بذلك جميع السبل إلى أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة.
وكانت الفصائل المسلحة التي شارك 21 منها في ما اسمته «ملحمة حلب»، تمكنت قبل اربعة ايام من التقدم والسيطرة على حي الراموسة بعد السيطرة على تجمع «الكليات» العسكري جنوب غربي حلب عن طريق شن عشرات الهجمات على مواقع الجيش نفذها «انغماسيون»، الأمر الذي منع فاعلية سلاح الجو، ما دفع قوات الجيش السوري والحلفاء إلى الانسحاب نحو نقاط متأخرة، تغير خطوط الدفاع عن حلب، لإفساح المجال لسلاح الجو السوري ـ الروسي المشترك الذي حول منطقة سيطرة المسلحين إلى «جحيم»، وفق تعبير مصدر معارض.
القصف الجوي طال خلال الايام الأربعة الماضية منطقة الكليات، والراموسة، ومواقع للمسلحين في خان العسل تمثل نقطة انطلاق المسلحين بالإضافة إلى مقرات عدة ومركز تحكم وقيادة في خان طومان في ريف حلب الجنوبي، ما جعل حصيلة قتلى الهجوم تصل الى مئات المسلحين، من دون تحقيق مكاسب ميدانية حقيقية باستثناء الطريق غير الآمن، والذي مكن عدة مجموعات مسلحة من الدخول إلى أحياء حلب الشرقية على شكل افراد تحت جنح الظلام، دون إدخال أي مساعدات للمسلحين المحاصرين في الداخل.
وبعد القصف الجوي والمدفعي العنيف، وتدمير جزء مهم من «قوام المسلحين» وعتادهم، وفق حديث مصدر عسكري تحدث لـ «السفير»، فإن تحركات قوات الجيش السوري والحلفاء تركزت على محورين، الأول من الريف الجنوبي حيث سيطرت على تلة الصنوبرات المطلة على الطريق من جزئه الجنوبي، والآخر من ارض الجبس والفيلات الحمر، الأمر الذي أدى إلى رصد طريق دخول المسلحين إلى منطقة الراموسة من بدايته بشكل كامل، ما يعني قطع الطريق نارياً وإنهاء الثغرة، وفق المصدر.
في هذا السياق، يشير المصدر إلى أن المسلحين أيقنوا بعد انسحاب قوات الجيش السوري والحلفاء من منطقة الكليات والراموسة أمام الهجمات الانغماسية العديدة أن الطريق ليس آمنا، بعد تثبيت الجيش وتحصينه لمواقع مطلة على منطقة التحركات، إلا انهم كانوا يأملون بمتابعة الهجمات وتوسيع دائرة سيطرتهم لتأمين الطريق، وهو ما حال دونه سلاحا الجو والمدفعية ، وخط الفصل الناري الذي منع المسلحين من تكرار الهجمات وأوقع في صفوفهم خسائر كبيرة».
ورغم سد الثغرة، يرى المصدر أن المطلوب في الوقت الحالي متابعة التحرك لاسترجاع المنطقة وتحصينها لإعادة فتح طريق الراموسة، رغم وجود بديل يصل أحياء المدينة الغربية بباقي المحافظات انطلاقا من الشمال عن طريق الكاستيلو، وذلك لتمتين الطوق العسكري واستكمال حصار المسلحين داخل أحياء حلب، ومنعا لتحرك جديد للمسلحين قد يقدمون عليه في محاولة لإعادة فتح الثغرة». وفي حال تحركت قوات الجيش وسيطرت على تلة الشرفة المطلة على منطقة الكليات، سيؤدي ذلك إلى محاصرة المهاجمين داخل المناطق التي سيطروا عليها، وضم المهاجمين إلى دائرة الحصار.
في هذا الصدد، يرى مصدر ميداني أن الهدف الرئيسي للهجوم، رغم زخمه، لم يكن كسر حصار الجيش لأحياء حلب الشرقية بالصورة الأولى، وإنما فتح ثغرة لإخراج عدد من القياديين حوصروا داخل أحياء حلب بعد سيطرة الجيش على منطقة الكاستيلو، دون وجود معلومات دقيقة عن مصير هؤلاء «القياديين»، هل تم إخراجهم ام ما زالوا محاصرين.
الطريق البديل ينعش المدينة
على الصعيد الخدماتي لمدينة حلب، أدخلت الحكومة قوافل عدة إلى المدينة تضمنت 500 طن من القمح بالإضافة إلى سيارات تحمل مواد غذائية ومحروقات لتأمين احتياجات المدينة وكسر حالة الاحتكار التي مارسها بعض التجار والمتنفذين فور انقطاع طريق الراموسة، كما عادت مياه الشرب إلى المدينة بعد أربعة أيام من انقطاعها بعد توفير الديزل لمضخة سليمان الحلبي التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» («جبهة فتح الشام») ، في حين لا يزال التيار الكهربائي مقطوعا عن المدينة لليوم العاشر على التوالي.
وتبقى الطرق المؤدية إلى المدينة مقطوعة على المدنيين وسيارات نقل الركاب في الوقت الحالي بانتظار اتمام عمليات تأهيل الطريق. وتوقع مصدر حكومي أن يتم فتح الطريق خلال يومين بعد الانتهاء من صيانته وتأهيله.
«هدنة» أممية ؟
في غضون ذلك، وبالتزامن مع تلافي هجمات المسلحين وإعادة سد «ثغرة الراموسة»، دعت الامم المتحدة الى «هدنة انسانية»، مبدية خشيتها على مصير المدنيين المعرضين للحصار.
وطالب منسق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو والمنسق الاقليمي كيفن كينيدي «في الحد الادنى بوقف تام لإطلاق النار او بهدنة انسانية اسبوعية من 48 ساعة للوصول الى الملايين من الناس الذين هم بأمس الحاجة في كل ارجاء حلب واعادة تموين مخزونهم من الطعام والادوية الذي تدنى الى مستوى الخطر»، في وقت تتابع فيه الفصائل «الجهادية» حشد قواتها على تخوم المدينة ويتابع الجيش السوري عملياته لإعادة سد الثغرة بشكل نهائي.
وفي هذا السياق، رأى مصدر ميداني سوري في دعوة الأمم المتحدة «إقرارا بفشل هجوم المسلحين»، وفق تعبيره، مضيفا «لم نسمع بطلب هدنة حين شن المسلحون هجومهم».
وقال «في كل مرة يحقق فيها الجيش السوري انتصارا ترفع الدول الداعمة للمسلحين من مستوى الضغط السياسي في محاولة لعرقة تقدم الجيش السوري»، مذكرا بأن» الجيش السوري وقيادة العمليات الروسية أعلنت منذ بدء حصار المسلحين عن فتح ممرات آمنة للمدنيين وحتى المسلحين الراغبين بالخروج».
الى ذلك، تفقد وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج القوات العاملة في حلب في جولة ميدانية، واستمع من القادة الميدانيين إلى شرح مفصل عن طبيعة الأعمال القتالية، بحسب بيان للقيادة العامة للجيش السوري.
(السفير)