الطريق الطويل لاقامة العائق في حدود القطاع: عاموس هرئيل
في 9 شباط من هذا العام، أي قبل ستة اشهر بالضبط، تحدث رئيس هيئة الاركان، غادي آيزنكوت، في المركز متعدد المجالات في هرتسليا. في الاسابيع التي سبقت خطابه نشرت في “هآرتس″ أنباء عن اعمار انفاق حماس الهجومية في حدود قطاع غزة. وتحدثت قنوات التلفاز عن السكان في غلاف غزة وفي ضمنها المناطق البعيدة عدد من الكيلومترات عن حدود القطاع حيث يسمع السكان في الليل ضجيج ويخشون من أن حماس تقوم بحفر الانفاق تحت منازلهم. وطلب آيزنكون تهدئة النفوس. وقال إن الجيش الاسرائيلي يبذل جهوده من اجل الكشف عن الانفاق الهجومية. حوالي مئة أداة هندسية تم نشرها على طول الجدار في سياق البحث وعلاج خطر الانفاق، وضعت كأولوية اولى في خطة الجيش الاسرائيلي لعام 2016.
منذ ذلك الخطاب أعلن الجيش الاسرائيلي عن الكشف عن نفقين دخلا الى مناطق اسرائيل تحت الحدود. ورغم التمشيط الذي تشارك فيه عشرات الوسائل الهندسية، إلا أن حماس تمتنع عن الصدام المباشر مع اسرائيل.
في منتصف شهر نيسان الماضي وفي أعقاب الكشف عن أحد الانفاق، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إن اسرائيل “طورت تكنولوجيا لمواجهة خطر الانفاق”، حيث تستثمر الدولة في ذلك اموال طائلة. “إن استعدادنا في هذا الموضوع منهجي جدا. نحن ننشيء نوع من الدفاع والقدرة على احباط الأخطار، الامر الذي هو غير موجود في أي مكان آخر – وقد قمنا بفحص هذا الامر”، قال.
رغم مرور اربعة اشهر تقريبا على هذا الاعلان، ورغم أن اسرائيل تكثر من وصف الانفاق على أنه مصدر قلق في القطاع، هناك شيئين لم يحدثا بعد وهما أن الحل الدفاعي في حدود غزة لم يحصل بعد على الميزانية والمشروع بشكل عام لم ينطلق بشكل كامل. تأخير تنفيذ الخطة يثير الجدل الداخلي في الاجهزة الامنية وانتقاد بعض الجهات التي تهتم بذلك، التي تزعم أنه يجب البدء في اقامة العائق، ويمكن انهاءه خلال سنة ونيف.
التفاصيل الكاملة للحل الهندسي التكنولوجي للانفاق لم يتم نشرها، والاجهزة الامنية تحاول الابقاء على غموض المعركة، ولو بشكل جزئي. الحل يعتمد على جدار يتم حفره تحت الارض بعمق كبير قرب جدار الفصل، بشكل يُمكن من منع حفر الانفاق. اضافة الى ذلك يتم وضع مجسات مختلفة، والامر سيحتاج ايضا الى اعادة بناء جزء من الجدار الذي تم تحسينه في المرة الاخيرة في 2005 – 2006، في أعقاب الانفصال. اضافة الى تعزيز أدوات الرقابة والمتابعة في الميدان.
في كانون الثاني كانت تقديرات المختصين في وزارة الدفاع، من خلال نقاش مع “هآرتس″، أن تكلفة المشروع ستكون 2.7 مليار شيكل. وفي النقاش الذي تم في تشرين الثاني من العام الماضي بين مدير عام وزارة المالية، شاي بابد، ومدير عام وزارة الدفاع السابق، الجنرال دان هرئيل، والذي سبق التوقيع على التفاهمات بين الوزارتين حول حجم ميزانية الامن في السنوات الخمسة القادمة، تم الاتفاق على أن معظم الميزانية لبناء الجدار لن تكون من ميزانية الدفاع بل من مصادر خارجية يتم تخصيصها لذلك.
ولكن في الوقت الحالي يتقدم موضوع الميزانية ببطء. وحتى الآن تمت الاشارة الى 600 مليون شيكل من اجل المشروع، نصفها من ميزانية الجيش ونصفها الآخر من مصادر وزارة الدفاع. وفي الاسبوع القادم يفترض أن تناقش الحكومة ميزانية السنتين وبعد ذلك باسبوع سيتم عرضها على الكنيست للمصادقة عليها.
بشكل مفاجيء، لا يوجد حتى الآن تفاهم بين وزارتي المالية والدفاع حول اقامة العائق على طول الجدار – الأمر الذي اعتبره رئيس الاركان أولوية قصوى والذي أكثر من الحديث عنه قادة الدولة ومن ضمنهم رئيس الحكومة ووزير الدفاع الحالي ليبرمان، وسلفه موشيه يعلون، حيث قيل إنه هام جدا. وقد قالت مصادر امنية أمس لصحيفة “هآرتس″ إن “المشروع خصص له مبلغ 600 مليون شيكل حتى نهاية السنة. وفيما بعد سيتم الاتفاق مع وزارة المالية حول مبلغ الميزانية الاضافية المطلوبة”.
الاجهزة الامنية الاسرائيلية لا تعتقد أن هناك امكانية كبيرة لاندلاع مواجهة اخرى في القطاع في هذا الصيف. وحسب التقديرات فان حماس تمتنع حتى الآن عن القيام بمواجهة بمبادرة منها، لأن القطاع لم يتم اعماره بعد من اضرار المواجهة الاخيرة في الجرف الصامد في 2014.
إن عملية من خلال الانفاق الهجومية، التي سيتم استغلالها من اجل القتل في حاضرة أو موقع عسكري قرب الجدار وخطف جنود ومواطنين، هي السيناريو المقلق جدا بالنسبة لاسرائيل. في ظل هذا الوضع ستكون أولوية عليا لاستكمال المشروع الدفاعي، الذي سيستمر بناءه حسب التقديرات المختلفة على مدى سنة أو سنة ونصف، هذا اذا جرى العمل بالسرعة المطلوبة. وحسب اقوال الخبراء فان هذا المشروع سيوفر لاول مرة حل دفاعي ناجع لمشكلة الانفاق.
إن استكمال العائق سيُصعب على حماس استخدام هذا السلاح الهجومي الاساسي، مثلما حدث في نشر القبة الحديدية التي منعت الكثير من اضرار الصواريخ الفلسطينية. وفي الوقت الحالي، الجيش والاجهزة الامنية ينشغلان في البحث عن إبرة في كومة قش – الانفاق القائمة – من اجل الوصول اليها وتدميرها بطريقة لا تضمن بالضرورة منعها من العمل بشكل دائم.
توجد للدولة قدرة مبرهن عليها على العمل في اقامة الجدران والعوائق، كما بين بناء الجدار في الحدود مع مصر. ومبدئيا هناك نية لتخصيص المبلغ المطلوب للمشروع.
الامر الذي يغيب حاليا هو ملاءمة الوقت مع الميزانية، أي قرار سياسي مع العمل المنظم لوزارة الدفاع من اجل استكمال المشروع. في هذه الاثناء وفي ظل غياب قرار البدء بالمشروع بشكل كامل، فان الثغرة التحت ارضية حول قطاع غزة ستستمر.
هآرتس