اردوغان يفتح صفحة جديدة مع روسيا لا مع سوريا د حكم امهز
تتجه الانظار اليوم الى سان بطرسبورغ الروسية حيث القمة المقررة بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين…. تفاوتت نسب التفاؤل والتشاؤم، لكن السؤال الأبرز لدى كل المحللين.. هل يمكن ان تحصل مفاجأة ويغير اردوغان سياسته تجاه سوريا؟
لا يبدو في الأفق ما يشي بذلك مطلقا، فأردوغان لا يملك اوراق قوى غير ورقة التكفيريين والإرهابيين في سوريا، يلعب بها اقليميا واوروبيا ودوليا.. فإن فقدها، فبماذا يلعب؟
الكل يعلم ان اردوغان لاعب اساس في أزمة سوريا، فهو المصدر والمورد للإرهابين والأسلحة منها واليها، وكل الدول التي تمسك باوراق تكفيرية ارهابية سواء كانت عربية او دولية، لا تستطيع تحريكها الا عبره، للإعتبار الجغرافي.
وعليه فاردوغان مستفيد من داعش واخواتها في الداخل السوري عبر “الخوات المفروضة” على الشاردة والواردة منها واليها، وهو المُهرِّب لنفطها المسروق من سوريا والعراق (روسيا نشرت وثائق وافلاما بهذا الشأن).
السعودية لا يمكن ان تدعم الوهابيين في سوريا بدون اذن تركيا، اوروبا تتجنب اردوغان المصدر اليها، مئات الاف المهاجرين وبينهم ارهابيين من سوريا، امريكا لا يمكنها ان توصل الأسلحة الى جماعاتها الإرهابية في سوريا الا عبر تركيا، ولواشنطن ايضا قاعدة عسكرية في انجيرليك التركية، واردوغان يتهم امريكا بدعم الارهاب الكردي والغولني (فتح الله غولن المتهم الاول بتدبير الانقلاب الفاشل).
وكأن الكل بحاجة لإرضاء اردوغان وهو ملتفت لذلك، ويستغل الموقف بدهاء معاوية.
اما روسيا فامرها يختلف، هي بحاجة لاردوغان لكنها مستغنية عنه في نفس الوقت، لكنها ايضا تقتنص فرصة التوتر القائم بين انقره والغرب وواشنطن (على خلفية اتهامات تركيا المبطنة لهما بدعم الإنقلاب الفاشل) وستعمل عليها. لكن كيف هذه لعبة القيصر.
الأرجح ان يركز بوتين اولا، على قضية ارهابيي دول الاتحاد الروسي، الموجودين في سوريا وخطر عودتهم، وسيمر مرور الكرام على دعوة نظيره التركي لحل الأزمة السورية، لأنه لا يتوقع ان يغير اردوغان، سياسته حيالها، وان اطلق هو وبعض مسؤوليه خلال الأيام الأخيرة، تصريحات عامة وضبابية حيال دمشق لم تتجاوز المواقف الكلامية. بدليل ان اردوغان ورغم انشغاله الداخلي بالإعتقالات والإقالات والإقصاء والإلغاء، وضع ثقله في معركة جنوب غرب حلب الاخيرة، كي يستثمرها في قمته مع بوتين، وليقول له انا الأقوى في الطرف الذي يقابلكم في سوريا.
كلام الرئيس التركي عن “فتح صفحة جديدة” مع موسكو، اذن لا يعني فتح “صفحة جديدة” مع دمشق. بل ربما يفكر في كيفية اعداد صفعة لها، بعد ان حاصرت جماعاته الإرهابية في شرقي حلب، وباتت تهدد بشل حركة امداده للإرهاب في شمال سوريا.
اردوغان الذي يجيد اللعب على التناقضات ايضا، سيوجه من بطرسبورغ، رسالة الى الغرب، مفادها ان خياراتي مفتوحة على روسيا وغيرها، ان لم تذعن لي فيما اطلبه، لا سيما لجهة مفاوضات دخول الإتحاد الأوروبي، والتأشيرات للاتراك، ودفع ثمن ايقاف امواج المهاجرين الى اوروبا، والتخلي عن دعم الاكراد، وها هي روسيا ( التي تمتلك حاليا الورقة الأقوى في المنطقة من خلال وجودها في سوريا، وتحالفها مع محور المقاومة) يمكن ان اتحالف معها واحقق افضل الممكن من الأهداف التي اطمح اليها. وهذه الورقة قوية جدا لا سيما في ظل الاسترخاء الامريكي القائم على ابواب الانتخابات الرئاسية، وعدم معرفة سياسة الرئيس الامريكي الاتي حيال المنطقة وتركيا .
في اي حال، رجب طيب اردوغان اعتبر أن روسيا طرف مهم في عملية السلام بسوريا، وإنه يرغب في “إعادة ضبط العلاقات” مع موسكو انطلاقا من “سجل نظيف”. ولكن اعادة الضبط لا تعني التغييرحيال سوريا، بل الاتفاق على تنسيق الخلافات مع روسيا. و”السجل النظيف” لا يعني محو السياسية التركية السابقة، بل يعني العفو عما مضى مع روسيا والبدء بعلاقات جديدة.
روسيا في المقابل، تعلم ان اردوغان لا أمان له،( فهو الممثل في دافوس مع بيريز، وفي سفينة مرمرة على فلسطين والعرب). لذا سيختبره القصير، سواء في كيفية تنفيذ الاتفاقات المقرر ابرامها، وفي موضوع مستوى “التسوية في سوريا”، وفي جس النبض حيال العلاقات مع الحلفاء الغربيين.
وبالتأكيد فان ابرز ما يمكن ان يقدمه اردوغان:
– اتفاق على تحجيم بعض الرؤوس الناتئة من الجماعات الارهابية في سوريا والمتضرر منها الطرفان الروس والتركي
– الجهد الإستخباري والمعلوماتي ضد فئات او اشخاص محددين من الإرهابيين وخصوصا الآتين من دول الإتحاد الروسي وعددهم بالالاف.
– “برطيل” باتفاق للتعاون في بناء مفاعل نووي في تركيا، لن ترفضه موسكو كونه لن يؤثر على سياستها بشان سوريا.
في المقابل سيستغل بوتين توتر العلاقات الاني بين انقره والغرب، ويزيد من التقارب مع نظيره اردوغان، بهدف سحب قدر نسبي من قوة الورقة التركية من ايدي الغرب.
ولا يمكن الاعتقاد بان القمة ستحمل اكثر مما ذكر. في النهاية فان الخلافات بين الطرفين حول الأزمة السورية لن تتغير بل ستنسق؟