مقالات مختارة

لماذا تصرّ واشنطن على تدخل موسكو لصالح ترامب؟ حميدي العبدالله

 

وجهت إدارة الرئيس أوباما اتهامات لروسيا بأنها تدعم حملة ترامب، بل أكثر من ذلك اتهمت جهات في الحزب الديمقراطي، وفي حملة هيلاري كلينتون، موسكو بأنها تقف وراء تسريب معلومات عن بريد كلينتون والحزب الديمقراطي.

موسكو من جهتها نفت هذه الاتهامات وأكدت أنها لا تستند إلى أيّ أساس. وعلى الرغم من نفي موسكو للاتهامات إلا أنّ إدارة أوباما مصرّة عليها، فما هي الأسباب التي تدفعها لإطلاق هذه الاتهامات؟

قد يتبادر إلى الذهن أنّ السبب الرئيسي للاتهامات، هو التصريحات التي أدلى بها المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب والتي أكد فيها، أنه إذا ما وصل إلى البيت الأبيض فإنه سوف يتعاون بقوة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنّ هذا التعاون سوف يشمل قضايا عديدة تتعلق بالعلاقات الثنائية، وبمحاربة «داعش»، وشكلت هذه التصريحات الأساس السياسي التي تنطلق منه اتهامات إدارة أوباما لموسكو بأنها تدعم ترامب، لأنّ كلينتون تدعو إلى تصعيد المواجهة ضدّ موسكو.

لكن من المعروف أنّ روسيا اليوم ليست روسيا الاشتراكية، التي يشكل نظامها السياسي نقيضاً للنظام الرأسمالي وتهديداً له، وبالتالي فإنّ الصراع بين روسيا والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، هو صراع وجود لن يتوقف إلا بسقوط أحد طرفيه، وهذا ما حدث فعلاً في مطلع عقد التسعينات حيث سقط الاتحاد السوفياتي وتفكك حلف وراسو.

اليوم تجمع روسيا والدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، مصالح مشتركة تستوجب تعاوناً وتنظيم التنافس بينهما. وإذا كانت ثمة قضايا خلاف حول مستوى النفوذ في مناطق محدّدة، ولا سيما في منطقة الأوراسيا، فإنّ هذا الخلاف لن يصل في أيّ لحظة إلى مستوى ما كان عليه الصراع بين الغرب الرأسمالي والاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية.

الأرجح أنّ الاتهامات التي وجهت إدارة أوباما إلى روسيا، هدفها التأثير على الحملة الانتخابية، بما يخلق واقعاً سياسياً ونفسياً في صفوف الأميركيين يساعد على التصويت لصالح المرشحة الديمقراطية كلينتون التي تلتزم برنامجاً يحافظ على مكانة الولايات المتحدة، ويرفض مشاركة أيّ دولة في العالم لها في هذه المكانة.

القناعة في البيت الأبيض والحزب الديمقراطي أنّ توجيه الخطاب ضدّ روسيا يضعف ترامب ويقوّي كلينتون ولذلك أصرّت على اتهام موسكو.

يبقى الانتظار حتى تقول صناديق الاقتراع كلمتها، وما إذا كان الرأي العام الأميركي لا يزال يؤمن بهذا الخطاب التقليدي للنخبة الحاكمة الأميركية أم لا.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى