مقالات مختارة

عشقي للإسرائيليين: إن شاء الله نلتقي في الرياض! حلمي موسى

 

أدانت «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، وهي كبرى التيارات السياسية العربية في مناطق 48، زيارةَ الوفد السعودي ولقاءاته مع أعضاء كنيست إسرائيليين، معتبرةً إياها «تسويغاً لاستراتيجية الرفض الإسرائيلية». وقد أثارت الزيارة التي قام بها وفد سعودي برئاسة الجنرال المتقاعد المقرب من العائلة السعودية الحاكمة أنور عشقي ردود فعل متناقضة في الوسط العربي، خصوصاً أن السلطة الفلسطينية وفّرت لها الغطاء والتبرير.

وقالت: «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» المعروفة باسم «حداش» والحزب الشيوعي الإسرائيلي، في بيان أصدراه أمس الاول، أن الوفد السعودي الذي ضمّ أكاديميين ورجال أعمال برئاسة الجنرال أنور عشقي التقى مع ممثلي حكومة نتنياهو بذريعة «تطوير الحوار حول مبادرة السلام العربية، الأمر الذي ليس فيه ما يتحدى إستراتيجية الرفض الإسرائيلية، وإنما هو تسويغ لها وتوفير غطاء لإفراغ المبادرة من محتواها، والقضاء على حلّ الدولتين وعلى حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني». واعتبرت «الجبهة» والحزب الشيوعي أن الزيارة هي «جزء من حملة التطبيع والتعاون الإسرائيلي السعودي ضد إيران، سوريا وحركات المقاومة في المنطقة».

ومعروف أن أنور عشقي التقى، في هذه الزيارة، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد الذي سبق والتقاه في الخارج. كما التقى مع مُنسِّق الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة الجنرال يؤآف مردخاي. وكان الوفد قد التقى أيضاً أعضاء كنيست من أحزاب صهيونية بوساطة وترتيب من جهات فلسطينية في السلطة الفلسطينية في رام الله بذريعة التحاور حول المبادرة العربية للسلام.

وتأتي زيارة عشقي والوفد المرافق له لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بعد حوالي أسبوعين على زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري ولقائه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ونقلت «معاريف» عن عشقي قوله لأعضاء الكنيست الذين التقاهم في بلدة الرام المجاورة للقدس: «إن شاء الله نلتقي في الرياض». ومعروف أن الشخصيات السعودية لا تبادر لإجراء اتصالات من هذا النوع مع جهات إسرائيلية من دون موافقة السلطات السعودية ذاتها. وسبق للأمير تركي الفيصل أن التقى علناً برئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال عاموس يادلين في «لقاءات أكاديمية» في أوروبا.

وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن الوفد السعودي طلب مقابلة أعضاء كنيست من المعارضة الإسرائيلية ممن يؤيدون المبادرة العربية. واعترف عضو الكنيست العربي من «هناك مستقبل» عيسوي فريج بأن أناساً من السلطة الفلسطينية في رام الله اتصلوا به و «طلبوا أن أنظم اللقاء». وكان الوفد قد التقى قبل ذلك بزعيم «هناك مستقبل» يائير لبيد. وشارك في جانب من لقاء الوفد السعودي مع أعضاء الكنيست عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» اللواء جبريل الرجوب حيث عقد اللقاء في اتحاد كرة القدم الفلسطيني الذي يرأسه.

وبحسب ما نشر في إسرائيل، فإن الجنرال عشقي أبلغ الإسرائيليين الذين التقاهم أن «هدفنا هو محاولة الدفع إلى الأمام بمبادرة السلام السعودية والمسيرة السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين». وقال عضو الكنيست عومر بارليف إن الوفد السعودي شدّد على أن رغبة إسرائيل في العلاقات مع الدول العربية فقط، من دون مفاوضات مع الفلسطينيين، هي أضغاث أحلام، وأن كل علاقة بين إسرائيل والعالم العربي يجب أن تتضمن الفلسطينيين.

أما عضو الكنيست عيسوي فريج فأوضح أن السعوديين في اللقاء ركزوا على الحاجة إلى المصالحة بين اليهود والمسلمين، وبين العالم العربي وإسرائيل. وروى قائلا: «اتفقنا بأن علينا أن نجري حواراً مستمراً مع السعوديين، وقررنا فتح مجموعة واتس آب مشتركة للإبقاء على الاتصال. هذه بداية جمعية صداقة بين إسرائيل والسعودية. فقد روى الجنرال عشقي عن العلاقات التي نسجت بينه وبين دوري غولد، وذكّر بأنه قبل نحو عشر سنوات نشر غولد كتاباً نقدياً عن السعودية تحت عنوان «مملكة الشر»، ولكنه أشار إلى أنه منذئذ غيّر مواقفه، تراجع في اللقاء عما كتبه في الكتاب وتحدث عن الحاجة إلى توثيق العلاقات بين المملكة السعودية وإسرائيل».

وأعرب أعضاء الكنيست عن أملهم في زيارة السعودية كضيوف على الأسرة المالكة، كجزء من التقارب بين الدولتين. وقد جرت لقاءات عشقي مع كل من دوري غولد ويؤآف مردخاي في فندق الملك داوود في القدس الغربية، فيما جرت اللقاءات الأخرى في القدس الشرقية.

وكان عشقي والوفد المرافق له قد وصلوا إلى الأراضي الفلسطينية مطلع الأسبوع الماضي والتقوا في رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعدد من القيادات الفلسطينية.

وأجرى عشقي مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي قبيل مغادرته الأراضي الفلسطينية قال فيها إن «إسرائيل ستصنع السلام فقط إذا حلّت الصراع مع الفلسطينيين على أساس المبادرة العربية». ورداً على سؤال حول إمكانية التعاون بين أجهزة الأمن الإسرائيلية والسعودية، التي انضمت إلى ائتلاف لمكافحة تنظيم «داعش»، أكد عشقي «على حد علمي، لا يوجد أي تعاون في مكافحة الإرهاب».

وأضاف: «في ما يتعلق بالإرهاب، نحن نتشارك الأفكار ذاتها، ولكننا نختلف على الحل»، مؤكداً أن «الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ليس أصل الإرهاب، ولكنه يُشكِّل بيئة خصبة للنزاعات في المنطقة».

ونظراً لما أثارته زيارة الوفد السعودي من ردود أفعال، بما في ذلك داخل المملكة نفسها، اضطر عشقي لتبرير الزيارة بالقول إنها كانت لفلسطين لا لإسرائيل. وزاد الطين بلة عندما قال إن الزيارة تمّت بمبادرة فلسطينية وبهدف «الوقوف على أوضاع المعتقلين ومواساة أسر الشهداء». وقال لصحيفة «سبق» الإلكترونية: «من يكتبون بعض الكلام عليهم التأكد، فأنا لم أقم بزيارة إسرائيل، بل ذهبت لرام الله بدعوة من الفلسطينيين، واجتمعنا مع أسر الشهداء وواسيناهم، وحضرنا زفاف إبن مروان البرغوثي، أحد المعتقلين ورمز القضية الفلسطينية».

وأضاف عشقي: «الإسرائيليون كتبوا أني زرت إسرائيل، لأنهم يعتبرون القدس إسرائيلية، ونحن نعتبرها فلسطينية، ونعتبرها قضية إسلامية وعربية بناء على مبادرة السلام التي وضعها الملك عبدالله، رحمه الله». وتابع في «المرة الأولى، صليت بالمسلمين في بيت المقدس صلاة المغرب، وهذه المرة صليت بهم إماماً في مسجد عمر بن الخطاب، الذي يقع في المهد ببيت لحم».

وأكد أنه لم يذهب ضمن وفد رسمي يمثل المملكة، موضحاً «ذهبنا كزيارة لمركزنا، مركز الدراسات والبحوث»، موضحاً أنها كانت مبادرة ذاتية، و «مركزنا مستقل وغير حكومي، وأنا متقاعد ومفكر فقط».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى