جريمتان وحقيقة واحدة
غالب قنديل
المجزرة التي ارتكبها الطيران الحربي الفرنسي قرب منبج هي جريمة حرب موصوفة لا يمكن الصمت عليها وحسنا فعلت الخارجية السورية بإدانتها لها ولمرتكبيها فالتدخل العسكري الغربي في سوريا هو غير شرعي وغير منسق مع الحكومةالسورية الشرعية ولا مع قيادة الجيش العربي السوري كما هي الحال مع الدور العسكري الروسي الذي يرتبط بآلية تنسيق محكمة من خلال غرف العمليات المشتركة ومعمد بشرعية قانونية كاملة بوصفه جاء بطلب رسمي من السلطات الدستوريةالشرعية وهو اثبت فاعليته في محاربة الارهاب واسترجاع مناطق كثيرة من سورية احتلتها عصابات داعش والقاعدة ومثيلاتها لان القوات الجوية الروسية، تعمل مع حليف موثوق في قدراته القتالية على الارض هو الجيش العربي السوري ومعه سائر القوى المقاتلة المؤازرة وقد شكلت معارك ريف اللاذقية وعملية تحرير تدمر نموذجا نوعيا لكيفية التعامل مع عصابات الارهاب بجدية وحزم على عكس بهلوانيات الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة التي تتحرك مع شركائها بأجندة تدمير سورية واخضاعها للهيمنة دون اعتبار للقانون الدولي ومعاييره ومن غير احترام الارادة الشعبية السورية التي يحاول المعتدون كسرها علنا من خلال الترويج الاميركي لمشاريع الفدرالية والتكوين الطائفي للدولة رغم توقيع حكومات الغرب على تفاهمات فرضتها روسيا تكرس مبدأ الدولة العلمانية الوطنية .
الدور الفرنسي النشط في العدوان على سورية تجلى بدعم معان لعصابات الارهاب ولواجهات العدوان السياسية المتناحرة والمتحولة وهذا ما يجعل من الصعب تصديق اي ذريعة او حجة ستطرح لتبرير المجزرة التي تخدم في نتائجها مشاريع الاقتلاع والفرز السكاني التي استعمل الغرب لاجلها عصابات القاعدة وداعش ومثيلاتهما وبعض الجماعات الكردية العميلة التي قامت بتصفيات عرقية في اكثر من ناحية بشمال شرقي سورية.
اما الجريمة البشعة الثانية فهي اكدت القراءة السورية في الطابع الارهابي العقائدي والميداني لغالبية العصابات المعادية للدولة الوطنية فالذبح الداعشي لطفل سوري في منطقة حلب على يد عصابة زنكي التي تتبناها الولايات المتحدة وتركيا اردوغان ودول الغرب وتعتبرها احدى مكونات المعارضة المعتدلة وفق التصنيفات الاميركية التي رفضتها سوريا مع حلفائها ولاسيما شريكها الروسي الذي واجه تعنتا اميركيا فاضحا في هذا الملف.
الغرب الاستعماري المسؤول عن دعم الارهاب مع حكومات قطر والسعودية وتركيا يقتل السوريين جماعيا وهو يحاصرهم بالعقوبات الاقتصادية المشينة ويزعم انه يحارب داعش التي تدين للغرب بحماية شبكات تمويلها الممتدة داخل تركيا من تجارة شحنات النفط والآثار السورية والعراقية المسروقة وهذا ملف لم تتكشف خيوطه وخطوطه إلا بعد انطلاق الضربات الجوية الروسية الفعالة مقارنة بمسرحيات اوباما وبهلوانيات كاميرون وهولاند واكاذيب حكومات العدوان الاقليمية .
الادانة الاخلاقية للجريمتين لا تكفي والمطلوب تحقيق دولي نزيه لمحاسبة فرنسا على جريمتها ومع ذلك دعوة مجلس الامن الدولي لاتخاذ موقف يدين التدخلات العسكرية غير المشروعة في سورية والتحرك لوضع حد لمهزلة ما يسمى بالجماعات المسلحة المعتدلة في حلب وسواها من المناطق السورية التي تعيش تحت وطأة التهديد الارهابي التكفيري برايات متعددة بعضها يستخدم اقنعة سياسية مزيفة وتحاول واشنطن تسويقها بخبث لتصنع لها ادوارا مشبوهة في مستقبل البلاد لتكون مواقع نفوذ استعمارية عميلة.