بري: التزامنا باتفاق الطائف نهائي
دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى «السير في خارطة طريق وردت في بنود الحوار الوطني تبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون للانتخابات وتشكيل حكومة اتحاء وطني»، مؤكداً «الالتزام الدائم والقائم باتفاق الطائف». وقال: «لا أحد يفكر أنّ أحداً يفكر أو مسموح له أن يفكر بشيء تأسيسي».
وقال بري في كلمة ألقاها خلال افتتاح مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الذي انعقد برعايته في فندق «موفينبك» صباح أمس، ونظمته مجموعة الاقتصاد والأعمال: «بداية لا بد وبمرور عشر سنوات على العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006 لا بد أن نرفع التحية إلى أرواح المقاومين المجاهدين من أبناء شعبنا وإلى جنود جيشنا البواسل الذين وقفوا في الصفوف الأولى يدفعون العدوان الإسرائيلي الذي كان مخططاً ومقرراً على لبنان قبل أشهر من وقوعه. كما نستذكر أرواح المئات من أبناء شعبنا الذين ذهبوا ضحية هذا العدوان وغيره من حروب إسرائيل على بلدنا على كل مساحة لبنان خصوصاً ضحايا المجازر في أنحاء الجنوب سيما شهداء مجازر عيترون وصريفا والغازية وقانا الثانية وصولاً إلى العمال الزراعيين في سهل القاع وعلى الطرقات والجسور».
وأكد «أنّ لبنان الذي انتصر بصموده ووحدته ومقاومته سينتصر اليوم كما على الإرهاب كذلك على سياسة التضييق الاقتصادي بفضل جناحيه المقيم والمغترب وسيتمكن من بناء استقراره وازدهار الإنسان فيه».
ورأى أنه «لم يعد أمام لبنان سوى قوة عمل وإنتاج أبنائه المقيمين والمغتربين، إذ إنّ جميع الأشقاء والأصدقاء الذين قدموا وقدموا الكثير وخاصةً من الخليج. نحن لا ننكر ولا يمكن أن ننكر وخاصة إثر الاعتداءات الإسرائيلية كان العرب يعمّرون مقابل إسرائيل التي تدمر، إنما بقي لنا في ذمة العرب الكثير ولم يدفع لنا. نحن لا نطالب بالفوائد نطالب برأس المال».
وأضاف: «لقد انتظر لبنان أموالاً مقررة في القمم العربية لمساعدته على إزالة آثار الاعتداءات والاجتياحات الإسرائيلية التي استمرت من دون توقف منذ نكبة فلسطين عام 1948 وحتى التحرير عام 2000 وبعد ذلك في عام 2006. ونحن لا ننكر أنّ إخواننا، كما قلنا، قدموا الكثير ولكنّ هذه الأموال المقرّرة سيما القديمة لم يدفع حتى ثلثها».
وأمل «أن تعود مؤسسات الدولة إلى لعب دورها التشريعي والتنفيذي وإنجاز كافة الاستحقاقات الدستورية وفي الطليعة أولاً وثانياً وأحد عشر كوكباً انتخاب فخامة رئيس للجمهورية اللبنانية، الأمر الذي سيسهم في عملية صناعة القوانين الضرورية لتنشيط العمل والفعاليات الاغترابية والاستثمار في المجالات التي تساعد في توليد فرص للعمل، وبما يمنع من تصنيف بلدنا كبلد مصدر للموارد البشرية وبما يشجع أبناءنا على وقف الهجرة، ويمكننا من وقف نزف مواردنا وأبنائنا وهم يحملون دمغة صنع في لبنان».
وإذ أكد ضرورة بناء علاقة لبنان بالمغترب وبالعكس، رأى أنّ هذا الأمر يحتاج إلى عدة إجراءات أبرزها:
بناء معهد دبلوماسي لتنشئة ولزيادة مهارات وكفاءات الدبلوماسيين اللبنانيين العاملين في بعثات لبنان الدبلوماسية في الخارج من أجل توسيع افاقهم ومداركهم في التعاطي مع البلدان المضيفة والمغتربين والمنتشرين اللبنانيين.
ـ إعداد برامج إعلامية تعيد لبنان إلى ذاكرة المغترب وأجياله.
ـ رصد الوقائع الاقتصادية وشروط التجارة والاستثمار في البلدان المضيفة واقتراح الاتفاقيات المناسبة معها وصولاً لوضع ميزان تجاري متكافىء.
ـ إقامة مؤتمرات وطنية وقارية للطاقة الاغترابية وإنشاء دليل توجيهي للاستثمارات في لبنان وإنشاء الأعمال وتجاوز مسألة بيع وشراء العقارات وإقامة الأبنية باعتبار أنّ مساحة لبنان لم تعد تستوعب أساساً نشر الاسمنت الذي أكل وجه الأرض والإنسان.
ـ النظر بإمكانية عقد مؤتمرات واتفاقيات اقتصادية مع الدول التي لدينا جسور بيننا وبينها عنيت بذلك الجسور الاغترابية التي تنفتح على لبنان على غرار مؤتمر الاعمال الاغترابي الذي عقد في بوخارست، وكان يجب أن نبادل الأمر بعقد مؤتمر في بيروت للتأسيس لأعمال في رومانيا.
ـ إنشاء مدارس في المغتربات.
ـ توقيع اتفاقيات بين الجامعة اللبنانية والجامعات في دول الانتشار لمعادلة الشهادات اللبنانية.
ـ رصد الأجيال الجديدة من المغتربين وبناء أوسع العلاقات مع الشباب وإبراز دور المرأة في المغتربات.
ـ إبراز الإمكانيات والقدرات في المجال الطبي في المستشفيات اللبنانية من أجل جعل لبنان مركزاً طبياً ليس للشرق فحسب بل لبلدان الاغتراب.
ـ العمل لإنشاء مكتب سياحي لبناني في بلدان الانتشار وكذلك مكتب ثقافي وإنشاء معارض للكتب والمنشورات اللبنانية في بلدان الاغتراب.
ـ رصد الإنجازات التي يحققها لبنانيون في المجال العلمي والإبداعي والإضاءة عليها.
ـ التنسيق مع مؤسسات الجاليات لإطلاق فعالياتها وأنشطتها في مجال تشجيع أبناء الجاليات على استعادة الجنسية اللبنانية».
ودعا بري إلى «السير في خارطة طريق وهذه تماماً بنود الحوار تبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية ومن إقرار قانون للانتخابات النيابية، يلحظ موقع الاغتراب وتمثيله ودوره والكوتا النسائية وخفض سن الاقتراع، وإجراء انتخابات مع تشكيل حكومة اتحاد وطني كان قد لحظها اتفاق الطائف». وقال: «لا أحد يفكر أنّ أحداً يفكر أو مسموح له أن يفكر بشيء تأسيسي مؤتمر تأسيسي . الالتزام دائم وقائم باتفاق الطائف وهذا أمر نهائي. هذا الكلام قلناه في الحوار وفي المجلس وأكرره الآن. وعندما ننهي كلامنا يقولون كلا إنّ وراء الأكمة ما وراءها. فلنخرج من هذه العقد. اتفاق الطائف ليس قرآناً ولا إنجيلاً ولكن لا أحد وارد عنده الآن تغييره ، لأنّ أفضل من الموجود غير موجود. هل نفذتم اتفاق الطائف؟ نفذوا اتفاق الطائف وتعالوا بعدها وقولوا لنا إننا نريد أن نطوره أو نحسنه أو نعدله».
وتطرق بري إلى العقوبات المالية الأميركية، موضحاً «أنّ مال الاغتراب هو مال نظيف ويجري تحصيله بالكد والجهد والعمل ليل نهار، وهناك أجيال ونماذج لبنانية مقيمة في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصناعية الكبرى أثبتت على الدوام أنها تمارس أعمالاً قانونية وأنّ اللبنانيين بنوا مؤسسات وفق قوانين وشروط البلدان المضيفة ويدفعون الضرائب، وإذا كان هناك من خلل قانوني ارتكبه أفراد معينون فهذا الأمر يفعله أميركيون أو غربيون أو شرقيون، ولا يستدعي معاقبة لبنان أو طوائفه أو أحزابه أو وضعهم تحت مجهر الموقف السياسي لأنّ ذلك يمثل تصنيفاً وانتقاصاً من حقهم الإنساني في الانتماء والقول».
كما دعا بري إلى «إعادة النظر بكلّ القوانين التي تحد من حركة المال اللبناني ومن تحويلات الاغتراب ورجال الأعمال لأنّ مبلغ 7 مليارات ونصف تقريباً الذي يحول إلى لبنان سنوياً من الاغتراب إذا بقيت هذه القيود قائمة نخشى كثيراً أن تنخفض، وهذا أمر مخيف، مع الاشارة إلى الاحترام الدائم للقوانين الوطنية المرعية الأجراء في هذا المجال شريطة ألا تميز بين لبناني وأي جنسية أخرى».
وحذر من «أنّ لبنان يقع على منظار التصويب الإسرائيلي، لأنه يشكل العقبة في وجه إسرائيل الكبرى»، لافتاً إلى «إنّ إسرائيل وقد أزعجها النظام المالي والمصرفي اللبناني المرتكز إلى النظام الاقتصادي الحر وصمودهما طيلة سنوات الحرب الأهلية وأمام عواصف ونتائج الاجتياحات الإسرائيلية، وما اكتسبته قطاعاته من خبرات وكلمة سر لبنان المتمثلة بلبنان المغترب الذي هو خزان لبنان البشري وقرشه الابيض في اليوم الأسود، أنّ إسرائيل تخوض حرباً ضد لبنان انطلاقاً من محاولة تدمير بنيته التحتية كما جرى صيف 2006 وتدمير اقتصادياته عبر تشويه سمعته ومحاولة وصمه بالإرهاب وإظهاره كمعـوق غير قادر على النهوض بنفسه وزيادة مشاكله وإرباكاته».
ورأى «أنّ كلّ الحرب الدائرة في سورية العرّاب لها هو اسرائيل». وقال: «لا يريدون إلا أن يبقى العرب والمسلمون يتقاتلون مع بعضهم البعض، وكأنّ المطلوب أن لا تتوقف الحرب في سورية حتى نصل إلى التقسييم والتفتيت».
وأكد «أنّ انتصار لبنان في هذه الحرب الاقتصادية بفضل صمـود أبنائه المقيمين الذين تعودوا على الممارسات الإرهابية الإسرائيلية، وبفضل صمودكم وانتباهكم وصمود المصارف والبنك المركزي وانتباهه ونظافة كفكم وشفافية معاملاتكم ومحبة المجتمعات المضيفة لكم وترابطكم، ولا ينقصكم سوى اجتماعكم في مؤسسة اغترابية تمثل اللوبي الاغترابي اللبناني في العالم وخاصة في الولايات المتحدة».
وحول التفجيرات التي استهدفت مدينة القاع مؤخراً، قال بري: «أنا لم استغرب أن تمتد يد الجريمة المنظمة والإرهاب التهجيري إلى القاع، ولم استبعد أن يكون لبنان أمس واليوم وغداً هدفاً دائماً للإرهاب، ليس على حدوده الشمالية والشرقية فحسب وليس على حدوده مع إرهاب الدولة الذي تمثله إسرائيل ويهدد لبنان في الجنوب بل على حدود المجتمع أيضاً».
وأضاف: «أنا أستدعي انتباه الجميع لكي يكونوا حراس الوطن إلى جانب الجيش والأجهزة والمقاومة، وأن ينتبهوا إلى الخلايا الإرهابية اليقظة والمتحفزة لضرب أمن وأمان لبنان». ورأى «أنّ وضع لبنان أفضل، حتى من بعض الدول الأوروبية من الناحية الأمنية وأفضل من أي بلد آخر حولنا بالنسبة للناحية الأمنية، ولكن لا نريد أن ننام على حرير، والإرهاب هو الذي يقتل ويدمر ويفجر في الأوطان كافة وعبر حدود الأوطان والقارات».
وتابع: «أقول للجميع على المستوى الوطني أوقفوا كيل الاتهامات كفى أن نستمر بتبادل التهم بين بعضنا البعض، أصبحنا نعرف رأي بعضنا البعض»، معتبراً «أنّ تحميل المسؤولية لحزب الله مثلاً بسبب ذهابه لقتال الإرهاب في سورية هو أمر في غير محله، فالإرهاب كان سيأتي إلينا وهو سبق ودق أبواب أوطان من المغرب إلى الخليج والأردن وأوروبا وأفريقيا وآسيا إلى السعودية من دون أن تكون منخرطة أو مشاركة في أي حروب من أساسها. هذا واقع حاصل».
وإذ رأى «أنّ لبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطه ونحن يجب أن نرى ما يحدث من تحولات كذلك عبر العالم»، لفت إلى «أنّ الحروب في المنطقة ضد الإرهاب سوف تتصاعد على وقع مشاريع وخطط واستراتيجية الفوضى البناءة ومع الأسف لتقسيم المقسم وإنشاء مخافر أجنبية تحت شعار حماية الكونفدراليات، وفي الواقع لحراسة نقاط علام للمصالح الدولية والإقليمية على خارطة مشروع الشرق الأوسط الكبير».
وقال: «إننا في لبنان لا زلنا نستدعي تصحيح العلاقات العربية والخليجية والسعودية تحديداً وعدّاً ونقداً بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وإعادة بناء الثقة فيما بينها لأنها تشكل ضرورة لبنانية وسورية ومصرية وعراقية ويمنية وبحرانية، إضافة إلى أنها ضرورة سعودية وإيرانية بل وإسلامية».
وختم بري: «يبقى أننا سنبقى ننحاز إلى الشعب الفلسطيني الذي يواجه أعتى قوى إرهابية عسكرية في العالم وهي تواصل استباحة المسجد الأقصى المبارك ومحاولة تهويد القدس وكلي أمل بأنّ الشعب الفلسطيني سيتمكن بتضحياته من تحقيق أمانيه».