العميد عباس للشرق الجديد: المقاومة في لبنان درست علما عسكريا جديدا
اعتبر العميد المتقاعد في الجيش اللبناني محمد عباس ان هناك اكثر من مغزى ومن نتيجة لحرب تموز 2006 فقد ترتب على هذه الحرب ليس فقط نتائج عسكرية وانما ايضا نتائج سياسية.
وقال في عباس في حديث لوكالة أخبار الشرق الجديد، في الموضوع العسكري، حرب تموز احدثت تغييرات استراتيجية في المفاهيم التي كانت سائدة على مستوى المنطقة او على مستوى العقائد العسكرية في العالم.
واضاف عباس: “على مستوى المنطقة، استطاعت اسرائيل من خلال مفهوم الردع الذي امتلكته من خلال انتصاراتها على الجيوش العربية في كل المعارك الرسمية التي خاضتها ضدهم ان تكرس مفهوم الردع، ومفهوم الردع كان يعني بكل بساطة منع العرب من مجرد التفكير في الحرب مع اسرائيل، ما يعني احساس العرب بالشعور بالهزيمة حتى قبل الحرب، لذلك رأينا ان كل الحروب الرسمية العربية كانت تنتهي بفشل، ثم انتهت الحروب الرسمية عام 73 وظهر بعدها ان المشروع الصهيوني التوسعي عاد يراود احلام الصهاينة لان العرب ليس فقط هزموا في المعارك العسكرية وانما ايضا توجهوا نحو السلام مع اسرائيل”.
وتابع عباس: ” المقاومة لاحقا غيرت هذه المعادلات بصورة جذرية، ومفهوم الردع الاسرائيلي هشم ليس فقط في حرب تموز، بل هشم في كل المعارك التي خاضتها اسرائيل مع المقاومة سواء في الـ93 “تصفية الحساب” او في الـ96 “عناقيد الغضب” ثم جاء الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 وبعدها التحضير للحرب في 2006 التي أرادتها اسرائيل حربا فاصلة تستعيد من خلالها هيبة الردع وتقضي على المقاومة، هذه هي الاهداف الاسرائيلية المعلنة اقله، وجاء تصريح احد المحافظين الجدد اليوت ابرامز الذي كان نائب مستشار الامن القومي للرئيس جورج بوش ليعلن ان الحرب كان معد لها منذ العام 2004 وتم الاعداد لها اميركيا بالتنسيق مع اسرائيل، واسرائيل كانت اداة التنفيذ، هي حرب اميركية بأداة تنفيذ اسرائيلية ، هذه الحرب زادت من تهشيم صورة الردع الاسرائيلي وشعور الاحباط انتقل من العرب الى الجانب الاسرائيلي. وبعد كل هذه الفترة تشير كل الدراسات سواء الاسرائيلية او الغربية الى ان اسرائيل قلقة من قوة المقاومة، وهي تعلم ان الذهاب الى الحرب ليس نزهة، فإسرائيل التي كانت دائما رادعة اصبحت مردوعة، المقاومة امتلكت قوة الردع لتردع اسرائيل عن اعتداءاتها على لبنان، هذا بالمنحى العسكري”.
وقال عباس: “اما بالمنحى السياسي، فلماذا شنت الحرب على المقاومة ليس فقط لأهداف عسكرية وانما لأهداف سياسية، لان اسرائيل ومن وراءها، الغرب وبعض الدول العربية الاداة في المشروع الصهيواميركي، ارادت من ضرب المقاومة افشال وضرب هذا النموذج الذي بدأ الشباب العربي يتلمسه، خاصة في فلسطين، فمسألة قدرية الهزيمة انتهت الى غير رجعة، إذا كان هناك مقاومة جدية محتضنة من قبل شعبها فهي قادرة على صنع النصر، ان اي مقاومة جدية تنتقل ما قامت به المقاومة في لبنان يمكن ان تحقق الانجازات، وهذا حصل في غزة من خلال الانسحاب الاسرائيلي عام 2005 وايضا تكرس هناك مفهوم ردع، اسرائيل شنت عدة حروب على غزة 2008 و 2009 و2012 و2014 وفشلت في تحقيق اهدافها المعلنة، صحيح انها دمرت قطاع غزة ولكنها فشلت في اهدافها التي كانت تماما كحرب لبنان، القضاء على حماس او اضعافها بهدف فرض السلام على الفلسطينيين”.
وختم عباس قائلا: “هناك اهداف سياسية غير الاهداف العسكرية، كان المقصود اجهاض اي حالة مقاومة في المنطقة، ولم تنجح به وسيكون له تداعياته على الواقع العربي، هناك مقاومة اثبتت نجاحها في حرب تموز ثم هذه المقاومة جرى الاستلهام بها في فلسطين، وهناك ايضا حققت انجازا محددا، صحيح انها ليست معارك حاسمة ولكن مجرد افشال مخططات العدو بالقضاء على كل حركة تحرير او مقاومة في المنطقة فشلت، هذا في النتائج السياسية للحرب، اضافة الى النتائج المباشرة، تغيرت مفاهيم القتال في الموضوع العسكري، لأنها المرة الاولى مقاومة تخوض حرب تدمج فيها بين الحرب العصابية والحرب النظامية وهذا غير مسبوق، دائما كنا نرى في كل الحروب الثورية حرب عصابات في مواجهة جيوش نظامية وطبعا حرب العصابات التي كانت محتضنة من قبل اهلها وناسها كانت تنتصر، ولكن في لبنان المقاومة درست علما عسكريا جديدا، وكل مراكز الدراسات العسكرية حاليا تعرضت لهذه المسألة، لان المقاومة خاضت حرب في مفهوم ليس حرب العصابات فقط وانما دمجت بكفاءة موضوع حرب العصابات بالحرب الكلاسيكية النظامية وخاضت هذه الحرب بنجاح كبير ولأول مرة، وغير مسبوق لذلك اسرائيل تعيد النظر في عقيدتها العسكرية التي نجحت تماما في مواجهة الجيوش العربية ولكنها فشلت تماما في مواجهة المقاومة”.