بقلم غالب قنديل

التحقيق في حرب تموز

غالب قنديل

من يسترجع الأرشيف الإعلامي اللبناني ليوميات حرب تموز يقع على فضائح لا وصف قانونيا لها غير التوهين والنيل من المعنويات الوطنية في زمن الحرب وخدمة العدو سياسيا وعمليا واحيانا معلوماتيا فمن الأمثلة الصارخة ما قيل وما جرى بثه عن مواقع عسكرية للمقاومة خلال التغطيات الحية ، وفي الوقائع السياسية التي حملها الجدل الإعلامي والسياسي الذي حركته المخابرات الغربية والخليجية ما يندى له الجبين أي جبين يقيم اعتبارا للكرامة الوطنية وللسيادة والاستقلال طبعا سيعلق بعض المتذاكين وسيصيحون : إنه التخوين ! بل هو التوصيف الواقعي الذي يضع الإصبع على الجرح ولن يبرأ منه لبنان ما دام مطموسا بالتكاذب والمجاملات الفارغة ومن غير مكاشفة وطنية صريحة وواضحة تليها محاسبة وإلى ان يتوافر التوازن السياسي الذي يتيح مثل تلك العملية سيبقى لبنان مريضا تعتبر فيه الخيانة وجهة نظر .

تلك الحقيقة ينبغي الكلام عنها بصراحة بدلا من النفاق السياسي الذي يرسم صورا افتراضية خادعة وواهية بعد مرور الحدث وانقضائه ، صور عن وحدة لم تظهر تعبيراتها السياسية وعن تضامن لم يقم للحظة واحدة من انطلاق العدوان الصهيوني حتى انكساره بل استمر بصورة اخرى من خلال سجالات إنكار الانتصار الذي اعترف به العدو جهارا وتولتها منظومة إعلامية متكاملة وحتى ما يسمى بالتعاطف الإنساني مع الذين هجرهم العدوان فقد وقعت احداث في بعض المناطق يندى لها الجبين أقلها محاولات فاشلة لتأليب النازحين على حزب الله ومعاملتهم كرهائن ناهيك عن التجارة المألوفة بالمساعدات التي ظهرت خارج الحيز الذي يفترض ان المانحين كرسوها له .

في تلك الحرب صفحات مخفية وربما تبقيها المقاومة مكتومة لزمن بعيد وهي تتناول وجوه تنسيق جهات لبنانية مع العدو الصهيوني مباشرة ام بواسطة جهات خليجية وغربية على صعيد نقل المعلومات وتحديد الأهداف ومطاردة قادة المقاومة وكوادرها وذلك ما يطال بالمسؤولية اطرافا سياسية وعددا من المواقع في اجهزة الدولة ومؤسساتها وخصوصا في مجالي الأمن والاتصالات كانت تمسك بها قوى الرابع عشر من آذار وما تكشف من خروقات صهيونية ليس سوى رأس جبل الجليد وقد ترددت في الكواليس تقارير كثيرة عن الدور الرئيسي لجهات لبنانية في إرشاد الكيان الصهيوني إلى عدد من المواقع وفي تمكينه من ممارسة التنصت على شبكات المقاومة ورغم انقضاء عشر سنوات على الحرب احجم حزب الله عن كشف ما لديه من تسجيلات لمكالمات واتصالات اجرتها جهات لبنانية بدول اجنبية وببعض السفارات في بيروت تضمنت طلبات مباشرة بمواصلة الحرب وبدعوة العدو إلى ضرب أهداف معينة بهدف القضاء على المقاومة.

على سبيل المثال ماذا ورد في محضر جلسة عوكر التي عقدتها قيادات تحالف 14 آذار مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا رايس وما هي الطلبات غير المنفذة التي ذكرت بها الحاضرين عندما اتهمتهم بالتقصير في تنفيذ ما تعهدوا به للسفير جيفري فيلتمان قبل الحرب وهل كانت هناك خطة لتحريك شيء ما في الداخل اللبناني بالتوازي مع العدوان الصهيوني ؟

أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات وتدقيق في الوقائع لبلورة رواية لبنانية عن الحرب ومن الغريب العجيب ان يجري الكيان الصهيوني تحقيقاته وينشرها بينما لم يتخذ أي قرار لبناني في أي من المؤسسات سواء مجلس الوزراء ام المجلس النيابي ام على صعيد السلطة القضائية لإجراء تحقيق لبناني حول تلك الحرب وما جرى خلالها وكيف تصرفت المؤسسات السياسية والإدارية والأمنية مع العدوان الصهيوني وما هو تقويم عملها بدءا من مجلس الوزراء الذي شهد معركة مستمرة قادها الرئيس إميل لحود في وجه ضغوط الرئيس فؤاد السنيورة وفريقه لتمرير ما توحي به الولايات المتحدة وما تسعى إليه لتمرير مشيئة العدو في قواعد الاشتباك على أرض الجنوب وطبيعة تفويض القوات الدولية المعززة التي نص عليها القرار 1701 .

ولم لا تنشر بعد عشر سنوات محاضر اجتماعات مجلس الوزراء خلال الحرب امام الرأي العام وقد فقدت طابع السرية المزعوم بانقضاء الزمن وتبدل الظروف ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى