الابعاد الاميركية لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي د.منذر سليمان
تحذير اميركي مبكر
استقرأت النخب الفكرية والسياسية الاميركية تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مبكرا، لما سيحدثه من هزة سياسية واسعة واعتبرته “صدمة كبرى” نظرا لأن “تأثيره سيتجاوز المصالح البريطانية والاوروبية .. وسيكون غير مرغوب فيه في الواقع؛ وسوف يُستقبل بكثير من الأسف والقلق من قبل اقرب حلفائها بالتأكيد.”
وبلغ الحماس ببعض اقطابها مبلغا دفعها لمطالبة “الاطراف الاخرى ان تتدخل، وهو (أمر) مشروع ومناسب،” كما اوضح رئيس مجلس العلاقات الخارجية الرصين، ريتشارد هاس، 15 شباط 2016؛ ومن شأن خروج بريطانيا “ان يؤدي (بها) الى شيء آخر غير مملكة متحدة اكثر ضيقا وأقل تأثيرا .. وسيعزز النفوذ الالماني، الذي لن يكون صحيا على المدى الطويل.”
ومضى هاس موضحا مركزية مكانة بريطانيا بالنسبة لاميركا بأن الاولى “تعد مهمة ليس كشريك فقط، بل ايضا كدولة صديقة يمكن الاعتماد عليها .. لدعم مواقف تتفق مع مصالح الولايات المتحدة في بروكسل (مقر الاتحاد الاوروبي)، او لدعم مواقف ليست بعيدة عنها على الاقل.”
مناهضة الاوربيين للهيمنة الاميركية تعلو وتخبو مع الزمن. وعبر المؤرخ الانكليزي الكساندر ويرث عن نزعة الاستقلالية لدى اوساط اوروبية عديدة، لا سيما في فرنسا الخمسينيات بالقول ان “تحول خطة مارشال (التنموية لاوروبا) الى تحالف مقدس ضد الشيوعية يعني ان الاولوية ينبغي ان تعطى للمساعدات العسكرية (الاميركية)، والتوقعات تقتضي من الدول الاوروبية زيادة انفاقاتها العسكرية، مما يفاقم معدلات التضخم” داخل بلدانها. واضاف انها ايضا “تصعيد لوتيرة الحرب الباردة .. كمشروع اميركي لحفظ السلام بادنى كلفة ممكنة والذي اضحى احد اكبر مخاطر الحرب منذ تحرير” القارة.
الخروج مسؤولية من؟
شبكة (بي بي سي) للانباء ذهبت ابعد من ذلك، 12 ايار 2016، لتوضيح “العلاقة الخاصة” بين البلدين التي تشير الى “تبادل غير مسبوق لمعلومات استخباراتية وتعاون في مجال الدفاع، كما يوجد نحو 800 جندي بريطاني في اميركا يخدمون في جميع افرع الجيش الاميركي؛” والتي ستتأثر سلبا بمجموعها، وفق تقرير الشبكة.
وعليه، محورية دور بريطانيا في الاستراتيجية الاميركية الشاملة لا تشوبه شائبة، وطواعيتها في خدمة اهداف واشنطن “وتلقي الطعنات والاهانات نيابة عنها” من المستبعد ان تخضع لأي تعديل جوهري. وما امام المؤسسة الحاكمة الاميركية الا التعايش والتأقلم مع تداعيات الخروج، قدر استطاعتها، لا سيما ان سوق الاسهم اول من تأثر سلبا بخسارة مذهلة بلغة نحو “3 تريليون” دولار تبخرت من التداول، ولم يتحرك البنك المركزي الاميركي (الفيدرالي) للتدخل.
التداعيات السياسية اشد وضوحا نظرا لرغبة عدد من اعضاء دول الاتحاد، البالغة 28 دولة، اجراء استفتاءات مشابهة طمعا في نتائج موازية للخروج ايضا، مما ينذر بتصدع بنية الاتحاد وانتهاء مفعول رسالته النضرة، كما تروج الآلة الاعلامية على الدوام. ولعل من ابرز القضايا الخلافية بين معظم دول الاتحاد من ناحية ولندن وواشنطن من ناحية اخرى هي عضوية تركيا المدرجة بثبات دون البت بها؛ وخلافها ايضا لفرض واشنطن عليها زيادة انفاقاتها العسكرية بمعدل 2-2،5% من الناتج القومي العام، في ظل ظروف اقتصادية تزداد سوءا، لا سيما في دول مثل ايطاليا واسبانيا واليونان، وحتى فرنسا.
البعد الاميركي البارز في خروج بريطانيا خشية المؤسسة الحاكمة من انتعاش خطاب انسحاب اميركا من القضايا العالمية. وعبر عن ذلك بدقة ريتشارد هاس، سالف الذكر بالقول “.. الأسوأ من ذلك أنه من المحتمل جدا أن يستخدم الأميركون الداعون إلى خفض دور الولايات المتحدة في العالم خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي كدليل آخر على أن الحلفاء التقليديين لم يتحملوا نصيبهم من المسؤولية، وأن الولايات المتحدة التي تواجه عجزا متزايدا واحتياجات محلية ضخمة لا ينبغي أن تعوض هذا الفارق.”
خطابات الطمأنة والتريث التي صدرت عن البيت الابيض ومسؤولين اميركيين آخرين، والاشادة بدور بريطانيا والمراهنة عليها، لم تجد آذانا صاغية عند بعض اقطاب النخب السياسية.
فندت يومية واشنطن بوست نزعات الساسة تجاوز مسؤولياتهم فيما جرى باعتباره “مجرد قضية اوروبية.” وقالت ان “الولايات المتحدة تتحمل جزءا من هذه المسؤولية؛ فهي التي تسببت في الكثير من حالة عدم الاستقرار على المستوى العالمي خلال العقدين الماضيين.” ومضت بالقول ان “للسياسة الخارجية للرئيس الاميركي باراك اوباما دورا كبيرا في خروج بريطانيا،” اذ جاء تدخله وتوسله لدى الناخب البريطاني، ابان زيارته لندن قبل الاستفتاء، بنتائج عكسية.
واوضحت فيما يخص بريطانيا ان “.. الازمة المالية العالمية عام 2008 .. دفعت لندن لاتباع سياسة تقشفية في ظل خشيتها من التحول الى يونان أخرى.” وما يعزز مشاعر القلق في الاوساط المالية ترجيحها اقدام بريطانيا على “اعادة صياغة جميع اتفاقياتها التجارية .. هناك كثير من الغموض حول كيفية قيامها بذلك ولا سبيل الى معرفة لغزه الآن.”
هول الصدمة في داخل المؤسسة البريطانية كان اشد وطأة من مثيلاتها، كما كان متوقعا. رئيس الوزراء “الناطق بلسان واشنطن،” ديفيد كاميرون، اعلن عن نيته تقديم استقالته من منصبه؛ رافقه انتعاش الدعوة في مقاطعة سكوتلاندا لاجراء استفتاء جديد بهدف الاستقلال عن بريطانيا. حينئذ ماذا سيتبقى من “الامبراطورية العظمى او المملكة المتحدة.”
ليس من العسير استقراء تداعيات خروج بريطانيا اوروبيا، وبقائها اسيرة واشنطن. اذ من المؤكد ان جملة قضايا استراتيجية ستتأثر بذلك، اهمها: الاقتصاد الداخلي والدولي، نظرا لأن لندن اضحت العاصمة المالية للاتحاد الاوروبي بتشجيع من واشنطن؛ بُعد السياسة الخارجية؛ والأمن القومي؛ والانتخابات الرئاسية المقبلة.
في بطون التاريخ القريب، وافقت الولايات المتحدة وبريطانيا سوية على “اعادة تسليح” المانيا عام 1955، عقب سلسلة ضغوط مشتركة استمرت عامين من الزمن بهدف تقييد حرية حركة المانيا بعد الحرب العالمية.
جدير بالذكر ان صيغة الاتحاد الاوروبي، كنموذج متطور عن السوق المشتركة والمجموعة الاوروبية، لم يحول دون نشوب نزاعات او حروب داخل القارة، كما يعتقد بعض المؤرخين، بل دفعت بها الى خارج حدودها. وما اصرار واشنطن على التمسك بحلف الناتو الا ضمان بقاء الحلف كمؤسسة تتبنى “الحروب اللامتناهية.”
العديد من الدول الاوروبية تعتبر بروز “الاتحاد الاوروبي “ليس نتاج شعور اطمئنان وثقة متبادلة .. بل كمشروع اميركي – انكليزي لادارة الحرب الباردة،” وعلى اوروبا ان تدفع الثمن. بعد انقضاء نحو ست عقود من الزمن، لا يزال “الاتحاد الاوروبي” مشروع اميركي من بيئة الحرب الباردة؛ الأمر الذي يفسر عمق الرفض الاوروبي لقبول دول اوربا الشرقية سابقا كأعضاء في حلف الناتو.
الأمن القومي
مستقبل ودور الاتحاد الاوروبي، في الحسابات الاميركية، شديد الحساسية من زاوية مواجهة واشنطن لموسكو. وجاء في مذكرة وضعتها مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، فدريكا موغوريني، ستقدم لقمة حلف الناتو المقبلة حول السياسة الخارجية ان “بلوغ مرحلة دفاع ذات مصداقية عن اوروبا هو ايضا حيوي للحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة.” واضافت “كاوروبيون ينبغي علينا التحلي بقدر اعلى من المسؤولية لصيانة أمننا.”
واضافت المذكرة المعروفة “بالورقة البيضاء،” ان “بقاء حلف الناتو هو للدفاع عن اعضائه – معظمهم من الاوروبيين – ضد هجمات خارجية، وينبغي على الاوروبيين تحديث معداتهم، وتكثيف جهود التدريب، والتنظيم بغية المساهمة الحاسمة لتلك الجهود الجمعية، اضافة للتصرف ذاتيا اينما ومتى اقتضت الضرورة لذلك.”
وامعانا في تبعية الحلف لواشنطن، اردفت المذكرة ان استراتيجية “دفاع اوروبية ذات مصداقية تعد حيوية لناحية الاستمرار بعلاقات صحية مشتركة عبر الاطلسي مع الولايات المتحدة.”
من ابرز القضايا الخلافية داخل دول الاتحاد نيه الحلف انشاء قوات عسكرية لدول الاتحاد، والتي تصدرت جولات النقاش حول استفتاء خروج بريطانيا، نظرا لقلق الناخبين من اعداد قوات عسكرية متعددة الجنسيات تحت قيادة الاتحاد.
من شأن انشاء القوات العسكرية المذكورة، ان نجحت في امتحانات الجدل المتزايد، ان تحدث تغييرا في التوازنات السياسية داخل الحلف، الذي لا يتعدى كونه قوة ملحقة بالسياسة الاميركية ستكون الاكبر عددا تحت امرة قيادة ملتزمة بواشنطن.
قلة من السياسيين ترى انشاء القوات متعددة الجنسيات بمنظار آخر من شانها احداث توازن مع القوات الاميركية داخل حلف الناتو، والتي ستتيح للاوروبيين اتخاذ قرارات مستقلة عن كل من حلف الناتو والمشيئة الاميركية.
البعد الاقتصادي
استقرت الاسواق المالية والمصرفية بعض الشيء عقب “الصدمة” الفورية لقرار بريطانيا الخروج من عباءة الاتحاد الاوروبي، لا سيما هبوط سعر الجنيه الاسترليني مقابل الدولار اذ “بلغ مستويات غير مسبوقة منذ عام 1985،” وسريان القلق داخل اوساط المستثمرين لاحتمال “مواجهة اضطرابات طويلة الأجل وتقليص الوظائف وهبوط في مستوى الارباح،” وفق تقرير اعدته وكالة رويترز للانباء، 26 حزيران.
هناك ايضا خشية حقيقية من اضطرار بريطانيا “اعادة صياغة جميع اتفاقياتها التجارية .. وملحقاتها من قواعد تنظيمية وحقوق الملكية الفكرية، وحقوق العلامات التجارية، وقوانين البيئة” مع نحو 50 دولة، ايضا ما يلزمها من اعادة تعريف التسعيرة الجمركية للبضائع البريطانية. بالمقابل، ارتفاع سعر صرف الدولار في الاسواق الاوروبية سيؤدي الى تراجع حجم الصادرات الاميركية بحكم ارتفاع سعرها بالنسبة للاوروبيين.
حزمة القوانين السارية والتي ينبغي اعادة تصنيفها بريطانيا تدل على عمق الازمة وتعقيداتها والتي “قد تستغرق نحو سنتين،” وتداعياتها على الصادرات البريطانية ذاتها. بيد ان بريطانيا لا تزال تتمتع بمرتبة “افضل دولة” للتبادل التجاري بالنسبة لواشنطن، والتي ستضع امام لندن كل ما تستطيع من تسهيلات وتبادلات تجارية مع دول اخرى نأى الاتحاد الاوروبي عن التعامل معها، مثل الهند؛ بل ليس مستبعدا ان تضاعف الولايات المتحدة حجم استيرادها من بريطانيا لاعانتها على تعويض فقدانها مفاضلة السوق الاوروبية.
هبوط سعر الجنيه الاسترليني من شأنه زيادة حجم الصادرات البريطانية، وقد تنظر لندن بتفعيل سوق مستعمراتها السابقة، الكومنولث، الناطقة بالانكليزية، للاستفادة القصوى من سعر صرف عملتها المتدني.
السياسة الخارجية
آفاق السياسة الخارجية بعد خروج بريطانيا بالغة التعقيد ايضا، نظرا لتشابك المصالح الاقتصادية بالسياسات الخارجية. بيد ان ابرز التداعيات ينتظر البيت الابيض في تعامله مع رئيس وزراء جديد مؤيد لمسألة الخروج من الاتحاد الاوروبي، مقارنة مع محاولات الرئيس اوباما شخصيا التدخل في الوسط البريطاني لحثه التصويت على البقاء في الاتحاد، وتحذيره في الوقت عينه من خسارة مرتبة الافضلية في التبادلات والاتفاقيات التجارية.
ليس هناك ما يدعو للقلق من استمرار متانة العلاقات الانغلو-اميركية، على الرغم من الهزة الاخيرة، وخاصة ان الرئيس اوباما لم يتبقى لديه الوقت الكافي لصياغة سياسة مغايرة نحو لندن، لو اراد ذلك.
واشنطن لم تُخف قلقها من تعزيز مكانة المانيا داخل الاتحاد الاوروبي، كما اسلفنا، وخشيتها من تصدر برلين لقوة اقتصادية وسياسية جديدة، قيد الانشاء، بعيدا بعض الشيء عن النفوذ الاميركي. وقد نشهد برودة جديدة في العلاقات بين المستشارة انغيلا ميركل والرئيس اوباما، لن تزول الا بعد تبيان نتائج الانتخابات الاميركية وصياغة توجهات اميركية مستحدثة نحو اوروبا.
الاتحاد الاوروبي بصيغته الراهنة معرض للتصدع وخروج عدد من دوله نظرا “لارتفاع معدلات النزعات القومية والشعوبية لاسباب اقتصادية واجتماعية،” كما يراها ريتشارد هاس؛ ابرزها في اسكتلندا وايرلندا الشمالية. ويرى هاس ان مهمة صعبة تنتظر القادة الاميركيين الذين “لا يرحبون الدخول في نقاش مع قادة اسكتلندا حول امكانية تمركز الاسلحة النووية والغواصات (الاميركية) على اراضيها ..”
كما تجددت حرارة دعوات اقاليم اوروبية اخرى للانفصال: كاتالونيا والباسك في اسبانيا؛ وتشظي بلجيكا؛ وانتعاش حركات انفصالية اخرى على امتداد القارة الاوروبية، وفي الخلفية مآسي الحروب العرقية وتفسخ دولة يوغسلافيا الى مجموعة متناحرة من الكيانات، في عقد التسعينيات من القرن الماضي.
السياسة الاميركية
يتجدد الجدل الاميركي الداخلي حول الظروف السابقة التي ساهمت في بروز اليمين المتشدد ممثلا بالسيناتور والمرشح الجمهوري السابق، باري غولدووتر، وسياسة الانكفاء التي ادت الى خسارته الرهان امام الرئيس ليندون جونسون، عام 1964؛ كمنصة انطلاق لسبر اغوار المرشح دونالد ترامب وتصريحاته بتعديل بعض اركان السياسة الاميركية والانكفاء لمشاغل الداخل.
القيادات السياسية الاميركية، التقليدية بشكل خاص، تفتقد الرؤيا الصحيحة والقراءة الدقيقة لما حصل في بريطانيا، وتعتبر ان المسؤولية تقع على عاتق الساسة البريطانيين “لسماحهم للشعب البريطاني ممارسة ارادته الحرة،” دون تدخل في النتائج.
الكاتب الاميركي والمحاضر في فرع ابو ظبي لجامعة نيويورك، جيمس تروب، عبر عن قلق النخب الاميركية بالقول “آن الاوان للنخب النهوض ضد جماهير الجهلة،” معتبرا النتائج صراع بين “عاقل وغفلة غاضب.”
يتقاطع الخطاب السابق مع دعوات ترامب لتقييد الهجرة لاميركا، واعتبار الكثيرين ان مسألة تقييد الهجرة لاوروبا كانت احد ابرز القضايا الهامة للناخب البريطاني. بيد ان قراءة معمقة للوقائع تدل على انتهاء عمر النظام السياسي المعمول به، وينبغي بلورة صيغة جديدة للحكم والمشاركة الاوسع، الأمر الذي تعجز النخب السياسية عن القيام به خشية تعرض امتيازاتها للخطر.
غضب الناخب البريطاني، والاوروبي، من عجز النظام السياسي يجد صداه ايضا في الداخل الاميركي. اذ يجمع المراقبون السياسيون على ان الجسم الاكبر من الدعم الشعبي لترامب مصدره فقدان شرائح اجتماعية متعددة الثقة بدور الحكومة والنظام برمته ايجاد حلول للقضايا المستعصية، وادراكها المتزايد بأن النظام السياسي يخدم مصالح النخب المالية والمصرفية التي لا تتعدى 1% من مجموع الشعب الاميركي.
وما يثير قلق المراقبين ايضا اتساق كثافة المشاركة الشعبية في بريطانيا مع الجمهور المؤيد لترامب ابان فترة الانتخابات التمهيدية، الذي وصل معدل تأييده الى 13 مليون ناخب.
استطلاعات الرأي “المستقلة” تشير الى صورة مغايرة لوسائل الاعلام التقليدية، اذ ان ترامب في شبه تعادل مع منافسته هيلاري كلينتون، وبلغ الفارق بينهما 2%، وهي نسبة الخطأ المسموح بها حسابيا. في بداية شهر حزيران الماضي حققت كلينتون تفوقا على ترامب بنسبة 45% مقابل 41%. استطلاعات اليوم تشير الى سباق بينهما يرجح كلينتون بنسبة 42% مقابل 40% لصالح ترامب.
ما دلت عليه آخر الاستطلاعات يوضح عمق التأييد الذي يحظى به ترامب، على الرغم من تصريحاته المثيرة للعداء والفتنة. ادناه بعض الامثلة:
52% يؤيدون ترامب لابتداع فرص عمل، مقابل 40% لكلينتون؛
50% يؤيدون كلينتون في مسألة الهجرة، مقابل 43 % لترامب؛
52% يؤيدون ترامب للرد على داعش، مقابل 39% لكلينتون؛
51% يؤيدون كلينتون للتعامل مع الازمات الدولية، مقابل 42% لترامب؛
46% يؤيدون كلينتون ان قررت ارسال قوات عسكرية خارج اميركا، مقابل 44% يويدون ترامب؛
46% يؤيدون كلينتون لاتخاذ القرار المناسب ان تطلب الأمر، مقابل 44% لترامب؛
54% يؤيدون كلينتون في اتخاذ القرار المناسب بشأن الاسلحة النووية، مقابل 35% لترامب؛
46% يؤيدون كلينتون لانجاز المهام الرئاسية في واشنطن، مقابل 43% لترامب.
في حمأة المنافسة الانتخابية الشديدة، تتعاظم أهمية الولايات المتأرجحة والتي من شأنها حسم النتائج النهائية للانتخابات. الاستطلاعات الراهنة تشير الى تعادل المرشحيْن فيها باستثناء ولاية فلوريدا التي تتقدم فيها كلينتون بنسبة 7%. يشار الى ان الاستطلاع اجري قبل صدور تقرير لجنة التحقيق التابعة لمجلس النواب بحادث بنغازي الذي ذهب ضحيته السفير الاميركي، ستيفنز، وآخرين؛ واثار جملة اسئلة دون تقديم احابات واضحة حول مسؤولية السيدة كلينتون بذلك.
في جانب الانفاق المالي، تتفوق خزينة كلينتون الانتخابية بفارق شاسع عن منافسها، 42 مليون دولار مقابل 1.3 مليون، سيما وان ترامب شحيح الانفاق على حملته الانتخابية بينما تنفق كلينتون بسخاء خاصة في الولايات الحاسمة.
ترامب الرابح الاكبر من الهجمات الارهابية اينما وقعت. وقد يسهم الهجوم على مطار اسطنبول في رفع منسوب التأييد الشعبي لترامب، في الوقت الراهن. اما المستقبل فمليء بالمفاجآت.