دلالات تحرير الفلوجة حميدي العبدالله
واضح أنّ توقيت قرار تحرير الفلوجة والسرعة التي تمّ فيها تحقيق الإنجاز، يؤكد أنّ لدى العراق، الدولة والشعب، من الإمكانيات ما يجعله قادراً على تطهير العراق من تنظيم «داعش» بسرعة قد لا يتوقعها الكثيرون.
قوة «داعش» لم تكن كامنة في قدراته الذاتية، بل من التواطؤ من قبل بعض الأطراف العراقية، وبعضهم جزء من الدولة، وأيضاً من الدعم غير المحدود الذي حصل عليه، إقليمياً ودولياً، لبسط سيطرته على مناطق واسعة من العراق.
تحرير الفلوجة بالسرعة القياسية التي أنجز فيها هذا العمل الكبير، حيث كانت الفلوجة تعتبر معقلاً أساسياً من معاقل «داعش»، وقبل ذلك تحرير تكريت والرمادي، وهي كبرى المدن العراقية، أظهر أنّ ما يعوز العراق لقهر «داعش»، ليس القدرات البشرية والمعدات العسكرية، بل القرار السياسي. بمعنى آخر عندما كانت هناك معارضة داخل الحكومة العراقية ومن أطراف دولية على رأسها الولايات المتحدة لقيام الجيش العراقي بالتعاون مع قوات الحشد الشعبي بتحرير الفلوجة بذريعة أنّ قوات الحشد الشعبي من لون عراقي محدّد، كانت في الواقع هذه المعارضة هي التي أعطت لداعش الفرصة للظهور بمظهر القوي والقوة التي من الصعب قهرها. قد يكون لدى داعش الكثير من الذين لديهم الاستعداد للتضحية بأرواحهم والتصدي للقوات العراقية ولقوات الحشد الشعبي عبر الانتحاريين والسيارات المفخخة، ولكن كلّ ذلك لن يتيح فرصة ربح المعركة ضدّ الجيش والحشد الشعبي، إذا كان هناك قرار حكومي واضح بتحرير منطقة ما من العراق.
قياساً على ما جرى في تكريت والرمادي والآن الفلوجة، يمكن الاستنتاج أنّ معركة تحرير محافظة نينوى وعاصمتها الموصل لن تكون أكثر تعقيداً من ناحية موازين القوى العسكرية، فالموصل لم تكن في يوم من الأيام معقلاً أكثر ولاءً لداعش من تكريت والرمادي والفلوجة، وطالما أنّ معارك تحرير المدن الثلاث لم تستغرق كلّ معركة فيها أكثر من شهر واحد، فهذا يعني أنّ معركة تحرير الموصل لا تحتاج إلى وقت أطول، وفي حال تحرير الموصل يتحوّل داعش إلى مجرد خلايا نائمة قادرة ربما على تنفيذ تفجير هنا وتفجير هناك، ولكن معدل التفجيرات سوف يتراجع لغياب الملاذات الآمنة، وفي هذه الحال ستمتدّ سلطة الدولة العراقية إلى كلّ أنحاء العراق في وقت قياسي لم يخطر على بال أيّ متابع لما جرى ويجري في العراق منذ عام 2014 وحتى الآن عندما قامت داعش بالسيطرة على مناطق واسعة عبر التواطؤ من قبل بعض أطراف الدولة العراقية.
معركة الفلوجة أظهرت أنّ ما يحتاجه العراق للخلاص من داعش هو قرار حكومي واضح في محاربة هذا التنظيم وليس أيّ شيء آخر.
(البناء)