مقالات مختارة

انتهت كل المعاذير لنتنياهو.. العرب مستعدون للحوار وللمساومة وللتنازل شريطة أن يتم الجلوس والبحث في التفاصيل والخروج بصيغة يتوافق عليها الجميع: سمدار بيري

 

مصري، اردني، فلسطيني وامريكي دخلوا قاعة مليئة حتى آخرها وأمسكوا بالميكروفونات. يبدو هذا كبداية نكتة، وليس بالضرورة كبداية تعد بابتسامة لدى كل ذوي الشأن. ولكن هذا بالضبط ما حصل قبل ثلاثة ايام في مؤتمر هرتسيليا. سفير مصر في اول ظهور علني له، سفير الاردن الذي يحافظ على مستوى اعلامي متدنٍ، الياس زنانيري من اللجنة الفلسطينية التابعة لابو مازن، د. روبرت دنين الامريكي الذي حقق أطول مسافة ممكنة في شؤون حارتنا اجتمعوا في محاولة لخلق حوار مع الجانب الاسرائيلي. الفلسطيني، كما ينبغي الاعتراف، سرق العرض.

هذه الرباعية، كل واحد بدوره، جاءت للحديث عن مبادرة السلام السعودية التي اصبحت مبادرة السلام العربية، ولم تحظى حتى اليوم برد فعل حقيقي من الجانب الاسرائيلي. نحن خبراء في الاعلان بان ايدينا ممدودة دوما للسلام، ولكن كل رؤساء الوزراء عندنا فروا من المبادرة التي تدرج في داخلها الكلمات الاكثر وضوحا عن العصا والجزرة: انسحاب كامل مقابل سلام كامل. ابحثوا عن الزعيم الذي يوافق على تقسيم القدس او يصطدم بالمستوطنين.

لرئيس الوزراء نتنياهو كانت ومضة قبل لحظة من انعقاد مؤتمر السلام والى غير اللقاء (حاليا) في باريس، سارع، الى جانب وزير الدفاع ليبرمان، الى اطلاق اصوات سلام “آخر”. مستعدون لنفض الغبار عن المبادرة السعودية، والتزلف للسيسي، المهم التخلص من الفرنسيين. وعندها، بعد لحظة من قطع رؤوسهم، أصدر نتننياهو صوتين: الاول على لان مدير عام وزارة الخارجية، دوري غولد، الذي وعد بتبني حلوى السلام – اذا قدمت 57 دولة عربية لاسرائيل علاقات طبيعية وتعاون اقتصادي، فان اسرائيل ستأخذ. اما الصوت الثاني، لنتنياهو نفسه، فمخيب للامال. فقد أصر على التخلي عن المنصة التي اعدوها له في هرتسيليا وعن خطاب يعرض فكره في مجال السلام. وبدلا من المجيء والقول أين تمر الخطوط الحمراء، بعث نتنياهو من القدس شريط توبيخ لبوغي يعلون. السلام مدعو للانتظار، الى أن يبرد.

هذا لم يعد انعدام مع من يمكن الحديث: السيسي في القاهرة، عبدالله في عمان، سلمان ووليي عهده في الرياض، أربعة حكام الامارات وابو مازن في رام الله ينتظرون لفظا من نتنياهو. وفي القناة السرية وعدوا بخطة عمل جديدة: استئصال ما هو مؤلم وخوض حوار على ما ليس مقبولا من اسرائيل. مسموح حتى ادخال تعديلات وتكييفات للمبادرة الاصلية، شريطة أن ينزلوا الى الكراسي ويبدأوا اخيرا بالحديث. لا تريدون مفاوضات مباشرة؟ واشنطن او موسكو والقاهرة جاهزة للوساطة باسناد سعودي. تريد حوارا وجها الى وجه؟ فليخرج نتنياهو الى وسائل الاعلام ويحدد موعدا.

يمكن التعاون، والتصديق بان ابو مازن مهزلة وغزة خارج اللعبة، والقسم بان الوضع الراهن هو حل بلا ندوب. اجلس، ضع رجلا على رجل ولا تتورط. يمكن ايضا ان نرى كيف ينظم الاطراف أنفسهم للعمل لنا من خلف الظهر، يتحالفون ويطرحون صيغا دون اشراكنا، ويبلغون بان اسرائيل البطلة لن تحصل ابدا على الاملاءات من الخارج. ويمكن، وهذا هو الخيار الثالث، أخذ مبادرة السلام العربية والنظر بضع خطوات الى الامام والبدء بالعمل.

غريب جدا أن نكتشف كم هو الجمهور عندنا لا يعرف حقا الخيار الثالث. غريب حقا ان نلاحظ عمق عدم الاكتراث. طواقم من “اسرائيل تبادر” اجتمعوا مع نظرائهم لاعداد توقع اقتصادي، لمسوا موضوع حق العودة المشحون، حددوا تبادل للاراضي واتفقوا على خريطة طريق تجري على اساس الثمن والمقابل. ومع اليد على القلب، لا يعد احد بان نحصل على ما نريد او نعطي كل ما يحلم به الطرف الاخر. ليس سهلا. الطريق صعب وطويل، ولكن المعاذير انتهت.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى