مقالات مختارة

يجب ان لا نعلق الآمال على موشيه يعلون: جدعون ليفي

 

إن التعطش اليائس لطرد بنيامين نتنياهو والفراغ السياسي المحيط يعمي عيون الحكماء: حتى موشيه يعلون أصبح وعداً. صحيح أن التاريخ مليء بالامثلة الشخصية التي فاجأت وأحدثت الثورات، لكنها لم تكن رمادية مثل يعلون. صحيح أن التاريخ مليء بالمحافظين الذين غيروا مواقفهم وأحدثوا التغيير، لكن عند يعلون لا يوجد رمز، ولو ضعيف، لذلك. قبل تحوله الى أمل الوسط – يسار، يفضل اعادة النظر في التوقعات: يعلون لن يكون أبدا شارل ديغول ولا حتى اهود باراك.

يمكن تجاهل الوقاحة في الهجوم بشكل فظ على رئيس حكومة خدم تحته يعلون باخلاص الى ما قبل شهر، حيث طرد من منصبه ولم ينتقده، باستثناء قضية الجندي مطلق النار من الخليل، الآن أصبح لنا فجأة “قياد تقسم وتنجر وانفعالية”، وأي قيادة يا وزير الدفاع السابق كانت لنا حتى قبل شهر؟ موحدة، مبادرة وضابطة للنفس؟ في السياسة مثلما في السياسة: المكان الذي تقف فيه يتحدد حسب المكان الذي تجلس فيه. ولكن لا يمكن تجاهل الوعد الذي يحاول يعلون بثه: إنه وعد كاذب.

في خطابه المفصلي ظاهريا في مؤتمر هرتسليا قال يعلون بضعة امور صحيحة وهامة وتستحق التقدير حول دور القيادة والديمقراطية والصحافة الحرة، حول التحريض ضد الاقليات وحول محكمة العدل العليا. يعلون يريد قيادة تقود “مجتمع مثالي”. وهذا أمر نبيل. وحسب يعلون، المجتمع المثالي هو الذي يأكلون فيه بفم مغلق ويتصرفون بأدب ويحافظون على الديمقراطية ويحترمون وسائل الاعلام ولا يقومون بتأجيج الغرائز – ويتجاهلون كليا ما يحدث في الساحة الخلفية. نبي الكذب بوغي يعتقد أنه يوجد مخلوق كهذا: صادق، وينفذ الجرائم بعيدا عن أعين الجميع، ديمقراطية في الامام وديكتاتورية في الخلف، دولة قانون يقتل جنودها وضباطها الناس، تقدم مع اعتقالات سياسية جماعية بدون محاكمة، احتلال متنور يجب استيعابه وادارته. لا يوجد شيء كهذا ولن يكون.

يعلون ليس وحده، إنه يمثل جزء كبير من الاسرائيليين، الاغلبية كما يبدو، الذين يريدون الايمان بوجود الكعكة الغير موجودة التي يمكن أكلها وبقاءها كاملة، ويؤمنون أن ما يحدث في الاحتلال غير هام، المهم هو أن يبقى معسكرنا طاهرا في تل ابيب.

صاحب المجتمع المثالي يعلون غير مقتنع بأي اتفاق مع الفلسطينيين ولا يجد حاجة خاصة لتحقيقه. لا يوجد شريك ويبدو أنه لن يكون، وما السيء. يوجد احتلال لا يمكن وضع نهاية له، وهو أصلا فرض على اسرائيل، إذا نقوم بادارته. ما المشكلة؟ نقيم لنا مجتمع مثالي مع بعض ملامح الاحتلال والسادية. اضافة الى ذلك، الشخص المثالي، رئيس الاركان ووزير الدفاع السابق، يتحمل المسؤولية المباشرة عن الكثير من الظواهر التي هي بالضبط تمنع اسرائيل من انشاء مجتمع مثالي. لن يكون هنا أبدا مجتمعا مثاليا طالما أنه مبني على أسس فاسدة، ولا يوجد ما هو فاسد أكثر من الاحتلال. لا توجد مثالية في تحطيم واقتلاع وقمع شعب آخر، والدفاع عن محكمة العدل العليا لن يغطي على الابرتهايد والجرائم وراء الخط الاخض. هذا لن ينجح يا بوغي.

قد يكون يعلون في الطريق الصحيح، قد يفهم ذلك ذات يوم، يمكن أنه يتقدم في طريقه البطيء، يمكنه تحطيم الصمت بعد أن يستقيل كليا في لحظة، مثل اغلبية الامنيين. ويمكن أن يتوصل في يوم ما الى الاستنتاج بأن اسرائيل يجب عليها الاختيار بين مجتمع مثالي ومجتمع الاحتلال، ليس هناك طريق ثالثة، لكن في الوقت الراهن محظور علينا أن نثق به. في الوقت الحالي يقوم باطلاق الوعود الكاذبة التي لا يجب أن تغري أحد. إن اشخاص مثل يعلون بالذات هم الخطر الاكبر: هم اولئك الذين يُمكنون اسرائيل من الاستمرار في التسبب بالسوء الى هذه الدرجة والشعور جيدا الى هذه الدرجة.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى