«المستقبل» يتخلّى عن عبد المنعم يوسف ابراهيم الأمين
ليس عبد المنعم يوسف سوى حلقة في سلسلة طويلة من الموظفين الممسكين بالمفاصل المالية والإدارية للدولة اللبنانية، نيابة عن تيار المستقبل. لكنه بعد الشح الذي أصاب الكثير من مؤسسات الدولة، تحوّل إلى حارس لمغارة يغرف منها أركان النظام السياسي، على رأسهم «المستقبل» الذي كان له نصيب الأسد. يبدو أن هذا التيار قرر التخلي عن حارس المغارة
كشفت مصادر مطلعة لـ»الأخبار» أن تيار «المستقبل» وافق على إعفاء رئيس هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف من مهماته، وباشر في إعداد ترشيحات لبدلاء له. وقالت إن الرئيس سعد الحريري اطّلع من النيابة العامة التمييزية على معطيات ترفع نسبة الاشتباه بتورط يوسف في مخالفات كثيرة، من بينها ما يتعلق بملف الإنترنت غير الشرعي.
وأوضحت المصادر أن «المستقبل» كان قد رفض البحث في الأمر «تحت الضغط»، وأن رئيس كتلة نواب التيار الرئيس فؤاد السنيورة، كان أبرز المتشددين في الدفاع عن يوسف، ليتبين لاحقاً أن حرصه ليس على يوسف نفسه، بل بهدف التوصل إلى اتفاق مع بقية الأطراف على مرشح بديل يختاره «المستقبل»، وأنه يحبّذ ترشيح أحد مستشاريه، نبيل يموت، لهذا المنصب.
وبحسب المصادر، فإن مسؤولين في «المستقبل» أجروا جسّ نبض لقوى سياسية بارزة حول ترشيح يموت، لكنهم واجهوا اعتراضاً حازماً، ما دفع إلى البحث عن أسماء جديدة. وعُلم في هذا السياق أن «بيت الوسط» تلقّى في الأيام الماضية سِيَراً ذاتية عدة لمرشحين محتملين، وعُلم أن قيادات شمالية في التيار تصرّ على أن يكون بديل يوسف من الشمال، بعد تسريبات بأن الحريري قد يسمّي للمنصب مهندس اتصالات من إقليم الخروب.
المعلومات عن يوسف التي اطلع عليها الحريري عُرضت أيضاً على أكثر من جهة، من بينها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. لكن المصادر أشارت إلى أن «المستقبل» وافق على إعفاء يوسف شرط عدم ملاحقته قضائياً، عبر تسوية تتضمّن الاكتفاء بالتحقيقات التي جرت في ملف الإنترنت غير الشرعي، وعدم التوسع نحو ملفات قد تسبّب مشكلات قانونية ليوسف ولأصحاب تلفزيون «المر. تي. في».
لكن المصادر نفسها قالت إن وزير الاتصالات بطرس حرب، يرفض أي تسوية في هذا المجال، وأنه أبلغ الجهات كافة، بما في ذلك النيابة العامة، إصراره على متابعة التحقيق حتى النهاية بصرف النظر عن هوية المتورطين، وأنه سيمنح إذناً بملاحقة أي موظف يثبت التحقيق تورطه. ونقل عن حرب قوله: «لا أتحمل أن يقال لاحقاً إنه تمت لفلفة ملفات جنائية خلال عهدي».
«صفقة يوسف» يبدو أنها طُرحت أيضاً على جهات أخرى. وقد جاء الرد من خلال تكثيف عمل اللجنة النيابية للاتصالات والإعلام برئاسة النائب حسن فضل الله، الذي كرر، باسم من يمثل، رفض تغطية أي مخالفة. وأكد أن اللجنة، كما نواب كتلة الوفاء للمقاومة، سيواصلون العمل داخل المجلس النيابي لجلاء كل تفاصيل ملف الاتصالات والإنترنت غير الشرعي. وقال فضل الله إن المقاومة «استمعت إلى تفسيرات وتوضيحات حول احتمال تورط البعض في علاقات اقتصادية أو تجارية أو خلافه مع العدو، وتريد التدقيق في كل تفصيل في هذا الأمر الخطير للغاية».
وفي هذا السياق، لم ينف رئيس الحكومة تمام سلام، احتمال بتّ الحكومة، خلال وقت قصير، في ملف تعيينات جديدة في قطاع الاتصالات، وسط حديث عن اتجاه لمعالجة الدمج بين منصب مدير الاستثمار في وزارة الاتصالات ومنصب رئيس هيئة أوجيرو، ليصار إلى تعيين شخصين في المنصبين اللذين يتولاهما يوسف خلافاً للقانون. كذلك سيصار أيضاً إلى البتّ في مصير الفريق المشرف على عمل الهيئة الناظمة للاتصالات. ولم تستبعد مصادر رئيس الحكومة إنجاز الأمر في الأسبوعين المقبلين.
وعلمت «الأخبار» أن معالجة ملف «أوجيرو» لن تقف عند إعفاء يوسف من مهماته، بل سيصار إلى مراجعة كل الملف الإداري لهذه الهيئة ولعدد غير قليل من الموظفين الرفيعي المستوى الذين كانوا يشكلون فريق عمله، والتدقيق في كل ما يقومون به لاتخاذ القرار بشأن مستقبلهم الوظيفي، خصوصاً أن هناك اتهامات لبعض هؤلاء بإخفاء معلومات حول المخالفات الكبيرة في الهيئة خلال السنوات الماضية.
(الأخبار)