الصراع ضد الإرهاب يصل إلى المجتمع المصري:تسفي برئيل
تملص وزير الخارجية الاردني ناصر جودة هذا الاسبوع من سؤال حول امكانية أن تنضم بلاده الى السعودية ومصر ضد حركات الاخوان المسلمين، وأن تشمل حماس في قائمة المنظمات الارهابية. ولم يسارع في الانضمام الى معادلة نتنياهو التي تقول إن «حماس هي داعش وداعش هي حماس». وقد أجاب جودة على سؤال «هآرتس» في منتدى سبان قائلا: أثناء دراستي في بريطانيا كنت أرسب في الامتحانات التي تتطلب حل المعادلات.
من المشكوك فيه أن يصمد هذا التملص الاردني العلني في وجه ضغوط الرئيس المصري السيسي اثناء زيارته الى عمان أمس. رسميا تم الاعلان أن السيسي سيناقش مع الملك عبد الله موضوع الارهاب في المنطقة والمشكلة الفلسطينية. لكن مصادر غربية قالت للصحيفة إن السعودية وامارات الخليج ومصر يتوقعون من الاردن الاتفاق معهم بالقول إن الحرب تشمل ايضا الصراع ضد حماس. هذا في الأساس طلب مصري حيث ينزف الدم المصري بشكل يومي سواء بسبب حرب الدولة ضد الجهاديين في سيناء أو في شوارع القاهرة حيث تنفجر العبوات بين الحين والآخر. وقد اضطر السيسي في هذا الاسبوع الاهتمام بحراسة وحماية السفارات الاجنبية بسبب رسائل التهديد التي تم تلقيها في الآونة الاخيرة من متطرفين إسلاميين. وقد قامت كندا وبريطانيا باغلاق سفارتيهما وطالبتا الحكومة المصرية باتخاذ خطوات وقائية شديدة، مثل اغلاق الشوارع المحيطة بالسفارات ومنع مرور المدنيين بالقرب من المباني وتشديد الحماية والأمن المصري. الازمة حُلت لكن التهديد ما زال قائما.
الحرب ضد الارهاب تطورت في مصر في العام الاخير وتحولت في الاسابيع الاخيرة الى حرب شاملة لا تستثني منظمات ارهابية مدنية، مثلا قال اسامة صابر، الخبير المصري في حقوق الانسان، إن السلطات تمنع نشاط 1070 جمعية ونقابة مدنية بحجة «المس بأمن الدولة». هذه المنظمات يشتبه بأنها تحصل على الدعم من دول اجنبية أو تقوم بتقديم معلومات تمس بصورة الدولة.
تعمل في مصر الآن أكثر من 47 ألف نقابة وجمعية، معظمها تقدم الخدمات والدعم للمواطنين، والقليل منها تعمل في مجال حقوق الانسان والمواطن. تركيز السلطات ضد جمعيات حقوق الانسان يهدف حسب رأي هذه المنظمات الى المس بحرية التعبير ومنع تهيئة نشطاء في حقوق المواطن الذين يعتبرون مُخلين بالنظام.
وكجزء من جهود منع الشباب من الانضمام الى صفوف الدولة الإسلامية، بدأت مصر ايضا في منع أو تأخير سفرهم الى تركيا وليبيا، «هذا جزء من صراع سياسي مخطط له جيدا هدفه التهديد ضد نشطاء حقوق الانسان أو الشباب الذين لا علاقة لهم بالارهاب أو بداعش. نحن ضد الارهاب وضد داعش، ولكننا ايضا ضد المس بالمنظمات التي تهدف الى مراقبة السلطة ومساعدة المواطنين من اجل فهم حقوقهم»، قال ناشط في جمعية في القاهرة واعتبر أن الحكومة المصرية تحاول ضرب المنظمات السياسية قبل الانتخابات للبرلمان التي لم يتحدد موعدها والنظام يستخدم حربه على الارهاب كمبرر لهذا. على سبيل المثال تم اجهاض خطوات حركة الاحتجاج التي كانت تنوي التظاهر ضد الغاء إدانة الرئيس المعزول مبارك. وقد امتلأت شوارع القاهرة والاسكندرية بالجنود ورجال الشرطة الذين قالوا إنهم لن يترددوا في تفريق المظاهرات بالقوة اذا لزم الامر.
وفيما يتعلق بسيناء فان السيسي يحاول تهدئة رؤساء القبائل هناك الذين تضرروا بشكل مباشر سواءً من هدم الانفاق الى قطاع غزة أو هدم أكثر من 900 بيت على طول الحدود في رفح. وقد التقى في هذا الاسبوع لثلاث ساعات مع مجموعة كبيرة من زعماء البدو الذين قالوا له وبأدب إن الحكومة لم تنفذ وعودها الكثيرة وبأن التعويض لاصحاب المنازل التي تم هدمها لا يكفي لاستئجار شقة بديلة، وعن غياب الخطط لاقامة المصانع، وإن وزارات الحكومة في سيناء تفضل تشغيل موظفين وعمال يصلون من القاهرة على سكان المنطقة. السيسي قدم للبدو تقريرا حول خطط الحكومة لتطوير شبكة المياه والكهرباء، ولكن من المشكوك فيه أنه استطاع اقناعهم.
يُقلدون اسرائيل
لا توجد بشائر لسكان غزة ايضا من الحكومة المصرية. فمعبر رفح ما زال مغلقا ولن يُفتح ما دامت الحرب على الارهاب مستمرة. مصر التي تحظى في الوقت الحالي بتفهم السلطة الفلسطينية تتجاهل الضغط الشعبي من اجل فتح المعبر على ضوء حقيقة أن الغرب ليس معنيا بالأمر. والنتيجة هي وجود تقاطع مصالح غير معلن بين اسرائيل ومصر يؤدي الى التعاون الأمني الكبير في العمل ضد حماس.
وحسب مصادر مصرية فان مصر قد تقلد الاجراءات الأمنية التي استخدمتها اسرائيل على طول الحدود مع قطاع غزة، واقامة جدارالكتروني مستفيدة بذلك من التجربة التكنولوجية الاسرائيلية. هذا التعاون يجد تعبيره في الجهود الدبلوماسية التي تبذلها اسرائيل عن طريق اصدقائها في واشنطن واللوبي اليهودي «ايباك» من اجل تقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية التي تحصل عليها مصر كل عام من الولايات المتحدة.
قانون الحصص الذي تم اعتماده في الكونغرس يضع شروطا صعبة أمام تقديم 1.5 مليار دولار لمصر، إلا أنه حسب تقرير سري لجون كيري، فان السيسي سيحظى بخصوصية لكون مصر تسير في الاتجاه الصحيح وهي محتاجة الى الاموال لمحاربة الارهاب، هذا انجاز كبير لمصر وللضغط الاسرائيلي الذي يتبنى السيسي كحليف استراتيجي. ولا حاجة هنا الى الاشارة أن هذا الحليف لم يتدخل بشكل علني في الصدامات في الحرم، ولم يُسمع صوت مصر حول موت الوزير الفلسطيني زياد أبو عين.
ومع ذلك، فان الدعم المالي الذي ستقدمه واشنطن للقاهرة هو نقطة في بحر الازمة التي تعانيها مصر. عندما التقى السيسي هذا الاسبوع مجموعة من الصحافيين والمحررين الكبار قام باشراكهم في حجم المشكلات الاقتصادية التي تهدد الدولة.
«أنا مضطر الآن الى دفع 40 مليار جنيه مصري لكي أضمن وجود الكهرباء في آب. من أين سأحصل على هذا المبلغ؟ التوفير الذي قمنا به من دعم المحروقات (نحوا من 6 مليارات جنيه) نفد، واذا لم نصل الى نمو بنسبة 7 بالمئة فلن نجد الحل». هذا ما قاله السيسي في حين أنه يفترض أن يزور الصين في 23 الشهر الحالي، وهو يأمل في استقطاب استثمارات صينية بما يعادل 2 مليار دولار. هذه الاستثمارات تنضم الى المنح والقروض بمبلغ 20 مليار دولار التي تلقتها مصر من السعودية والامارات والكويت في العام الماضي. صحيح أن السيسي ظهر كديكتاتور عسكري إلا أنه يظهر الآن كزعيم موالي للغرب ومعتدل ويساعد مصر على إبقاء وجهها فوق الماء.
هآرتس