نتنياهو والملف النووي الإيراني: حميدي العبدالله
في عبارات تفوح منها رائحة التبجح، أعلن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أن تل أبيب قد عطلت التوصل إلى الاتفاق حول النووي الإيراني. وهذا الإعلان تأكيد جديد على مدى تأثير الكيان الصهيوني وجماعات النفوذ المرتبطة به على صانعي القرار في الولايات المتحدة، كما أن هذا الإعلان تأكيد آخر على أن مصالح الكيان الصهيوني، وليس مصالح الشعب الأميركي، هي التي تحدد ماهية السياسة الخارجية الأميركية، على الأقل في منطقتنا, حيث كل شيء يقاس على مقاس ما يخدم وما يضر الكيان الصهيوني.
لكن هل نجح فعلاً نتنياهو والكيان الصهيوني وجماعات النفوذ داخل الولايات المتحدة المدعومة من دول عربية بينها السعودية وفرنسا بتعطيل الاتفاق حول النووي الإيراني بين الولايات المتحدة وإيران؟
في واقع الأمر أن ما تم تعطيله هو توقيع الاتفاق، وليس مضمون ومفاعيل الاتفاق، وهذا التعطيل لأجل وليس بصورة مطلقة، وحتى لو نجحت تل أبيب وحلفاؤها بتعطيل توقيع الاتفاق النهائي إلى ما بعد انتهاء ولاية أوباما رهاناً على مجيء إدارة أخرى أكثر استعداداً للرضوخ للضغوط الإسرائيلية، إلا أن مفاعيل الاتفاق باتت جزءاً من الواقع وجزءاً من المعادلات يصعب تجاوزه وجل ما تستطيع أن تفعله تل أبيب وحلفاؤها هو منع الولايات المتحدة من رفع العقوبات وإبقاء علاقاتها مقطوعة مع إيران، على غرار الوضع القائم الآن في كوبا والمستمر منذ سنوات طويلة.
من الآن وصاعداً ثمة حقيقتان تحكمان مسار الملف النووي الإيراني:
الحقيقة الأولى، وجود الاتفاق الانتقالي وما ينطوي عليه من مفاعيل وإجراءات، إن لجهة إعادة بعض الأرصدة الإيرانية المجمدة في المصارف الغربية، وتحديداً الأميركية، أو لجهة تخفيف العقوبات.
الحقيقة الثانية: أنه بعد الآن لم يعد في متناول تل أبيب وحلفائها، وحتى الولايات المتحدة إن أرادت، فرض عقوبات جديدة تحظى بموافقة مجلس الأمن الدولي لسببين أساسيين، السبب الأول، أن الولايات المتحدة التي رضخت لضغوط الكيان الصهيوني وجماعات الضغط المؤيدة للكيان الصهيوني وفرنسا والسعودية هي التي باتت تتحمل المسؤولية عن الفشل وعدم الوصول إلى اتفاق وليس إيران، ومهما حاولت آلة الإعلام تغيير هذا الواقع فلن تكون قادرة على ذلك. السبب الثاني، أن روسيا ومعها الصين لن تسمح بتمرير أي قرار جديد في مجلس الأمن يشدد العقوبات, أولاً، بسبب تتدهور العلاقات الروسية الأميركية، وثانياً، بسبب عدم صحة مواقف الولايات المتحدة وتحملها المسؤولية عن الفشل بالتوصل إلى اتفاق. وعندها سوف تتحول العقوبات إلى عقوبات على الولايات المتحدة وعلى شركائها واستثماراتها التي تكون قد حرمت من فرص في إيران جراء استمرار العقوبات وذهاب هذه الفرص إلى منافسي الولايات المتحدة، سواء في مجموعة البريكس، أو حتى شركاء واشنطن الأوربيين.
(البناء)