أجراس إنذار… فمتى العمل؟ العلامة الشيخ عفيف النابلسي
ما تزال أجراس الإنذار تُدَقّ كلّ يوم في وطننا ومدننا وقرانا. فهناك جرس يُدقّ لينذرنا من مخاطر التهديدات الإسرائيلية والتكفيرية.
وهناك جرس يُدقّ لينذرنا من مخاطر تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وهناك جرس يُدقّ لينذرنا من مخاطر الانهيار الأخلاقي الذي يضرب أعماق قيمنا الدينية.
وهناك جرس يُدَقّ لينذرنا من مخاطر تفشي ظاهرتي المخدرات والكحول التي تدفع شبابنا وشاباتنا إلى التحلّل والسقوط.
وهناك جرس يُدَقّ لينذرنا من أحزمة الفقر التي تظلّ في بلادنا مادّة للحروب والصراعات.
وهناك جرس يُدقّ لينذرنا من المصارف التي تأكل أموال الناس بالباطل.
وهناك جرس يُدقّ لينذرنا من التغيير الديمغرافي عبر الفلسطينيين والسوريين يهدّد تركيبة لبنان الطائفية الهشة.
وهناك جرس يُدَقّ لينذرنا من الفساد الذي ينخر عظام الدولة التي تكاد تنهار على وقع الخلافات السياسية والتحوّلات الطائفية.
إذاً، نحن ومنذ أن وجدنا على هذه الأرض وأجراس الإنذار تُدقّ لننتبه ونتحسّب ونَحذَر، لكن هذا لا يكفي إنْ لم نعمل لنقاوم كلّ هذه الأمراض والعلل التي تجعل حياتنا تتخبّط بين أزمة وأخرى.
تكاد فلسطين تضيع ونحن لم نفعل شيئاً كبيراً على المستوى العربي لنحافظ عليها، بل تتجه الأمور إلى تسويات وصفقات رائدتها في هذه المرحلة المملكة السعودية، ما يعني أنّ الخطر الإسرائيلي ما عاد خطراً والقضية الفلسطينية ما عادت من مختصات العرب وشؤونهم. ويكاد بلدنا يتفكك من جراء الفساد والطائفية والمحسوبيات، لكن لا أفق لتغيير يرفع كلّ هذه الأوضاع الكارثية.
قال أصحاب السلطة، ومنذ الطائف حتى اليوم، إنهم يريدون بناء دولة، ولكن الأيام تكشف تورّطهم في فضائح مالية واقتسامات للمغانم وتوزيع للحصص.
ورفعوا شعارات عادلة ولكن النظام الاقتصادي الذي عمّموه رسّخ الاحتكارات وجعل الفارق بين الفقراء والأغنياء كبيراً وحمى طبقة أصحاب رؤوس الأموال والمصارف فيما شرائح وفئات المجتمع تئنُّ من عبء الضرائب ومتطلبات الحياة.
فمتى ننتقل من حالة ناقوس الحظر إلى حالة الفعل والعمل للوصول إلى السيادة والحماية والاستقرار والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
متى تتعمّم ثقافة المقاومة لتصبح منهج حياة لمكافحة كلّ آفة وكلّ عدو يريد بمجتمعنا شراً!
متى يصمت ناقوس الخطر ويبدأ صوت العمل؟
(البناء)