إسرائيل وروسيا: أهمية الحفاظ على العلاقة: يوسي بيلين
اللقاءات السرية التي جرت مع الملك حسين، ملك الاردن، كانت تتم في العادة في ايام السبت في قصر اللورد مشكون في بريطانيا. وقد كان الملك يصل مع رئيس حكومته زيد الرفاعي أو وزير البلاط. أما أنا فكنت أصل مع شمعون بيرس، بداية كرئيس حكومة الوحدة وبعد ذلك بصفتي قائم بالاعمال ووزير للخارجية.
في يوم الأحد في الصباح كنت أضع الامور أمام القائم باعمال رئيس الحكومة اسحق شمير الذي كان يفحصها. وذات مرة سألته عن انطباعه من هذه اللقاء ولا سيما اللقاء الاخير وأجاب بطريقته «هذا جيد. السلام لن يأتي من هذا لكن من الجيد الالتقاء».
على خلفية اللقاءات المتواصلة بين رئيس الحكومة نتنياهو وبين الرئيس الروسي بوتين، أشعر قليلا مثلما شعر شمير (الذي اخطأ بالنسبة لفرص السلام مع الاردن). روسيا بوتين ليست قوة عظمى دولة، لا بقدرتها الاقتصادية ولا بقدرتها العسكرية. لم تكن ديمقراطية حقيقية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وانتقالها إلى اقتصاد السوق الحرة كان أكثر من أي شيء خصخصة وسائل الانتاج في صالح من أصبحوا أثرياء بسرعة والذين يسيطرون على الدولة.
لكن روسيا ما زالت دولة هامة مع قدرات عسكرية لا يجب الاستخفاف بها ومواطنون مثقفون هم ذخر هام لكل دولة. وحتى لو كان هناك يائس من الولايات المتحدة وهو يريد استبدالها في لحظة، فلا أحد يعتقد بشكل جدي بأن روسيا تشكل البديل، وهي الدولة العسكرية وصاحبة الاقتصاد الضعيف.
إن البديل الوحيد للولايات المتحدة القوية التي تتدخل في شؤون الشرق الاوسط هو الولايات المتحدة الاقل قوة التي تتدخل بشكل أقل في الشرق الاوسط. لكن روسيا قادرة على «تخريب الحفلات» والتشويش علينا كثيرا. إن دعمها لمحور إيران ـ سوريا ـ حزب الله هو أمر يضر بنا. وهذا من غير الحديث عن التصويت الدائم والمناهض لإسرائيل في الامم المتحدة.
القناة المفتوحة بين إسرائيل وروسيا تهدف حسب رأيي إلى منع الاسوأ. منع الصدام العسكري في الموضوع السوري ومنع تسلح إيران الخطير ومحاولة فهم سياسة روسيا في الامور الهامة لنا وبالعكس ـ أن نشرح للقيادة الروسية توجهنا (لقد شرح نتنياهو لبوتين لماذا كان مهما لنا عدم التنازل عن الجولان إلى الأبد حتى لو كان بوتين يرفض ذلك ويستمر في التفكير بأن على إسرائيل التنازل عن الجولان في اطار اتفاق السلام).
ليس هناك لإسرائيل مصلحة في تعميق التدخل الروسي في الشرق الاوسط. ولكنها لا تستطيع منع ذلك ايضا. واذا كانت روسيا تتدخل (للتغطية على فشلها في الداخل ولاظهار أنها قوة عظمى أو لأي سبب آخر)، فمن المهم، كما قال شمير عن النقاشات مع الملك حسين قبل أكثر من 30 سنة، أن يكون هناك اتصال وضمان علاقات جيدة قدر الامكان بين الدولتين.
إسرائيل اليوم